الادب الافغاني

«الموناليزا الأفغانية» لاجئة.. حكاية أشهر صورة غلاف أواخر القرن العشرين

ستيف ماكورى  المصور بين موناليزا اليوم والأمس
ستيف ماكورى المصور بين موناليزا اليوم والأمس

كتبت: فاطمة على

إنها واحدة من أشهر الصور التي ظهرت في أواخر القرن العشرين  لفتاة صغيرة تحدق بعيون خضراء واسعة بشكل مذهل وتحدق بحدة في الكاميرا أمامها .. تبلغ الفتاة من العمر 12 عامًا  ترتدى حجاب أحمر وكلما أطلت النظر إلى عينيها  الحدقتين الواسعتين كلما شعرت أن نظرتها تقع فى مساحة حادة  بين المفاجأة والتحدي .. 


 الصورة لفتاه اسمها «شربات جولا» مواليد 20 مارس 1972 بالبشتون الأفغانية .. وقُدر لها أن تكون أحد شواهد الصراع الممتد فى أفغانستان منذ أن أطلت بعيونها الخضراء على العالم من فوق غلاف المجلة العالمية الشهيرة « ناشيونال جيوجرافيك» فى شهر يونيو 1985  بعدسة المصور «ستيف ماكوين» .. التى التقطت صورتها أثناء تغطيته الصحفية للاحتلال السوفيتى لأفغانستان .. واعتبرت صورته عن «جولا» صورة تقول رمزياً كل شيء عن أفغانستان بسحرها وجمالها وبؤسها فى نفس الوقت .. و الفتاة التى التقطت صورتها لم يكن معروف اسمها فى ذلك الوقت .. وكل ما عُرف عنها  أنها لاجئة «بشتوية»  التقطت صورتها أثناء وجودها فى مخيم «ناصر باغ» فى بيشاور الباكستانية للاجئين بعد أن فرت من الغزو الروسى لوطنها الأفغانى ..  وبدت صورتها فوق المجله العالمية أفضل وصف للمحنه التى يعانى منها اللاجئون .. ورغم تلك المعاناه وبعد انتشار صورتها فى الغرب أطلق عليها  رمزياً «موناليزا أفغانستان» تشبها بأشهر لوحات فن عصر النهضة الإيطالية شعبية وشهرة وجمالاً «موناليزا ليوناردو دافنشى» إضافة لما اكتسبت  الفتاة الصغيرة من تعاطف كفتاة لاجئة تعيش فى مخيم بعيد عن وطنها ..


وكلما تجدد الصراع الممتد فى أفغانستان على فترات تعود صورتها للظهور وتتداولها المجلات والصحف حول العالم والحديث عنها كما يحدث الآن .. كما ظلت صورتها لبعض الوقت مُلهمه لعديد من الفنانين لرسمها بألوانهم الزيتية ومختلف الخامات وليس فقد بالكتابة عنها ..
ورغم ما حققته الصورة من شهرة إلا أن «جولا» نفسها لم تكن تعلم شىء عن صورتها رغم أن صورتها

شربات جولا أشهر بورتريه لغلاف مجلة عالمية

كانت مُعلقة فى الأسواق ولم تكن تعرف إنها هى .. ولسنوات اختفت الفتاة تماما حتى قرر مصورها «ستيف ماكورى» البحث عنها من جديد فى التسعينيات ولم ينجح .. وتكررت المحاولة عام 2002 حيث سافر فريق «ناشيونال جيوجرافيك» إلى أفغانستان للبحث عنها مرة أخرى .. وبعد بحث مضن عثروا عليها فى منطقة نائية فى أفغانستان وقد بلغت حينها 30 عاماً وتم الكشف عن اسمها الحقيقى الذى لم يكن معروفاً حتى ذلك الوقت إلا بـ«موناليزا أفغانستان» .. وتم التأكد من هويتها من خلال تقنية التعرف من قزحية العين  بصورة مكبرة أجريت فى جامعة كامبريدج لمناطق العين مقارنه بصورتها الملتقطة عام 1984.. وبعد التأكد من أنها هى بذاتها نفس الفتاة الصغيرة .. تكفلت المجلة بالعلاج الطبى لعائلة «جولا» وأيضاً تكفلت بأدائها لفريضة الحج فى مكة .. وهى حالياً متزوجة وتعيش فى كابول العاصمة فى منزل ضخم مساحته 3000 متر مربع .. 
  .. لكن الآن .. بعد سقوط أفغانستان وكابول فى يد طالبان .. ماذا سيحدث لـ«شربات جولا» .. وكانت قد تعرضت بالفعل من قبل بعد العثور عليها عام 2002 لانتقادات شديدة لأنها سمحت لنفسها بالتصوير ووجهها مكشوف .. وهى منذ سنوات طويلة وهى شهيرة فى وطنها وفى الخارج .. فهل ستخضع كشخصية معروفة وبارزه ليُطبق عليها النظام الاستبدادى لطالبان .. رغم أنها الآن ترتدى البرقع وتخفى وجهها وعينيها ولا ترى العالم إلا عبر النسيج الشبكى المغطى فوق العينين .