يوميات الأخبار

العصف والريحان

محمد الشماع
محمد الشماع

بقلم/ محمد الشماع

كان وراء أقوى موقف للمثقفين المصريين أعضاء اتحاد الكتاب، أصدر بيانا غير مسبوق بسحب الثقة من مرسى ومن دستوره الدكتاتورى

الكاتب الكبير والأديب والشاعر والسياسى القدير محمد سلماوي كاتب مهموم بقضايا وطنه، تعددت أشكال كتاباته وإبداعاته بين المسرحية والقصة والرواية، وكتب المقالات التى ساهمت فيها  طبيعته كصحفى كبير مارس كل ألوان العمل الصحفى وشغل منصب رئيس تحرير «الأهرام إبدو» وعاصر أحداثا ومواقف كثيرة فى غاية الصعوبة على مدى تاريخه الطويل.

كما شغل مناصب تنفيذية فى الدولة ومواقع سياسية ونقابية تولاها سواء بالتعيين أو الانتخابات داخل مصر أو خارجها كان يستحقها عن جدارة وأضاف إليها ولم يسع إليها وإنما هى التى سعت إليه، رغم صلابة مواقفه وقناعاته. 

حتى المناصب التى اعتذر محمد سلماوي عن عدم قبولها مثل منصب وزير الثقافة الذى يتمناه ويسعى إليه الكثيرون وهذه حالة غير متكررة فى مجتمعنا كما استقال من مناصب كثيرة عندما لزم الأمر، كما كان وراء أقوى موقف مع المثقفين المصريين أعضاء اتحاد الكتاب قبل رحيل مرسى بأيام حيث أصدر الاتحاد بيانا غير مسبوق بسحب الثقة من مرسى ومن دستوره الديكتاتورى، وتلقى تهديدات إخوانية بلا عدد بسبب مواقفه. 

أحداث مصر 

نتأكد من كل ما سبق فى كتابه الرائع الجديد «العصف والريحان» حيث يواصل الكاتب الكبير نسيج الضفيرة الممتعة التى تربط بين حياته الشخصية والأحداث الوطنية الكبرى التى شكلت تاريخ مصر فى الفترة من استشهاد الرئيس السادات عام ١٩٨١ وتولى الرئيس مبارك إلى قيام ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ وصعود وسقوط حكم الإخوان، ثم إقرار دستور ٢٠١٤ الذى شارك فيه سلماوى فى كتابته وكان المتحدث الرسمى باسم لجنة الخمسين التى وضعت الدستور، كما يسرد لنا الكاتب الكبير روايته من منظور شخصى يعنى بالتفاصيل الإنسانية التى كثيرا ما تغفلها كتب التاريخ فيمضى بنا من خفايا بيروقراطية العمل الحكومى حين كان وكيلا أول لوزارة الثقافة إلى الصراعات التى احتدمت على إثر فوز أديبنا الأكبر نجيب محفوظ بجائزة نوبل ومن كواليس معارك الرقابة مع عروضه المسرحية، إلى المواجهات العاصفة التى شهدتها الجلسات السرية للجنة الدستور وقد أتاحت له المواقع المختلفة التى تبوأها أن يعايش تلك الأحداث التاريخية ويتفاعل معها على المستويات السياسية والثقافية والصحفية على حد سواء.  

الكاتب القدوة 

تميز أسلوب الكاتب الكبير محمد سلماوى بالسهولة المحببة للقارئ، لكنه السهل الممتنع، ينطلق من الواقع ويعود إليه حتى عندما يتناول موضوعات تبدو تاريخية مثل مسرحية «سالومى». وإضافة إلى التأليف أخذته بعض الأعمال الفرنسية إلى غواية الترجمة فترجم رواية الكاتب ايريك إيمانويل شميث التى تحولت إلى فيلم سينمائى قام ببطولته النجم عمر الشريف وهى رواية تدعو إلى التسامح. 
 كما أضاف سلماوى مؤخرا ترجمته لرواية الأمير الصغير الشهيرة فى كل لغات العالم ليؤكد باختياراته هذه أن الكاتب والأديب عندما يترجم فإنه يترجم الأعمال التى تتوافق مع رؤيته ورسالته وتدعمها. 
 كتاب المذكرات «العصف والريحان» كتاب رائع لشخصية مصرية، وطنية عظيمة أقدمها لشباب مصر لتكون لهم قدوة فى التفانى فى حب الوطن والحفاظ عليه والدفاع عنه.  

