بشير السعداوي: خط الرئيس السيسي الأحمر «سرت- الجفرة» ساعد في خفض التوتر بليبيا

■ فتح الله السعداوى خلال حواره مع «الأخبار»
■ فتح الله السعداوى خلال حواره مع «الأخبار»

 

لمصر الدور الأساسى فى استقرار ليبيا.. ونحتاجها بمرحلة إعادة الإعمار

أسامة عجاج  -- عمر عبدالعلى

أسباب عديدة دفعتنا للحوار مع فتح الله بشير السعداوى رئيس حزب المؤتمر الوطنى الحر فى ليبيا ، فالرجل أحد رموز السياسة فى ليبيا فى مرحلة ما بعد ثورة فبراير ٢٠١١ ، ويمثل احد الأرقام الصعبة التى لا يمكن تجاهلها فى مرحلة الانتخابات النيابية القادمة، حيث يؤكد ان حزبه رقم ٢ فى ليبيا، كما انه حفيد المناضل الليبى الكبير بشير السعداوى والذى قاد النضال الوطنى لإجلاء القوات الأجنبية بعد إعلان الاستقلال فى ديسمبر ١٩٥٢.


قضايا عديدة تناولها الحوار مع السعداوى منها تحديد ملامح الحياة الحزبية بعد الغياب الطويل للعمل السياسى فى زمن القذافي، وتحدث عن المساعى التى لم تلق اهتمامًا كبيرا وخاصة مؤتمر الوحدة الوطنية الليبى الجامع وكيفية تشكيله والمعوقات التى أجهضت المحاولة رغم أنه كان يسعى إلى مشاركة أعضاء البلديات المنتخبين من الشعب الليبى فى التوصل الى خريطة طريق لإنهاء الأزمة الليبية، وكشف عن الأسباب الحقيقية لفشل ملتقى الحوار السياسى الأخير فى جنيف ، وأكد على ضرورة إجراء الانتخابات فى موعدها المقرر فى ديسمبر القادم وعدم القبول بأى ضغوط من أى جهة للتأجيل، محذرا من سيناريو كارثى إذا حدث ذلك، كما تحدث عن الدور المصري، وأهمية إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى «الجفرة - سرت» خطا أحمر، ودوره فى وقف التدهور على صعيد العمليات العسكرية ووقف إطلاق النار، مشددا على دور القاهرة فى مرحلة الاستقرار وإعادة البناء والتعمير.

ساهمت سنوات الحرب والاقتتال الأهلى فى إخفاء حقيقة عن الكثيرين، وهى أن هناك حياة سياسية وأحزابا تشكلت بعد ثورة فبراير ٢٠١١ أطلعنا على مسار العملية السياسية والخريطة الحزبية فى ليبيا ؟


علينا أن نعترف بأن ليبيا شهدت حالة فراغ سياسى كامل فى ظل غياب وعدم وجود كوادر حقيقية طوال الفترة التى حكم فيها القذافى والتى طالت لأكثر من ٤٠ عامًا ومثل الأمر معضلة كبيرة لدى جميع الليبيين، لأنهم لم يكن لديهم دراية كبيرة بالحياة السياسية وللأسف الشديد تقدم لملء الفراغ جهتان وتياران جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الليبية المقاتلة التى دخلت فى مصالحة مع النظام السابق برعاية سيف الإسلام القذافى وأفرج عنها من السجون خاصة وأن هذا التيار قادر على التنظيم والحشد والترتيب لأى استحقاقات انتخابية ولم يكن له فى ذلك الوقت منافس حقيقى أما التيار الثانى فهم مجموعة الليبيين المقيمين فى الخارج وبعضهم كان محسوبا على معارضة القذافى ولم يكن لهم جذور حقيقية فى الداخل الليبى مما ساعد على تقدم تيار الإسلام السياسى بقوة وفرض سيطرته ونفوذه على كافة مفاصل الدولة الليبية حتى جاءت انتخابات عام ٢٠١٤ والتى اضطرت معها القوى المدنية إلى الدفع بأى مجموعات حتى لو كانت غير مهيأة لقلة الخبرة ولكنها تحملت المسئولية لمنافسة جماعات التيار الإسلامى وكان لنا رأى آخر فى الحزب وهو التركيز على انتخابات المحليات ونجحنا فى ذلك حيث حصلنا على 4 مقاعد من أصل 8 فى مجلس مدينة مصراتة.


ثانى اكبر حزب


مدينة مصراتة من المدن المهمة فى الغرب الليبى وهذا يدفعنا الى السؤال عن موقع حزب المؤتمر الوطنى الليبى الحر من الخريطة السياسية الان فى ليبيا ؟


نحن فى الترتيب الثانى سياسيا فى ليبيا كأقوى حزب فى ليبيا، لكننا كنا مستعدين للحوار فى غدامس وكانت محاولة من الأمم المتحدة للسعى الى حوار ليبي- ليبى على أرض ليبية ولكن الهجوم على طرابلس فى ابريل ٢٠١٩ أجهض تلك المحاولة ومثل أحد الأخطاء الكارثية حيث مهد لعودة الجماعات الإرهابية والإسلامية المتشددة للمشهد مرة أخرى دون قصد أو تخطيط بعد أن لفظهم المجتمع الليبى من جميع المدن وهجروا البلاد الى تركيا وعلى رأسهم مفتى الإخوان صادق الغريانى ،وتم حرق جميع مقرات الاخوان فى جميع المدن الليبية ،ووصل الأمر إلى أن تركيا قبل حرب طرابلس كانت ترفض وجودهم على أراضيها لأنها لم تحصل منهم على أى مكاسب فى ذلك التوقيت ولما قامت حرب طرابلس أعطت للإسلاميين فرصة للرجوع إلى ليبيا بذريعة الدفاع عن طرابلس .


نعود الى حزب المؤتمر الوطنى الليبى الحر هل اقتصرت قوته على مدينة مصراتة ؟


نحن أسسنا الحزب منذ 2013 ولم نتوقف طوال فترة ما بعد التأسيس ونجحنا


فى التواجد فى جميع أنحاء ليبيا ولدينا 9 فروع والمقر الرئيسى للحزب فى طرابلس بخلاف 4 مناطق الشرقية والغربية والجنوبية والوسطى وتتضمن تلك المناطق الأربعة عدة دوائر ومكاتب لتمثيل الحزب .


مؤتمر وحدة جامع


معلوماتنا تقول أنكم كنت جزءا مهما من تشكيل مؤتمر الوحدة الوطنية الليبى الجامع الذى لم يأخذ نصيبه من الاهتمام الإعلامى أو حتى من بعثة الأمم المتحدة فهل لنا من تفاصيل حول هذا الجهد ؟


قدمنا بالفعل مقترحا لتشكيل مؤتمر الوحدة الوطنية الليبى الجامع من 60 شخصية ليبية منها 20 من الغرب و20 من الشرق و20 من الجنوب من جميع بلديات ليبيا، وهى كما هو معروف بلديات منتخبة تمثل قواعدها الشعبية


وماذا عن طريقة اختيار لجنة الـ 60 لمؤتمر الوحدة الوطنية ؟


كان الاختيار قائما على أساس البلديات من جميع أنحاء ليييا من خلاف قواعد معينة فمثلا البلديات التى عدد سكانها أقل من 100 ألف شخص يمثلها عضو واحد، والبلديات من 100 ألف إلى 200 ألف شخص يمثلها عضوان فى المؤتمر ، أما البلديات التى يصل عدد سكانها إلى أكثر من 200 ألف شخص يمثلها 3 أعضاء فى المؤتمر بينهم امرأة وهذا ما تم بالفعل واستقبلنا رسائل من جميع البلديات بالترحيب بهذا المقترح وتشكيل تلك اللجنة وتم عقد اجتماع تحضيرى فى الجنوب وحضره ممثلون من جميع أنحاء ليبيا وتم التوقيع على خارطة طريق لحل الأزمة.


