يوميات الأخبار

تشرشل وأم ترتر .. والتروللى أبو سنجة

خالد حمزة
خالد حمزة

خالد حمزة

السطور التالية هى مجرد قراءات بعضها من قصص فى مجلات أجنبية والآخر من أرشيف أخبار اليوم ومن قراءات «بوستات» لى ولبعض الأصدقاء وأرجو أن أكون قد وفقت فى كتابتها بأسلوب مختلف وشيق.

قال لى صديقى الذى أكل منه الزمن وشرب مثلى تماما: تصور أننا عشنا وهرمنا عبر عمر طويل جميل وقاسى وشوفنا فيه كتيروقليل. ركبنا الترام القديم من الخشب والحديد من السيدة زينب للعباسية والعتبة واللى يحب النبى يزق. وعاصرنا آخر أيام عهد الريس عبد الناصر؛ وكنا أطفالا صغارا لا نعرف الألف من كوز الدرة. رأينا بأم أعيننا عصر السادات بانتصاراته وانكساراته. وحضرنا حرب اكتوبر. وعاصرنا مبارك وعشنا معه 3 عقود وشهدنا تنحيه. وشاركنا فى ثورتين. وتجرعنا مرارة عصر الإخوان قبل مجىء الرئيس السيسى. شهدنا حرب العراق مع ايران وحرب امريكا فى العراق وخلع صدام. والحرب على الإرهاب وبن لادن فى افغانستان وحريق البرجين فى نيويورك. لبسنا كل أصناف الموضة من الشارلستون والبنطلون الجينز من ماركة سونيتى الشهيرة. وربينا السوالف والشعر على طريقة الهيبز. أكلنا شيكولاتة كوفرتينا وايس كريم على انغام اغانى فرانك سيناترا وكينى روجرز وصافينى مرة لعبد الحليم. وتجرعنا مرارة صد بنت الجيران لحبنا البرىء. وقفنا على الناصية ولعبنا البلى والسبع طوبات وامسك حرامى. استمتعنا بمسلسلات الاذاعة زى سمارة وأنت اللى قتلت بابايا وشنبو فى المصيدة. استمتعنا بفوازير نيللى وشيريهان وفطوطة سمير غانم وبوجى وطمطم. ذهبنا لسيما الدرجة العاشرة والـ 4 افلام فى بروجرام واحد. عاصرنا دلع هند رستم واغراء سهير رمزى وناهد شريف وخفة دم سمعة وهتنزل المرة دى للقصرى ومشاغبين المدرسة والعيال اللى كبروا والشاهد اللى ما شفش حاجة. شفنا شقاوة حسن يوسف وعفرتة احمد رمزى ورومانسية عمر الشريف وفاتن و..و.. قلت له : كفاية كده صحيح عشنا وشفنا.. ولن نتكرر.
عوضك على الله
الأولى.. كان اسمها الست أم ينى. اتولدت فى عهد السلطان حسين كامل بحى اللبان اللى خرج ريا وسكينة بالاسكندرية. كانت يونانية الأصل تزوجت وأنجبت ابنها الكبير ينى. وصار الناس ينادونها بأم ينى ونسوا اسمها الأصلى. واندلعت الحرب العالمية الثانية؛ لتجد نفسها فى حيص بيص مع سفر زوجها متطوعا فى الحرب ومقتله بعد فترة وجيزة. احتارت أم ينى بعد أن أصبحت وحيدة بلا عائل ولا مورد للرزق. ولكنها دبرت أمورها بسرعة فى العمل كخياطة للأجانب وأهل البلد المتريشين. وذاعت شهرتها فى كل أرجاء المملكة المصرية. وجاءها الناس من القاهرة خصيصا. بل وأرسل اليها القصر الملكى للحضور فورا؛ لحياكة بعض فساتين الأسرة المالكة. ولكن مع هجرة الجاليات الأجنبية من مصر فى أوائل خمسينيات القرن الماضى؛ هاجرت أم ينى معهم دون أن تخطر زبائنها بذلك. وجاء الزبائن ليسألوا عن ملابسهم وكانت الإجابة: عند أم ينى!