هنا أو هناك 

رفعت النهضة شعارات ناقدة للفساد السياسى والاقتصادى الذى صاحب تحلل الدولة تحت سيطرة زين العابدين بن على كانت الشعارات براقة، وكان النقد مريرا، وكانت الآذان صاغية والقلوب متعاطفة مع توجهات الإسلام السياسى ولكن حين صعد الإسلام السياسى إلى السلطة فى تونس كما فى مصر تبين أن تلك الشعارات البراقة عن الفضيلة والنماء هى شعارات مدهونة بالزبدة، لم تلبث أن ساحت تحت وهج السلطة وتبين أن الإخوان فى مصر كما فى تونس لا يملكون مشروعا سياسيا ولا رؤية اقتصادية فهم هنا أو هناك خطباء جوامع يعلو صوتهم بالفضيلة. 

لكن تلك الشعارات تتبدد مع لفات مراوح المسجد. 

قوانين إخوانية 

ذلك ما حدث عندنا كما حدث عندهم، فقد ترأس الإخوان وشكلوا الأغلبية فى البرلمان التونسى، وبالتالى منحوا الثقة لوزارة موالية لهم، والدستور الذى صاغوه بمعرفتهم فى تونس يعطى رئيس الوزراء حق إجراء أى تغيير وزارى دون الرجوع إلى رئيس الجمهورية، يكفيه أن يحصل على ثقة البرلمان، الذى أصدر قوانين متعددة تعطى امتيازات وحقوقاً لأعضاء الجماعة الإخوانية فقط وبالتالى أصبح زيت الحكومة فى دقيق البرلمان والكل بنعمة الله إخوان، وليجد قيس سعيد نفسه عاجزا عن إنفاذ قراراته السياسية أمام سطوة البرلمان الإخوانى وهيئة الوزارة التابعة فتتحرك الدولة التونسية دون رؤية أو مشروع، وتأتى أزمة الكورونا لتضيف إلى الكساد التونسى كسادا آخر فترتفع نسبة الفقر ويزداد حجم البطالة، وأهل تونس أعزكم الله يملكون خبرة سياسية جعلتهم يتجمعون فيما أطلقوا عليه -تنسيقيات- وهو شكل من البناء الحزبى له وزن فى الحركة العملية.

 لذلك كان الوضع فى تونس على وشك الانفجار، حركة جماهيرية تتحرك تعبر من التنسيق فى مواجهة سلطة متجمدة متبلدة منحازة إلى مصالح أفرادها، ولولا الإجراء الذى اتخذه الرئيس قيس سعيد لتجميد سلطة البرلمان التى هى مجمدة أصلا لكان الوضع فى تونس على وشك الانفجار فقد استغل قيس سعيد بعض صلاحياته الدستورية لكى تجنب تونس صداماً مروعاً.

وماذا بعد؟ 

بالتأكيد الرئيس قيس سعيد يملك رؤية سياسية واقتصادية تعتمد على تشكيل قطار التنمية فى اتجاه الإنتاج الفعلى، ورفع نسبة التشغيل للقضاء على البطالة وتحقيق مداخيل اقتصادية للأفراد بما يقلل من معدل الفقر فى تونس، كما أن الرئيس قيس سعيد لن يكتفى بالمبادرات السياسية والحرب الكلامية مع فلول النهضة. 

شعارات وسلوك! 

ذلك ما سوف تكشف عنه الأحداث فى مقتبل الأيام وإن كان هذا التسارع فى الأحداث فى تونس قد كشف عن الكثير من التناقضات داخل حزب النهضة والتى تمثلت فى توجيه إلى قيادة راشد الغنوشى الدكتاتورية ومن التناقض الذى يمثله الغنوشى بين الشعارات وبين السلوك الذى تمثل فيما أعلن عنه المعارضون من أن الغنوشى الذى كان يحرض الشباب على التطوع والذهاب إلى سوريا، لم يفعل ذلك مع ابنه الذى يعيش فى الخارج فى بحبوحة، ورغم أن هذا النقد الموجه للغنوشى هو نقد شخصى لأن التنظيمات الإسلامية تتمحور حول أشخاص وقد عودتنا ألا تقدم نقدا ذاتيا يساهم فى تطويرها. 
 تبقى الكرة الآن فى ملعب الرئيس قيس الذى سجل الهدف الأول، ولكن هل يستطيع الفوز بكل المباراة؟، وذلك يتوقف على منهجه فى التعامل مع الأزمات الموضوعية وليس مع شعارت الإسلام السياسى. 

 مواقف وآراء  
ـ
التوظيف السياسى لحقوق الإنسان.. مرفوض. 
ـ سداد الضرائب مقدم على  التبرعات. 
ـ الحكومة بتطنش الصحافة وتدلع الفيس! 
ـ الإسلام السياسى  تجارة بالدين 
ـ من ينقذ المواطن من الموظف! 
ـ كانت العشوائيات فى خدمة السينما فلماذا لا تكون السينما فى خدمة مجتمعاتنا الجديدة؟! 
ـ ليس كل ما يقال يستحق الرد.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا