الاتحاد الأوروبي يخطط لتواجد عسكري في ليبيا

 السلطات الليبية تطالب الاتحاد الأوروبى بدعم حدودها
السلطات الليبية تطالب الاتحاد الأوروبى بدعم حدودها

مروى حسن حسين

لطالما دعت القوى الدولية، بما فى ذلك الولايات المتحدة والبرلمان الأوروبى إلى ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار والانسحاب الفورى وغير المشروط لجميع «القوات الأجنبية والمرتزقة» من كامل الأراضى الليبية وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولى، والالتزام بالحل السلمى للنزاع فى ليبيا تحت رعاية الأمم المتحدة، والالتزام الكامل بحظر توريد الأسلحة الذى فرضه مجلس الأمن الدولى.

حيث يعتبر المجتمع الدولى وجود المرتزقة والقوات الأجنبية فى ليبيا، المعرقل الأبرز لعملية الانتقال السياسى التى من المأمول أن تنتهى بانتخابات 24 ديسمبر المقبل.


لكن فى ظل تعنت بعض الجهات، واستمرار أنقرة فى تحدى إرادة الليبيين والقرارات الدولية واتفاق وقف إطلاق النار فى ليبيا، من خلال الرحلات الجوية المحملة بالمرتزقة والضباط الأتراك وشحنات السلاح والسيطرة على قواعد عسكرية وتدريب الميليشيات، يبدو أن الجانب الأوروبى لم يجد حلا سوى امكانية التدخل عسكريا، فى إطار السعى الدولى لإخراج المرتزقة من البلاد بهدف ضمان انتقال سياسى سلمى يتوج بانتخابات رئاسية وبرلمانية نهاية العام الجارى.


 فقد كشفت وثيقة مسربة أن بروكسل تضع اللمسات الأخيرة لإرسال مهمة عسكرية إلى ليبيا، لمواجهة نفوذ القوى الأجنبية فى هذا البلد الأفريقى. وبحسب الوثيقة التى نشرها موقع «إى يو أوبسيرفر»، فإن الوثيقة الداخلية الصادرة عن وزارة الخارجية بالاتحاد الأوروبى، المؤرخة بتاريخ 1 يوليو الجارى، تشير إلى أن عملية السلام فى ليبيا تتطلب «نزع سلاح وتسريح وإعادة دمج على نطاق واسع للمقاتلين بالإضافة إلى إصلاح أساسى لقطاع الأمن».

وأوضحت الوثيقة، أنه فى إطار هذا السياق، ينبغى النظر فى مشاركة عسكرية تابعة للاتحاد الأوروبى (لجنة الأمن والدفاع المشتركة)، من أجل عدم ترك مجال النشاط بأكمله فى المجال العسكرى لـ»دولة ثالثة».. وفى حين لم تذكر الوثيقة الأوروبية الدولة الثالثة، المشار إليها فيما سماه «الوضع التنافسي» فى ليبيا، لكن تشهد الدولة المطلة على البحر المتوسط قبالة سواحل جنوب أوروبا، تدخلات خارجية من أطراف عدة على رأسها تركيا وروسيا. 


وألمحت الوثيقة الأوروبية إلى تركيا، بالفعل، عندما قالت إن «دولة ثالثة» «واصلت رفض عمليات التفتيش على شحنات الأسلحة المشتبه فيها إلى ليبيا (التى تقوم بها العملية إيريني)، فى انتهاك لحظر فرضته الأمم المتحدة. 


وأوضحت صحيفة «أوبزرفر» البريطانية، «أن وزارة الدفاع التركية طالما غردت عبر حسابها على موقع تويتر بشأن اعتراض المهاجرين قبالة سواحل ليبيا، الأمر الذى دفع بمخاوف بين الأوروبيين بشأن اكتساب أنقرة المزيد من النفوذ من خلال السيطرة على طريق الهجرة وسط البحر المتوسط، فضلاً عن الطريق اليونانى الذى تسيطر عليه بالفعل».

وقدمت الوثيقة صورة مقلقة بشأن ليبيا، مشيرة إلى أنه لا يزال هناك «العديد» من المقاتلين الأجانب وأن تهريب النفط والأسلحة والاتجار بالبشر يجرى من دون هوادة.

وقد أعربت السلطات الليبية عن حاجتها لدعم الاتحاد الأوروبى لحدود ليبيا، بما فى ذلك فى الجنوب. وأضاف أنه «فى حالة موافقة السلطات الليبية، فقد يفتح ذلك إمكانية الحصول على حقوق التحليق لأصول المراقبة الجوية التابعة للاتحاد الأوروبى فوق الأراضى الليبية» فى الصحراء الجنوبية. .

ونفت المتحدثة باسم الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية فى الاتحاد، نبيلة مصرالى، وجود أى نقاش لإرسال بعثة عسكرية إلى ليبيا فى الوقت الحاضر، وأكدت ان الدعم الأوروبى لليبيا مستمر عبر بعثة مدنية وأخرى عسكرية فى البحر الأبيض المتوسط (إيرينى).

ورفضت «مصرالى»، التعليق على ما اعتبرته وثيقة مسربة صدرت عن إدارة العلاقات الخارجية فى الاتحاد، وما تتضمنه من مجموعة أفكار بشأن مستقبل التعامل الأوروبى مع الملف الليبى، وأعادت التأكيد على أن الاتحاد الأوروبى يرغب فى أن يثمر الحوار الوطنى الليبى الشامل عن نتائج ملموسة، وأن تجرى الانتخابات فى موعدها، وأن يُنفذ اتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه بالكامل.


ورغم نفى «مصرالى»، طرح هذا الأمر فى الوقت الحاضر، إلا أن الفكرة أثارت جدلا سياسيا واسعا. بعض المراقبين اعتبروا أن الخطوة فى حال أقدم عليها الاتحاد، فإنها تأتى فى ظل معركة كسب النفوذ، والتنافس السياسى بين القوى الدولية والإقليمية على البلد الغنى بالنفط والثروات..

والبعض الآخر رغم انه يرى أن  الخطوة الأوروبية  لو حصلت، فإنها تأتى لاستهداف الوجود العسكرى التركى بالدرجة الأولى، إلا أن دخول قوات أجنبية جديدة إلى ليبيا قد يساهم فى تأزيم أكثر للأوضاع هناك، وصولاً إلى عرقلة إجراء الانتخابات.

وكان من المقرر أن يناقش سفراء الدول الأعضاء الوثيقة فى الأسبوعين الماضيين، لكن الاتحاد الأوروبى لم يوضح ما إذا كانوا سيواصلون مناقشة المقترح أم لا.


من جهته، أشار وزير الخارجية الفرنسى جان إيف لودريان إلى مذكرة الاتحاد الأوروبى المسربة فى خطاب ألقاه أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فى نيويورك يوم الخميس الماضى، أكد فيه أنه «حان الوقت لتطبيق جدول زمنى تقدمى ومتناسق ومتسلسل لرحيل العناصر الأجنبية من كلا الجانبين».

مؤكدا ان «الاتحاد الأوروبى وإيطاليا وفرنسا مستعدون لبذل المزيد لدعم تدريب ومعدات خفر السواحل الليبي».


وتظل سيناريوهات المرحلة المقبلة للعملية السياسية فى ليبيا ومدى تأثر العملية الانتخابات غير واضحة، حتى تتكشف حقيقة نوايا الاتحاد الأوروبى حول إرسال مهمة عسكرية إلى ليبيا خلال الفترة القادمة.