أما الثانية.. فهى أمراة على أد حالها بس زى المثل البلدى ما بيقول: ست قادرة واسمها أم ترتر. وسميت بذلك لأنها كانت ترتدى المناديل والملابس المدندشة مرصعة بالترتر. وهى نفوسة زوجة عربجى من باكوس من الاسكندرية برضه. كانت تربى الفراخ والبط على سطح منزلها المتواضع. ولما كان ديك من عند الجيران يتجرأ للتلصص على فرخة من فراخها؛ كانت تصادره على الفور وتعتبره ملكية خاصة ثم تقوم بذبحه لزوجها. ولما كان الجيران يسألون عن ديوكهم الضائعة. كانت الاجابة باستحياء وخوف من جبروتها: عند أم ترتر. يعنى ابقى قابلنى.
الراجل اللى باع الترمواى
فى عدد صحيفة أخبار اليوم يوم 3 يناير عام 1948 كان هناك خبر.. عن خروج الراجل اللى باع الترمواى لقروى ساذج من السجن قبلها بيوم واحد فقط. كان اسمه رمضان العبد وعمره لايتجاوز الـ 27 عاما. ترك الدراسة فى المرحلة الثانوية قائلا لواله: معلهش يا ابويا مليش فى التعليم؛ ليمارس موهبته فى النصب الجميل كما قال هو. ورغم أنه كان «نصاب أرارى» الا أنه كان يفتخر بأن بيع الترمواى؛ هو عمله الفنى الأكبر فى مسيرته الميمونة. قال إنه كان يركب الترمواى نمرة 30 من ميدان العتبة؛ وكان يقف الى جواره رجل قروى خام؛ وكان يتأفف من الزحام الشديد. فقال له: إيه الحكاية يا بلدينا. فقال له القروى: أنا أول مرة أنزل مصرما خرجتش من الكفر قبل كده خالص. وعرف منه أنه جاء ليبدأ عملا جديدا بعد أن ضاقت به قريته. وأن معه مالا يريد أن يبدأ به مشروعا كبداية. وهنا بدأ النصاب فى نصب شباكه حول الضحية. عرض عدة مشاريع وهمية على الرجل الذى لم تعجبه ورفضها كلها. فقال له: دوختنى معاك يا بلدينا.. أقولك حاجة ليك لوحدك؟ الترمواى ده بتاعى وعارضه للبيع ولك أنت بـ400 جنيه بس. وأظهر القروى مهارته ودهاءه فقال للنصاب: ده كتير وما يساويش اكتر من 100 جنيه. فرد النصاب ده معروض بألف بس أنت حبيبى واستريحتلك. وبعد أخذ ورد وافق الطرفان على البيع فى مكتب محام صديق للنصاب. وهو نصاب مثله ولا محامى ولا حاجة؛ على البيع بـ80 جنيها كاش والباقى 120 جنيها بكمبيالة لحد ما القروى يلم الايراد. وتم البيع وعاد الاثنان للعتبة. ولما رأى القروى الترمواى 30 قفز قائلا: الترمواى بتاعى! وصعدا معا وذهب النصاب للكمسارى ليوصيه على صديقه اللى هينزل آخر محطة. وظن القروى أنه يوصيه بأن يعطى له الايراد فى آخر

