التقزم والوجبة المدرسية.. الدولة تتحرك لإنقاذ صحة أطفال مصر

الكشف عن التقزم
الكشف عن التقزم

◄ نبيه عبدالمجيد: الوجبة المدرسية تكميلية مع التغذية المنزلية


◄ أمل محمود: التقزم من الامراض غير الرجعية فان لم تعالج فى سن مبكر لا تعالج بعدها


 

يعاني عدد كبير فى مصر من التقزم، وصلوا لأكثر من 200 ألف مصري، ويأتي السبب في ذلك إلى نقص التعظم الغضروفي ونقص في هرمون النمو أثناء فترة الطفولة والذي يتم إفرازه بواسطة الغدة النخامية، ومن هنا يولدون أقزام.

وجاءت تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، التي أطلقها خلال افتتاح المدينة الصناعية الغذائية «سايلو فودز»، عن سوء تغذية الأطفال في المدارس وتسبب ذلك في الغصابة بالتقزم، ليدق باب الأزمة من جديد .. 

 

ترصد «بوابة أخبار اليوم»، كيف أثرت الزيادة السكانية غير المنضبطة على زيادة معدلات سوء التغذية في مصر وخاصة في المدارس ..


بداية يقول الدكتور طارق توفيق نائب وزيرة الصحة والسكان لشئون السكان، إن الزيادة السكانية غير المنضبطة أصبحت تمثل التحدي الأكبر أمام الدولة للحفاظ على ما تحقق من تحسن في الاقتصاد المصري، مشددًا على أن ضبط الزيادة السكانية مسؤولية متكاملة تحتاج إلى تكاتف جميع الجهات لمواجهتها باعتبارها مشكلة قومية ووفقاً لتعداد مصر لمؤشرات سوء التغذية الناتج عن المجلس القومي للسكان، فإن طفل من كل 3 أطفال دون الـ5 سنوات يعانون من التقزم، بينما يعاني طفل من كل 10 أطفال دون الـ4 سنوات من النحافة، وقلة القدرة الحركية والإنتاجية والتحصيل المدرسي والإصابة لاحقاً بالسمنة.

 

ويعاني طفل من كل 3 أطفال دون الـ5 سنوات من الأنيميا وفقر الدم وقلة التحصيل المدرسي وتأخر النمو الذهني، وتعاني سيدة من كل 4 سيدات في عمر الإنجاب من الأنيميا وفقر الدم، بينما يعاني 4 سيدات من كل 10 سيدات يرضعن رضاعة طبيعية أول 5 شهور، لسوء التغذية والأمراض المعدية ونقص المناعة.

 

اقرأ أيضا|

فيديو| الطبيب «قاهر التقزم»: قالوا لي «مينفعش تبقى دكتور»

 

 

كما يقول دكتور عمرو حسن مقرر المجلس القومي للسكان السابق، أنه ثبت وجود علاقة مؤكدة بين زواج المراهقات والتقزم عند أطفالهن، حيث بلغت نسبة التقزم فى الأطفال المولودين للمراهقات، منهم يعانون من التقزم  الشديد.

 

وفي تقرير لمنظمة الصحة العالمية عن الآثار السلبية للزواج المبكر، أوضحت الدراسات أن أكثر من 80% من الزوجات المراهقات لا يستخدمن خدمات الصحة الإنجابية مثل تنظيم الأسرة ومتابعة الحمل ما يعرضهن للحمل غير المرغوب فيه والحمل المتكرر ومن ثم زيادة عدد الأبناء في الأسرة خلال سنوات قليلة إضافة إلى أن الحامل المراهقة معرضة أكثر لمضاعفات الحمل مثل ارتفاع ضغط الدم وتسمم الحمل بنسبة 20%، مقارنة بالحوامل فى سن العشرين وترتفع لديهن احتمالات الإصابة بالأنيميا والالتهابات بأمراض سوء التغذية إلى الضعف.

 

رقم ضخم
الدكتور نبيه عبد الحميد مدير المركز المصرى لمعلومات سلامة الغذاء، والمدير الأسبق لمعهد تكنولوجيا الأغذية، أكد أن فى بعض المحافظات تصل نسبة تقزم الأطفال بها إلى 35 % من أطفالنا "متقزمين" بسبب سوء التغذية .

 

ما يباع من سناكس الاطفال بمختلف أنواعها وأسعارها، غير متوازنة وخطيرة جدا، ومشبعة بالسكريات الضارة، وتصنع فقط للتجارة، وهذا وفق تأكيد مدير المركز المصرى لمعلومات سلامة الغذاء.

 

هذه المنتجات للأسف تباع داخل المدرسة، لذا طالب دكتور نبيه أن تكون هناك نظرة على "كانتينز" المدارس، ويضع لها سيستم مقبول من جهة رقابية سليمة، وأن يكون بها منتجات سليمة متكاملة العناصر الغذائية، لافتا الى ان هذا مسئولية الوزارة، معلقا على انه لدينا مشكلة فى تنوع الوجبة، بالاضافة الى انها لم تخرج من المصانع منذ سنتين بسبب كورونا، مشددا على ان اى شئ مجهول المصدر لابد من عدم تداوله فى السوق على الاطلاق، ويتم التعامل معها على انها جناية، منوها انه كانت هناك دراسات من  2004 و2006 حول انتشار هذه المنتجات وتأثيرها على الصحة، وارتباطها بالتقزم  لدى الاطفال، قائلا "ولكن لم يتم عمل دراسات حديثه عن هذا وان كانت بالطبع النتائج ستكون أسوأ".

 

الوجبة المدرسية

وعن الوجبة المدرسية أوضح أنها لابد أن تكون متكاملة وبها عناصر عديدة لتكون مفيدة للطفل، ويكون بها لبن بودرة وبيض ودقيق مدعم بالحديد، لافتا إلى أن معهد تكنولوجيا التغذية يتولى الإشراف على 14 مصنع تابعين لوزارة الزرعة من المصانع المعنيين بانتاج التغذية المدرسية، لضمان خروجها بالمعايير الصحية السليمة للطفل.
 


منوها ان التغذية السليمة لاتعتمد فقط على الوجبة المدرسية، فالتقويم مشكلة تبدأ من عمر سنتين، ومن قبلها تغذية سليمة للأم أثناء فترة الحمل، وتغذية سليمة الطفل حتى وصول سن خمس سنوات، مالمشكلة تبدأ من الحمل وبعد الحمل، فتغذية الام والطفل مهمة جدا، ويكون بالرضاعة المستمرة حتى ستة أشهر، وبعدها يمكن إدخال بعض الأغذية الخفيفة معها، ولابد أن تكون الأغذية متوازنة، فاكهة وخضروات تغذية مع ألبان، مختتما "ونحتاج الى توفير المنتجات الغذائية الطازجة التى تحتوى على كل العناصر المطلوبة بالاسعار التى تناسب إقتصاد الأسرة".


دكتورة امل محمود اخصائي تغذية، أوضحت أن الوجبة المدرسية تعطى الطفل ٣٠٪ من احتياجاته من الطاقة والباقى يكون من خلال ماتقدمه له الأسرة من تغذية، لافتة إلى أن التقزم مشكلة تبدأ مع البنت فى التغذية من مرحلة بعد البلوغ وأن تكون ام بعدها.

 

مؤكدة أن التغذية يجب أن تكون سليمة، وتغذية الطفل نفسه مهمة فى مرحلة التأسيس، لأن هناك أمراض غير رجعية، إن لم تعالج قبل سن الست سنوات لا يمكن معالجتها بعد ذلك، ومنها التقزم  والانيميا، مختتمة "فالبداية من آلام ومن تغذية الأسرة، فمن سن ٦ أشهر تقدم للطفل الوجبات البسيطة المفيدة له بجانب الرضاعة".

 

وبرغم حملات التوعية بتحديد النسل والبرامج الرئاسية لـتنظيم الأسرة والتي تشارك فيها أكثر من وزارة لتقليل الزيادة السكانية، واهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسي بمشكلة التضخم السكاني، إلا أن مصر مازالت تواجه تحديات سكانية تسببت في زيادة معدلات سوء التغذية للأطفال والنساء وهو ما يعرف بالتقزم.

 

اقرأ أيضا|

بالصور.. انطلاق حملة العلاج المبكر لطلاب المدارس من السمنة والتقزم 

 

أطعمة أقل قيمة

وفي نفس السياق، ترى الدكتورة مايسة شوقي، رئيس قسم الصحة العامة وطب المجتمع ونائب وزير الصحة للسكان سابقاً، أنه كلما زاد عدد أفراد الأسرة كلما قل شراء الطعام الصحي المغذي والبروتين الحيواني، بسبب ارتفاع أسعاره، وبالتالي تلجأ الأسرة إلى أصناف أخرى من الأطعمة أقل في القيمة الغذائية وذات سعرات حرارية كبيرة، ما يسبب السمنة المفرطة إحدى علامات سوء التغذية، منوها على دور برامج «الطبخ» التي يجب عليها نشر أهمية القيمة الغذائية في الأطعمة المقدمة للأسرة والفرق بين ذي قيمة غذائية وذي سعرات حرارية كبيرة، والبدائل لإعدادها، فمثلا بديل الفراخ واللحمة والسمك، يمكن إدخال البيض مكون غذائي أساسي في الطعام، إضافة إلى اللبن والبيض والزبادي والجبنة، أو منتجات الفول الصويا ذو قيمة غذائية عالية يقترب من معدل بروتينات اللحمة.

 

وتوضح شوقي الأضرار اللاحقة بسوء التغذية، كالأنيميا - فقر الدم- بسبب نقص الحديد من الطعام، والتقزم عند الأطفال وهي من الأمراض الشائعة في الطبقات المتوسطة والفقيرة.

 

كما تقول الدكتورة شيري نبيل بـ كلية طب القصر العيني واستشاري تغذية علاجية، أن مصر ضمن 36 بلداً يتركز فيها 90% من عبء سوء التغذية العالمي، ومعدلات التقزم بين الأطفال دون الخامسة وصلت إلى 21% و الأنيميا (فقر الدم) وتمثل تحديًا كبيرًا في مصر، حيث تؤثر على 72،2%، من الأطفال دون سن الخامسة و25% من النساء في سن الإنجاب (15-49 سنة). وأضافت نبيل، أن فقر الدم أثناء الحمل أحد الأسباب الرئيسية لفقر الدم عند الرضع والأطفال، ويمكن ملاحظة العبء المزدوج لسوء التغذية في ظل وجود حالات نقص التغذية إلى جانب زيادة الوزن.

 

وأشارت نبيل إلى أن الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن أكثر عرضة للأمراض غير المعدية مثل مرض السكري وأمراض شرايين القلب التاجية ونقص المغذيات الدقيقة.

 

كما أن سوء التغذية يزيد من تكاليف الرعاية الصحية، ويحد من الإنتاجية ويبطئ النمو الاقتصادي، ما قد يؤدي إلى حلقة لا نهائية من الفقر واعتلال الصحة.

 

وأكدت الدكتورة ليندا جاد الحق استشاري التغذية العلاجية، على الجهل الغذائي والصحي لدى المواطنين والذي يسبب سوء تغذية، من خلال تباع الأمهات والأطفال عادات غذائية غير صحية، إضافة إلى أن بعض الأسر تكثر من الإنجاب وعدم تنظيم النسل معتمدين على العيش والفول والطعمية المتاحين طيلة الوقت ورخص ثمنهم، قائلة «لازم نفهم إن العيش مش بيخلي الناس صحتهم كويسة».

 

وشددت ليندا، على أهمية تقديم الخضار والسلطة، الجبن كبديل للبروتينات اللحمة والفراخ، والابتعاد عن اللحوم المصنعة مثل اللانشون والبسطرمة والبلوبيف، لأنهم كارثة صحية ويسببوا سرطانات، بجانب الاعتماد على تقديم الطعام مشوي أو مسلوق وتقليل القلي والزيوت لتحسين التغذية لدى المواطنين.  

 

ونوهت استشاري التغذية العلاجية، أن نسبة الأنيميا وفقر الدم كبيرة لدى السيدات بسبب الولادة والرضاعة والحمل الكثير، الذي يأخذ من تغذية الأم، بينما يسبب سوء التغذية التقزم لدى الأطفال بسبب الاعتماد على الوجبات السريعة والبعد عن الخضروات كالجرجير والسبانخ.

 

تكرار عمليات الحمل والولادة

ويؤكد الدكتور أحمد دياب استشاري علاج السمنة والنحافة والتغذية العلاجية، على ارتباط سوء التغذية بـ تكرار عمليات الحمل والولادة، مايسبب للأم ضعف العظام وتساقط الشعر، وشعور بالهمدان، وذلك لأن الحوامل يفقدوا جزءا كبيرا من الفيتامينات والمعادن والعناصر الأخرى أثناء عمليات الحمل.

 

وينصح دياب، بأهمية اتباع نظام غذائي صحي لتقليل معدلات زيادة سوء التغذية لدى السيدات والتقزم والأنيميا لدى الأطفال من خلال إدخال بعض العناصر الأساسية في الطعام بصفة يومية كالعسل الأسود والخضروات والفول السوداني والطماطم، وتعزيز فيتامين (أ) المسؤول عن جفاف البشرة وضعف المناعة وتساقط الشعر، من خلال الخضروات الطبيعية كالجزر والسبانخ والملوخية والبسلة والفلفل الأخضر، والاهتمام بالأوميجا 3.