حكايات| من تراث الصعيد الجواني.. أقدم معصرة بجنوب مصر «مزار سياحي» 

معصرة بكور
معصرة بكور

كتب: أحمد زنط

 

معصرة بكور بإسنا جنوب الأقصر، أقصى صعيد مصر، باتت أقدم معصرة زيوت في المحافظة، بعمر يمتد لـ240 عاما جعلها مزار سياحي وتراث تاريخي.

 

وهذه المعصرة تعمل بحجر جرانيت يزن 500 كيلوجرام تجره بقرة لطحن 50 كيلو حبوب وتنتج 20 كيلو زيوت دون شوائب؛ حيث دخلت ضمن مشروع اكتشاف أصول إسنا التراثية.

 

ورغم ظهور عشرات الماكينات الحديثة التي تقوم في دقائق بعصر الزيوت المختلفة، إلا أن الصناعة اليدوية لها طابع خاص فتوجد بمدينة إسنا جنوبي محافظة الأقصر معصرة زيوت تعمل منذ أكثر من 240 عاما مضت وهي معصرة أولاد الحاج «ناصر بكور» الشهيرة بإسنا.

 

جدران قديمة ومبنى مكون من غرفتين تم بناؤه بالطوب اللبن بالكاد تشعر أنه يوجد فيه تجارة بالداخل، ولكنه قديماً كان أشهر من النار على العلم، وكان يتوافد عليه الزبائن طوال النهار لشراء الزيوت المميزة التي تم إنتاجها داخل المعصرة التاريخية بالمدينة.

لكن في هذه الأيام توقفت المعصرة لقلة الحبوب والبذور التي يتم طحنها وإخراج الزيوت منها وقلة إقدام الأهالي على الشراء، وهنا يقول الحاج عبدالصبور بكور ابن عم أبناء الحاج ناصر بكور صاحب أقدم معصرة للزيوت في الأقصر: «أرض معصرة الزيوت بشارع الزاويا البيضاء بمدينة إسنا تعود لمالكها (مجلع متى تاضرس) واستأجرها منه جد جدي عبدالرضى أحمد بكور) بسعر قرش صاغ وبعد وفاته انتقلت إلى أبنائه ثم أحفاده»؟

 

الآن بات الحاج عبدالصبور هو المسئول عن إدارة المعصرة؛ حيث يستيقظ يوميا قبل صلاة الفجر ويذهب إلى المعصرة بعد صلاة الفجر لتحول النشاط بها إلى بزار للعطارة بعوامل الزمن والسنين.

 

ويؤكد أن المعصرة التاريخية باقية وموجودة بكل محتوياتها الأثرية وهي قبلة ومزار للسائحين من مختلف جنسيات العالم  وكل بلاد العالم وهو موجود يومياً لتجميع الكميات اللازمة من الحبوب والأعشاب والعطارة البديلة على فترات والكسب من خيرها والحصول على الرزق الحلال للأسرة بأكملها.

 

اقرأ أيضا : حكايات| إحياء صور الموتى.. «الورداني» يسعد القلوب بملامح أحبابهم المفقودة

 

وهذه المعصرة هي الأقدم في الأقصر وصعيد مصر كله؛ حيث كانت تخرج أجود أنواع الزيوت الصحية الجميلة ذات الروائح الطيبة التي لا تستطيع أن تضاهي قوتها الزيوت الحديثة في الأسواق المصنعة بالماكينات وخلافه.

 

أما الزيوت التي كانت تنتجها فأبرزها زيت السمسم وزيت حبة البركة وخلافه والتي تعالج عدة أمراض ومنها السكر والضغط والقولون وغيرها من الأمراض السارية بين المواطنين.

 

وعن خطوات عمل المعصرة التاريخية بمدينة إسنا، يقول صاحب المعصرة إنه يتم وضع الغلة بكمية 50 كيلوجراما تحت حجر الجرانيت في منطقة الطحين التي توجد بها حجر دائرة وذراع خشبي طويل تجره بقرة في شكل حلزوني حتى يتم هرس الغلة، وذلك لمدة لا تقل عن 6 ساعات بمئات اللفات، ويتم وضعها في كميات من إناء الخوص حوالي 12 عبوة.

 

وتنتقل فيما بعد إلى الغرفة الثانية التي توجد داخلها العصارة فهي عبارة عن حجر جرانيت يضغط بقوة حتى يخرج الطحين الزيوت المختلفة وتوضع في أواني مجهزة لذلك بعد تصفيتها بمجرى صغير، قائلاً: «كل 50 كيلو طحين تخرج حوالي 20 كيلو زيوت نقية من الشوائب تماماً».

 

ويرى أن هذه الكمية تحتاج لأسبوع على الأقل ببيعها للمحلات والأهالي والجيران الذين كانوا يحجزونها كل فترة تعمل فيها المعصرة في الزمن الجميل.

 

ويروي الدكتور أحمد حسن أمين مدير عام منطقة آثار إسنا وأرمنت أن المعصرة تعد من التراث التاريخي بمحافظة الأقصر وصعيد مصر فهي بنيت منذ أكثر من 300 سنة وفي فترة ولاية محمد علي باشا وأسرته حكم مصر.

 

والمعصرة تتكون من واجهة وحجرتين كبيرتين، الأولى منها تضم حجر جرانيتي بوزن 500 كيلو جرام دائري الشكل به ذراع عبارة عن عصا خشبية كبيرة، يتم وضع الغلال والبذور أسفل الحجر الضخم، ويتم طحنها بواسطة بقرة تقوم بالدوران في لفات معينة لفترة لا تقل عن 6 ساعات لطحن الحبوب والبذور تماماً لتكون صالحة للاستخراج الزيوت منها، وذل بصورة تجعلها مناسبة لدخول الحجرة الثانية.

 

 وتسمى الغرفة الثانية «بيت الزيت» وهي التي يتم داخلها استخلاص الزيت عن طرق آلة يدوية تتكون من قوائم وعوارض من الخشب المتين المقلوظ، وتوضع أعلاها كمية الطحين ويتم ضغطها بشدة للقرص على الحبال الموضوعة داخلها لكي تنتج الزيوت المصفاة وبها مجرى يقوم بتصفية الزيت من الشوائب أن معصرة الزيوت التاريخية بالأقصر دخلت في مشروع إعادة اكتشاف الأصول التراثية والثقافية بمدينة إسنا.