ترسخ الثقة بين فئات المجتمع..«الجمهورية الجديدة» تتزين باستراتيجية حقوق الإنسان

الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان
الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان

كتب: أحمد جمال

أكملت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي دشنها الرئيس عبدالفتاح السيسى، السبت الماضي، الصورة الزاهية للجمهورية الجديدة التى ظهرت ملامحها من خلال النجاحات التي حققتها الدولة المصرية في المجالات السياسية والدبلوماسية والعسكرية لتلحق بها استراتيجية بناء الإنسان التي تتضمن تعريف المواطنين بحقوقهم وواجباتهم وتعزيز المفاهيم التي تضمن جودة الحياة وتفتح آفاقا واسعة للتقدم عبر القوة الناعمة المصرية.


تعد الإستراتيجية الجديدة أول خطة وطنية متكاملة وطويلة الأمد فى مجال حقوق الإنسان وتهدف للنهوض بجميع الحقوق والحريات في مصر من خلال تعزيز واحترام الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتغلب على التحديات المتراكمة والتصدى لأوجه النقص القائمة فى المشهد العام فى مصر.

فقد دخلت مصر مرحلة جديدة قائمة على الثقة المتبادلة بين الجهات الحكومية والمواطنين ومنظمات المجتمع المدنى لتجسد صورة كاملة يتناغم فيها كل الأطراف المسئولة عن تقدم المجتمع بما يضمن النجاح فى باقى الأطر المجتمعية والاقتصادية والرقمية المتطورة التى تقوم عليها الجمهورية الجديدة.

وترسم الإستراتيجية رؤية وطنية وقناعة ذاتية للنهوض بحقوق الإنسان، وذلك من خلال تعزيز واحترام وحماية كافة الحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الواردة بالدستور وبالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التى شاركت مصر فى صياغتها، وتؤكد حرص الحكومة على إعلاء حقوق الإنسان كمكون محورى فى مشروعها التنموى الشامل بالتناغم مع استراتيجية التنمية المستدامة مصر 2030.

تسد الإستراتيجية الجديدة الثقوب التي تنفذ منها التقارير المغلوطة الموجهة ضد الدولة من قبل منظمات حقوقية دولية ممولة سياسيًا، وتدحض أكاذيب جماعة الإخوان التى تبنى مغالطاتها على الحالة الحقوقية المصرية، وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك على أن هناك خطوات مهمة اتخذتها الحكومة وتمضى فيها بعد الإعلان عن الاستراتيجية وأثناء تنفيذها خلال الخمس سنوات المقبلة لقطع الطريق على أي مؤامرات تستهدف استقرار الدولة وتشويه نجاحاتها من البوابة الحقوقية.

وقال سامح شكرى وزير الخارجية، إن اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، حرصت منذ مطلع عام 2020 على منح أولوية لإعداد الاستراتيجية واستكمال الهيكل المؤسسى للأمانات الفنية وصياغة خطة العمل، وتوفير الموارد البشرية، لافتا إلى أن الاستراتيجية الوطنية الأولى تمثل ترجمة لتوجهات القيادة السياسية نحو الاهتمام بحقوق الإنسان، وتجسد خارطة طريق وطنية جادة لتعزيز الحريات الأساسية وأداة مهمة للتطوير الذاتى فى هذا الشأن.

وتابع سامح شكرى: «عملنا وفق نهج علمى فى إعداد الاستراتيجية ودراسة توصيات المجلس القومى لحقوق الإنسان و30 وزارة وجهة، وحصر الخطط والبرامج والأنشطة المستقبلية ذات الصلة بحقوق الإنسان بجميع الوزارات والجهات المعنية، والتوصيات الختامية من المؤسسات الدولية والإقليمية ذات الصلة، فضلا عن دراسة الاستراتيجية لأكثر من 30 دولة للتعرف على التجارب ذات الصلة.

وتابع وزير الخارجية: لدينا عزيمة على إعلاء كرامة المواطن المصرى، وتحقيق تكافؤ الفرص، وحفظ كرامة المواطن خاصة مع دعم القيادة السياسية، والدولة ماضية نحو دعم حقوق الإنسان، فى ظل قضاء مستقل، وحكومة لا تدخر جهدا لدعم المواطن، وبالتعاون مع المجتمع المدني، وتواصل اللجنة العليا متابعة تنفيذ الاستراتيجية من خلال العمل الوطنى المنسق من أجل تمكين الجميع على أرض الوطن من التمتع بالحقوق الأساسية.

بحسب الدكتور شوقى السيد، المحلل السياسي والفقيه الدستوري، فإن حقوق الإنسان تعد أساس بناء أي دولة وأن بناء الإنسان لن يكون إلا بتعريف المواطنين بحقوقهم والتزاماتهم باعتبار أن العاملين يشكلان منظومة الحقوق والحريات، وأن مساهمة الإنسان في إدارة شئون البلاد وتعريفه بكافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية يعد أحد مكونات بناء دولة ديمقراطية عصرية حديثة.

وأضاف أن الاهتمام ببناء الإنسان ينهض بالدولة إلى آفاق متقدمة، ومن دون أن يكون هناك ثقافة حقوقية فإننا نظل أمام مواطنين نصف متعلمين وأن بداية النهوض لابد أن يكون من خلال خطة شاملة كالتى جرى الإعلان عنها لتنمية مهارات النقد والتفكير وإبداء الآراء والمشاركة فى إدارة شئون البلاد.

وأشار إلى أن الإعلام سيكون عليه دور مهم فى مسألة تعريف المواطنين بحقوقهم وواجباتهم والعمل على توسيع دوائر المعارف والمساهمة فى خلق أجواء مواتية لتعزيز حرية الرأى والتعبير وفي نفس الوقت تشجيع المواطنين على تطوير أدواتهم التى يتعاملون بها فى المجتمع وفق الأسس الجديدة التى تضعها الاستراتيجية.

وأوضح أن الإعلان عن الاستراتيجية جاء فى موعده المناسب بعد أن استقرت الدولة سياسيًا وأمنيًا وأن نجاح الرؤى التى جاءت فى بنودها يتطلب العمل بالتوازى مع المسارات المختلفة على أن يكون هناك ثورة تشريعية من المتوقع أن يقبلها المجتمع لأنها سترتبط بتعزيز وتنمية حقوق الإنسان حتى يكون هناك بيئة صالحة لتنفيذها على الأرض.

تتضمن الإستراتيجية أربعة محاور عمل رئيسية وهي: محور الحقوق المدنية والسياسية، ومحور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومحور حقوق المرأة والطفل والأشخاص ذوو القدرات الخاصة والشباب وكبار السن، ومحور التثقيف وبناء القدرات فى مجال حقوق الإنسان.

وذهب الدكتور صلاح سلام، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، للتأكيد أن الاستراتيجية تعد نقلة نوعية فى تاريخ الحركة الحقوقية المصرية وحدث ترقبه العالم الخارجى والمواطنون فى الداخل، خاصة أن رأس الدولة شارك فى تدشينها، ما أعطى دلالات مهمة على أن هناك إرادة سياسية لتأصيل الكرامة الإنسانية واحترام مبدأ المواطنة وعدم التعرض لحقوق وحريات المواطنين، والتركيز على محور مهم يتعلق بتثقيف وبناء الإنسان فى المجال الحقوقي.

وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تعديل بعض التشريعات المرتبطة بقانون الإجراءات الجنائية والتوصل لبدائل تكنولوجية للحبس الاحتياطى إضافة إلى زيادة الاهتمام بحق الإنسان فى السكن والصحة والتعليم والحياة الكريمة والحق فى العمل والضمان الاجتماعى، بما يتواكب مع الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية وإعلان باريس.

وأشار إلى أن الاستراتيجية تضع مصر فى مصاف الدول التى تستجيب لكافة آليات حقوق الإنسان بما لها من مركز سياسى يتناسب مع تاريخها الطويل لدولة عريقة أصبحت ذات درع وسيف وتكتمل قوتها الناعمة مع الصلبة نحو بناء الجمهورية الجديدة.

وأوضح أن دور المجلس القومي لحقوق الإنسان يتمثل في مراقبة تنفيذ الحكومة للاستراتيجية على الأرض، وهو ما طالب به رئيس الجمهورية الذى يدرك جيداً الدور الاستقلالي للمجلس، على أن يكون هناك تقارير سنوية تعرض على الرئيس ومجلس النواب ورئيس الوزراء بشأن ما توصل إليه، بالإضافة إلى الشراكة مع منظمات المجتمع المدنى والإعداد لأن يكون عام 2022 عاماً للمجتمع المدني.

وشدد محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، على أن إطلاق الاستراتيجية في حضور رئيس الجمهورية يؤكد التزام الدولة بتحقيق ما ورد فيها من مبادئ ومحاور، وأن الرئيس كان واضحًا فى التكليفات التى وجهها للحكومة واللجنة الدائمة لتنفيذ ما جاء فيها وننتظر أن يجرى ترجمة التكليفات إلى قرارات تنفيذية على الأرض تحديداً على مستوى الحقوق السياسية والحريات بعد أن خطت مصر خطوات مهمة فى ملف الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.

وأضاف أن إعلان الرئيس السيسى عام 2022 عاماً للمجتمع المدنى يؤكد على أنه سيكون هناك كشف حساب لما نفذته الحكومة بعد مضى عام على إطلاق الاستراتيجية حتى تكون هناك رسائل قوية للداخل والخارج مفادها أن مصر حريصة على تطبيق المعايير الدولية للحقوق والحريات.

وأوضح أن ما جرى الإعلان عنه هذا الأسبوع ثمار جهد استمر لأكثر من عام ونصف من الحوار والنقاشات الفاعلة بين الحكومة والمجتمع المدني، وأن الجميع ينتظر النتائج، وهناك إجماع محلى ودولى على أهمية الخطوة التى تبرهن على أن الدولة تلزم نفسها بكل ما يتعلق بتطبيق المعايير الحقوقية التى تتماشى مع المعاهدات والالتزامات الدولية.

وقال طارق زغلول عضو المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: إن الاستراتيجية تعد على رأس مطالب التى نادت بها المنظمات الحقوقية خلال الفترة الماضية، وأن ما يحلم به المجتمع المدنى تحققت أولى خطواته على الأرض، وهناك آمال عديدة معقودة على أن يكون هناك دراسات مشتركة بين الجهات الحكومية والحقوقية لتطبيق بنودها.

ولفت إلى أن كافة المؤشرات تبرهن على أن الدولة وضعت أسس الجمهورية الجديدة وتعمل على إزالة السلبيات السابقة وتقوم ببناء إيجابيات بديلة لها، وهو ما وضح من خلال مبادرة حياة كريمة والاهتمام بالفئات المختلفة فى القرى والنجوع، إلى جانب المبادرات الصحية والمجتمعية التى تساهم فى تحسين جودة الحياة المعيشية.