أمنية

مصر

محمد سعد
محمد سعد

تشتد المخاوف وتتوغل داخل أعماق وجدان كل مصرى يخشى تداعيات أزمة سد النهضة وما تتركه وراءها فتحجب مياه النهر عن مصر ويتوقف تدفقها فلا ترتوى أرضها ويموت زرعها ويشتد بأهلها العطش، وحقا تساور المخاوف كل قلب مرتجف فيبوح الخوف بما فى حنايا الصدور ويصبح صدى الكلام صوتا يهز الأعماق بحثا عن أمان يبدده الخوف ويسود بين المصريين على نقطة مياه وجعل الله من الماء كل شىء حى.

لكن يقينى -ويقين الجميع- أن أعظم ما فى دولة 30 يونيو أنها تعالج أزماتها بصبر وروية وهى تصبر حتى يفيض الصبر أنهارا فيطرق الفرج أبوابها فتستجيب، تلك هى الحكمة من صبرها فهى تعى وتبصر ما يحاك لها بليل حالك السواد فتحتمل صبرا لتهزم شبح المؤامرات.

البعض يتصورون وهما أن مصر يهزها أفعال الصغار أو يهزها من سكن الخوف قلوبهم، يتصورون وخطاهم تسير على درب الضلال أن مسيرتها يوقفها الأوغاد، مصر عصية على أى أحد، لها قوة لا تنكسر لا تعرف مستحيلا رجالها البواسل مرابضون أقسموا بالله جهد أيمانهم حتى يهتدوا سواء السبيل ويشعلوا النور فى الدروب المظلمة فلا يعود للحاقدين والناقمين وجود. 

مصر لا يشتت شملها أفعال الصغار هى نسيج واحد، لا يذوب استقرارها بفعل الجبناء وفيها خير أجناد الأرض وعيون لا تنام، تمضى فى نهر الطريق يثبت الله أقدامها، وكتب لها النجاة ولو بعد حين، أهلها فى رباط إلى يوم الدين، لكن اعداءها لا يعلمون أنها فى اللوح المحفوظ محفوظة من كل سوء.

كونوا على يقين وبددوا خوفا يراود أنفسكم فمصر لن تعطش أو يجف مجرى نهرها، نهرها شريان الحياة الخالد، فالتاريخ يكتب مداد الكلمات يرويها نهر ما جفف مجراه إنسان، ولتعلموا انه قد تغيب اوطان عن الوجود ومصر أبدا لا تغيب، حاضرة هنا وهناك تذهب إلى العالم والعالم يأتى إليها يقف مشدوها كل من ينظر إليها وهى تغير ملامح الصورة وتطل على العالم فى أزهى صورة.

تعرض أحلامها على الناس أجمعين، تعرض فى كل المحافل ولا تخشى، ففيها من يقدر على الأحلام والأحلام تصير حقيقة تطرح الأمل على رؤوس الأشهاد حتى يثمر ويصبح حقيقة تراه عيون الناظرين، تراه العيون المجردة من كل هوى، فهى  أبدا لن تنحسر عنها الأضواء هى دائما بلد المنارات، ترسل النور إلى كل أرجاء الدنيا وتبعث به ليشق عتمة الظلمة فيكون العالم على يقين أنها تعيش فى النور وتخطو على هديه فى كبرياء لا تطفئه أنواء عابرة.

دائما تستطيع مصر الانتصار لا تعرف أبدا معنى الانكسار، وسط سحابات الظلام هناك وميض النور فى انتظار النهار، مصر أبدا لن تموت لن يسكنها أبدا خفافيش الظلام، كل يوم تنهض تنفض عن كاهلها غبار أيام عجاف تصنع الحالة فتعيش وقتا لتبهر العالم بل وتحير العالم فى أمرها.

مصر الحاضرة فى ذات اللحظة وبين كل لحظة فى كل مكان هنا أو هناك تنسج الحلم وتبعث الامل فى كل ربوع الدنيا  لكل من يريد النظر مجردا، انظروا حتى تشاهدوا جمال الروح التى تبعث وروعة الصورة المبهجة انظروا إلى مصر التى تعود للوجود اكرهوا وإن كرهتم فالصورة أزهى ما فى الوجود.