كنوز | لو عاد «بيرم» للحياة لوضع «الغنوشي» مكان «الهضيبي»

 بيرم التونسى  -  جريدة «الآخبار» «بريشة مصطفى حسين»
بيرم التونسى - جريدة «الآخبار» «بريشة مصطفى حسين»

لو كان شاعر الشعب بيرم التونسى حيا بيننا الآن لكانت فرحته ستصل إلى عنان السماء وهو يشاهد حبيبته « تونس » وهى تتطهر من حكم « الغنوشى» وزمرة « الاخوان » الذين فضحهم فى حياته فى ازجاله بسخرية من تكلس افكارهم وخبث نواياهم - كما سنرى فى هذا الموضوع  - وكان سيواصل حربه وسخريته من كل من يتاجر بالاديان لغسل عقول الناس بهدف الوصول للحكم والسلطة ، وقد فتح عليهم النار فى مقال له بعنوان « هل تحترمون دينكم ؟ « نشره بتاريخ 12 ديسمبر 1933 فى صحيفة « الزمان» التونسية ، تعليقا على الحملة التى قامت بها بعض الاقلام المتشددة لتكفيرمسرحية تونسية ووقف عرضها.

 

وقد وصفهم فى المقال بأنهم «طغمة فاسقة تقترف من ضروب المعاصى ما يلحقها بسكان السعير الأسفل ، تبيت ناسية جرمها مطمئنة إلى إثمها ، لا تذكر من كتاب الله آية زجر، ولا من حديث نبيه كلمة وعظ ، حتى إذا اشتجر منها رجلان على موسى ، أو حذاء قديم ، خرج الاثنان إلى الميدان متسلحين بالمصحف ، يتقاذفان بآياته الكريمة فى خصامهما الوضيع ، ومن هذه الطغمة وحدها تسمع الترامى بكلمات الكفر والإلحاد ، بينما المكلفون بالمحافظة على الدين خرس بكم ، لا وجود إلا لأشباحهم ، كل السفلة تتغير أساليبها فى الحياة ، فلا تبقى اللصوص على طريقة واحدة ، ولا الظالمون على وتيرة واحدة ، إلا « سفلة الأديان « ، فالدين هو السلاح القديم والجديد ، لا يعنيهم أن الناس عرفتهم واستسمجت دعاواهم ، ومعظم هؤلاء الرعاع يحمل القلم ليستعمله فى تكفير من لا يعجبه ، أو من لا ينتظر منه فائدة ، ولكن لا يكون هذا التكفير إلا على صفحات الجرائد ، وأما فى أوكارهم التى ينكمشون فيها فالدين أول مسبوب على ألسنتهم ، والتاجر ورفقاؤه لا عمل لهم إلا أكل لحوم المسلمين بالغيبة ، وتدبير المؤامرات لعباد الله الجادين المخلصين ، ثم لا يجدون ما يسترهم إلا التلفع بجبة التقوى يمشون بها فى الأسواق ، ولو كان لأحدهم بدلا من هذه الجبة قليل من المال المهم أو الجاه ، لما ظهر إلا فى المواخير، ولا ذكر الدين بلسانه طول حياته مهما انمحق هذا الدين وكثر عدد الكفار والملحدين. ويا ضيعة الدين الذى لا يجد من الأنصار غير مخنث يستغفر الله ويذكره، ولص يستنجد بالله ويستنصره، وجهول لا يعرف الإيمان من الكفر، تطوع للجهاد فى سبيل الله فوضع قُبلته على يد المجوسى وبصاقه فى وجه المؤمن ولا يدرى الفرق بين العملين ، ويا ضيعة جيش جرار من المسلمين الذين يحترفون الإسلام بمرتبات شهرية يأخذونها فتنسيهم العالم بما فيه من أديان وأنبياء ، ولا يحمدون الله إلا يوم الجمعة فى ورقة يقرؤونها فوق المنبر، وكفى بالله شهيدا».


ونشر بيرم قصيدة « الإخوانجية » عقب محاولة الإخوان الفاشلة لاغتيال جمال عبد الناصر أثناء خطابه فى ميدان المنشية ، ويقول فيها :  
« كفاية يا مصر لو يبقى الهضيبي..وأعوانه على عرش الإمارة..وسيد قطب يعطونه المعارف.. وسيد فرغلى ياخد التجارة..وعودة يعودونه ضرب المدافع.. وسى عبد الحكيم عابدين سفارة.. وسى عبد العزيز أحمد يسوقها..ويتولى المواصلات بالإشارة.وكل جهاز تتعين عياله..عُمد فى كل قرية وحارة..محافظ مصر خريج الدباغة..وتحته وكيل خريج النجارة.. ويقنى الكمسارى أكبرها عزبة..ويقنى السمكرى أضخم عمارة..وتخلص مصر من عيلة الدخاخني.. الى عيلة الخواتكى أو شراره..ويومها تحلق الإخوان دقونها..ويترص الحشيش ملو السيجارة..وحياتك لا أيد اللص تقطع..ولا تبطل مواخير الدعارة.. ويبقى الشعب هواه فى الفلافل.. وطرشى الحاج سيد والبصارة » .


وكتب قصيدة أخرى بعنوان « من عجوز لعجوز « ولو وضعنا اسم « الغنوشى « بدلا من اسم « الهضيبى « لأنطبقت كلمات القصيدة عليهما بالتمام والكمال ، ويقول فيها :  


« يارب من غير هضيبى بالايمان قريت .. من غير هضيبى اذا ارتفع الاذان صليت .. من غير هضيبى اذا وجبت زكاة زكيت .. من غير هضيبى إلى البيت الحرام حجيت .. المسلمين اللى جم آخر الزمن ياقوم .. محضرين الذخاير والمدافع كوم .. لكل مسلم معاهشى ع الايمان دبلوم .. مختوم ولو يضى أمره بالصلاة والصوم .. مكتوب علينا الجهاد فى سالف الأزمان .. فى المشركين اللى كانوا يعبدون الأوثان .. وفى المجوس اللى كانوايألهون النيران .. وانتم يا « أخوان» تجاهدوا مثلكم أخوان .. قالوا اللى خارج على المرشد جهاده يجوز .. عشان فصيلة ضباشطه بالوزارة يفوز .. وانتى يا مصر استعدى من عجوز لعجوز .. من قبل موته يخلف للى عنده كنوز ؟ » 


رحم الله بيرم التونسى شاعر الشعب العظيم


من « الأعمال الكاملة لبيرم التونسى»