وحى القلم

وتحررت تونس من الإخوان

صالح الصالحى
صالح الصالحى

وتتهاوى عروش الإخوان الهزيلة فى البلدان العربية بعدما أثبتت فشلها بسبب انتماءاتها الأيديولوجية والسياسية لصالح الدول الراعية لها على حساب الشعوب.
على الرغم من أنه من النادر أن يجود الزمن بفرص ذهبية مثلما حصلت عليها الجماعة الإرهابية أعقاب ثورات الربيع العربى وصعودها استغلالاً للظروف الاجتماعية العربية.. ورغم أن الظروف كانت مهيأة لنجاح تجربتها.. إلا أنها لم تستغل هذه الفرصة لصالح تنمية الشعوب وتحقيق الاستقرار.. حرصت على خدمة الدول الداعمة لها.. وانشغلت بالتمكين والاستحواذ.. وكأن أعين الجماعة عمت عن تحقيق الاستقرار.. فأعادوا البلاد عقوداً للوراء.
تونس كانت صاحبة المبادرة فى ثورات الربيع العربى وكانت أول دولة تصل فيها الجماعة إلى سدة الحكم.. وكانت الأحوال الاقتصادية وقتها جيدة.. وكان الاقتصاد التونسى يوصف بأنه أكثر الاقتصادات العربية تنوعاً.. معدلات نمو سنوية لا تقل عن 5٪.. إلا أن وجود الإخوان فى الحكم على مدار عقد من الزمن أدى إلى تدهور الأوضاع.. وأصبحت البلاد على حافة الهاوية بأزمات اقتصادية واجتماعية خطيرة تصل لدرجة تحول البلاد لدولة فاشلة.. ارتفع معها الدين الخارجى لأكثر من 35 مليار دولار.. وتصاعد معدلات البطالة إلى 30٪ بين الشباب.. وصاحب ذلك تفشى وباء كورونا.هذا الوباء الذى كشف تهاوى المنظومة الطبية والصحية فى البلاد.. التى لم تستطع أن تصمد أمامه.
صحيح أن كل هذه الأمور شأن داخلى تونسى، إلا أن تميز التجربة التونسية بوجود الإخوان على الحكم لمدة عشر سنوات، ودواعى المقارنات المستمرة بين تعاقب التجربتين المصرية والتونسية تجعلنا نتحدث عن التجربة التونسية التى عانت كثيراً فى ظل الحكم الإخوانى الفاشى.. حتى أن المراقبين الدوليين والتونسيين أنفسهم يقارنون بين التجربتين.. وفى نفس الوقت تجد الرئاسة التونسية والشباب التونسى يعتمد ويفتخر بالتجربة المصرية التى استيقظت مبكراً.. فتمرد الشعب المصرى على كل مقدرات الظلام والتردى فى الأوضاع المعيشية بثورة تاريخية أسقطت حكم الإخوان سريعاً.. لكن تميز التجربة المصرية لم يقف عند هذا الحد بل كانت النهضة التى تحققت للبلاد ونجاح الإصلاح الاقتصادى وتحقيق الجمهورية الثانية، والتفاف الشعب حول القيادة السياسية.
إن استقرار الأوضاع فى مصر وتحقيق التنمية المستدامة جعل منها نموذجاً يحتذى به ويتمنى الجميع تحقيقه.
إذا كانت الإجراءات التى قام بها الرئيس قيس سعيد لإصلاح ما أفسده الإخوان فى الحياة السياسية والاقتصادية تتم وسط ردود فعل حتى الآن مطمئنة من الشعب التونسى لتوافقه مع هذه القرارات.. ففى ظنى أن الشعوب دائماً ما تضع تلبية رغباتها الإنسانية والمعيشية أولوية أولى.. فالشعوب تعشق الاستقرار المتمثل فى النمو الاقتصادى وجودة الخدمات وألا يهمها أية نعرات سياسية أو أيديولوجية تذهب بالبلاد كما أن الانشغال بالتمكين والشهوة فى الحكم كل ذلك يذهب بالبلاد للجحيم.
وفق الله الشعب التونسى الشقيق.