هو وهي 

نسرين موافي
نسرين موافي


دائما هما البداية…. أصل الحكاية ، خُلقا سويًا ليعيشا جنباً الى جنب ، متجاورين لا متناحرين . 
تتكامل أدوارهم و احتياجاتهم و حتى طرقهم ، فهم الرفقة الأساسية تحت أية مسمى .
هما النواة الأولى لخلية المجتمع على اختلاف حجمه .

هم أصل كل شيء في هذه الحياة..خير أو شر، إعمار أو تدمير ، و علاقاتهم هي أساس المجتمع .. تصلح فيتقدم أو تفسد فيتدمر ..هما معا مسئولين مسئولية مشتركة .

على مدار ما يزيد بقليل عن السبعين عاما واجه المجتمع المصري تقلبات و تحديات كفيلة بتدمير أمم من جذورها. ثلاث حروب بتداعياتها ( ٤٨، ٦٧، ٧٣)  و حربان أخريان امتدتا سنوات طوال ( الاستنزاف ، الأرهاب ) و ثلاث ثورات..دساتير تلغى و تكتب أخرى، مؤامرات و صعود لقوى و دحر أخرى.
سيطرت تيارات على فكر السلطة فتغير شكل المجتمع لتعود لتكشف أهدافها فيضطر المجتمع لإعادة صياغة فكره و تصحيح مساره. 

كل هذا و أكثر بكثير في سبعين عامًا ، إيقاع سريع يجعلك تلهث لمجرد قراءته 
و تداعيات كل حدث جلل من هذه الأحداث كافٍ أن يقلب المجتمع رأسا على عقب ايمانا أو كفرا بكل ما اعتاد عليه و كبر أفراده في كنفه و تربوا عليه 
مفردات تُستحدث و اخرى تُمحي و تبقى العلاقة بينهما ( هو و هي ) هي الضحية .

فلا احد ينتبه كثيرا لمشكلات صغيرة تتراكم بداخل كل منهما لتبني حواجز و تغير أفكار .
لا احد منهما يستشعر كمية الخطر و لا تأثير ما يحدث حولهما على الارض عليهما و على علاقتهما و على المجتمع لأنهما أساسه. لنصحو فجأة على أولاد تُلقى في الشوارع بمنتهى القسوة و المبرر الفقر . 
و آخرين مجرمين في سن صغيرة ،مغتصبين  و  متحرشين و المبرر هي سلوك أو هيئة الضحية.
 أزواج تلصق تُهما بزوجاتها لتبرر القتل او التشهير . وآخرون يضربون و يقتلون دون أن يستشعروا أدني ذنب . و زوجات تقتل و تقطع و تنتقم باشد و أقسي الأساليب التي تنم علي تشوه حقيقي في النفوس 
كوابيس حقيقية نصحو عليها ،  كوارث تحتاج لجيش جرار من علماء النفس و الاجتماع ليحللوا أسبابها و يعالجوها.
نصحوا مذهولين من هول الجرائم لكن هل ترانا فعلا صحونا ؟! 
لا أظن … للأسف طالما  نبحث عن السبب الاخير لمثل هذه الجرائم فلم و لن نصحو !!
حتي في حالات الطلاق يطالعنا الاعلام باخبار مستفزة بأن زوجة طلبت الطلاق لانها لا يعجبها عاداته في الأكل مثلا و ان زوج وجدها تطلب العلاقة و كان يظنها أكثر ادبا او انها قتلته لانه يطلب الغذاء .
اخبار سخيفة تقلل و تستهون بأحداث مُزلزلة للمجتمع لتصبح مادة سخرية و تندر و كلنا نتندر عليها لان الضحك علي الهموم و الكوارث صفه مكونة للچين المصري الأصيل 
لكننا محتاج لنصحو حتي لا يتحول هذا المجتمع الأصيل لمسخ
نحتاج لأن نبحث من الجذور ، من بدايات العلاقات … نحتاج لأن نعلو بقيمة الحوار ، نوعي الصغار و الكبار بأهمية الطب النفسي فإن لم تستطع أن تتكلم مع شريكك أو أهلك لترتاح فلابد من أن تجد متنفسك الأمين لتأخذ النصيحة و تعدل مسارك .

نحتاج لوقفه قوية علي أعلي المستويات ، حملة للطب النفسي كما هي حملة صحة المرأة و ١٠٠ مليون صحة 
أعلم أنها ليست سهلة و لا بسيطة بل أني لا أدعي حتي كيف تُنظم .
لكن لا بديل عنها لنسترد عافية المجتمع و أفراده فالنفس تمرض و تُمرض الجسد و تدمره و لكنها تُدمر معها أكثر من فرد ممن يُفترض بهم أن يكون الأغلي و الأقرب .
فقط نُعالج هذه النفوس العليلة ليصمد هذا المجتمع علي الحق و يُنتج الأفضل 
فالحقيقة ان لا أحد يصل لأن يدمر حياته من أجل المتعه هو أو هي يفعلوها لأنه قد طفح الكيل فضاقت و استحكمت حلقاتها و لم يستطيعوا الصبر لتُفرج