الخط. والقصة بعد ذلك معروفة.. فقد اكتشف القروى بعد جهد جهيد؛ أنه كان ضحية نصاب ماهر. وحرر ضده محضرا فى القسم. ولسوء حظ النصاب أنه كان له سجل حافل لجرائم نصب واحتيال سابقة . فلما رأى القروى صورته صاح: أيوه.. هو ده اللى باع لى الترمواى. وحكمت المحكمة على النصاب وقضى سنتين ونصفا سجينا؛ قبل أن يأتى الصحفى جليل البندارى بأخبار اليوم؛ ليحول القصة الحقيقية لفيلم العتبة الخضراء. قام فيه اسماعيل يس بدور القروى الساذج. وأحمد مظهر بدور النصاب.
الدب أصله أرنب
فى الأدب الشعبى التشيكى قصة جميلة تقول: إنه تم الإعلان فى غابة عن وظيفة أرنب ولم يتقدم لها الا دب فقط . وكانت المفاجأة أنهم قبلوه. وبعد فترة اكتشف أنه يتقاضى مرتب أرنب. وأن هناك أرنبا فى الغابة يتقاضى مرتب دب. وعلى الفور تقدم بشكوى لملك الغابة. أمر بتشكيل لجنة للنظر فى شكواه. وبعد مطالبة اللجنة للدب بتقديم ما يثبت ادعاءاته قالت: ثبت.. أن الدب أرنب والأرنب دب. ولما سألوه: ولماذا لم تعقب أو تستأنف القرار؟ قال لهم: إزاى.. واللجنة التى أصدرت القرار تقول كل الأوراق إنها لجنة من الفهود.. مع أن أصلها من القرود!
حكمة تشرشل
مرة.. اعترض أحد المحتجين موكب تشرشل أعظم رئيس وزراء عرفته بريطانيا؛ وهو خارج من مقر رئاسة الوزراء فى 9 داوننج ستريت بلندن. فاجأه الرجل بقوله: أنت أحمق وغبى. وألقت الشرطة القبض عليه فورا. وفى البرلمان وقف أحد النواب المعارضين ليستغل الموقف ويحرج تشرشل بقوله: لماذا تعتقل الشرطة رجلا لأنه قال عنك كيت وكيت؟ فرد تشرشل بدهاء السياسى: لم تعتقله على ذلك.. بل لأنه أفشى سرا من أسرار الدولة.
لا إحم.. ولا دستور
وأصل تلك المقولة التى صارت قولا يضرب به المثل.. يعود لعهد رئيس وزراء مصر اسماعيل باشا صدقى؛ الذى ألغى دستور 1923 واستبدله بدستور ملاكى عام 1930 وحل البرلمان. ويحكى أن رجلا بسيطا كان يمشى فى الشارع؛ وكح كحة عالية تبعها بـ إحم إحم؛ سمعها خفير الدرك فقال له: تحشم يا رجل وامش فى حالك. فرد الرجل: يعنى لا إحم ولا دستور؟!
مهرب.. عبقرى
هذه القصة حدثت بالفعل فى المنطقة الحدودية بين فرنسا وبلجيكا. رجل فى اواخر العقد السادس من عمره؛ يعبر الحدود كل يوم ذهابا وعودة على متن دراجته. احتار رجال الحدود فى أمره وطالبوا السلطات بكشف سره. استدعوه للتحقيق قال لهم إنه يذهب ليضع الورود على قبر زوجته التى ماتت ودفنها فى بلدتها الصغيرة على الجهة الأخرى. ارتاح رجال الجمارك لإجابته؛ وشاركوه بشراء الورود ليضعها على قبر زوجته. وسارع الناس للإشادة به وبوفائه النادر. ومات الرجل ودفنوه وعادوا لبيته؛ ليكتشفوا أن زوجته توفيت بالفعل؛ ولكن دفنت فى بلدته هو. ولكن المفاجأة الأكبركانت فى ورقة صغيرة وجدوها وفيها كتب: الأغبياء كل هذا العمر؛ ولم يكتشفوا أننى كنت أهرب الدراجات عبر الحدود!
الوضيع
هو: من لوكشفته بجَّح
 ولو واجهته أبَّح
 ولو بعدت عنه لقَّح
ويشوف فين عدوك
 ويقعد معاه ويسبح