هل تم عرض تلك الخارطة التى أجمع عليها مؤتمر الوحدة الوطنية الجامع على ممثلة الأمم المتحدة فى ليبيا ؟


بصراحة نحن لا نثق فى ستيفانى وليامز، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة فى ليبيا لكننا تواصلنا مع أعضاء من البعثة وعرضنا عليهم رؤيتنا التى أجمع عليها جميع الليبيين واستمعوا إلينا بكل ترحيب ومارس هذا المؤتمر عمله اثناء عمل بعثة الأمم المتحدة فى تونس فى وقت سابق، وكان الغرض من هذا المؤتمر طرح بديل يمكن العمل معه فى حال فشل جهود الأمم المتحدة التى سعت وبقوة الى تشكيل لجنة الـ 75 للحوار السياسى ،والتى أثبتت الأيام أنها لم تكن نزيهة أو حيادية وهى متناقضة مع نفسها ونحن كان لدينا قناعة تامة بأن الخلاف قادم بين أعضائها وأثبت الأيام صدق رؤيتنا بدليل ما حدث فى جنيف فى الاجتماع الأخير،ولقد أصدر حزب المؤتمر الوطنى الحر بيانا حول فشل ملتقى الحوار السياسى جنيف 2 فى الوصول لقاعدة دستورية لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية،  ودعا الحزب كل الليبيين بمختلف أطيافهم للوقوف صفا واحدا لتحقيق تطلعاتهم المتمثلة بالوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة وفق مخرجات خارطة الطريق للمرحلة القادمة فى ليبيا ومن أهم بنودها تحديد موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية فى الـ 24 من ديسمبر المقبل.


فشل مؤتمر جنيف


هل هذا يعنى أن هناك اعتراضا من قبل الحزب على لجنة الـ 75 ؟


بكل تأكيد لدينا اعتراض على اختيار تلك اللجنة التى تم اختيارها على أسس شخصية من قبل الأمم المتحدة وليس لمصلحة ليبيا لأن كل أعضاء اللجنة تحكمهم مصلحة واحدة وهى كيفية الحفاظ على مصالحهم الشخصية ومقاعدهم الأسطورية.


من المسئول عن فشل لجنة الحوار السياسى الليبى ؟


الأمم المتحدة بكل تأكيد لأنها لا تريد الاستقرار لليبيا او حل قضيتها إلا وفق أفكار الاستعمار الجديد بالإضافة إلى لجنة الحوار التى لا تريد أن يتم اختيار رئيس ليبيا القادم من خلال الاقتراع الحر المباشر، لأنهم بكل حقيقة خائفون من المشير خليفة حفتر إذا ما قرر خوض الانتخابات الرئاسية، وإذا ما تفحصنا الأمر جيدا نجد أن الجميع يبحث عن تحقيق مصالحه الشخصية فقط لأن اللجنة منها 13 عضوا من مجلس النواب و13 من المجلس الأعلى للدولة والبقية من الشخصيات السياسية الليبية لكن لا يعرف الشعب الليبى على أى أساس تم اختيار تلك اللجنة التى تم تكن تمثل كافة أطياف الشعب الليبى تمثيلا عادلا .
وهل هناك تخوف من جانب الحزب لعدم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى موعدها ؟


بكل تأكيد لأننا نشعر بهذا الخوف منذ فترة كبيرة وأكدنا أن أى انحراف عن نهج الانتخابات يمثل خيانة للوطن وخذلانا لليبيين فى تحقيق طموحاتهم المشروعة لأن إدخال البلاد فى مزيد من المراحل المؤقتة، سوف يؤدى إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار ما يعنى أن من يتحمل مسئولية عدم إقرار القاعدة الدستورية هى البعثة الأممية وأعضاء لجنة الـ 75؟


وكيف يتم الوصول الى انتخابات فى نهاية هذا العام وسط عدم توافق على كافة الأصعدة التى ترعاها الأمم المتحدة ؟


الأمر هنا يرجع إلى إرادة الليبيين أنفسهم لأنهم مطالبون بالعمل على تحقيق هذا الاستحقاق الوطنى من دون أى تأجيل أو مماطلة لإخراج البلاد من أزماتها التى طالت ولن يتم تجاوزها إلا بالانتخابات الحرة والنزيهة ليكون لصندوق الانتخاب الكلمة الفصل فى وقت يتضامن فيه الحزب مع رغبة الشعب الليبى لتحقيق مطالبه، وشدد الحزب على ضرورة إجراء الانتخابات فى موعدها من دون تأجيل أو تأخير لا مبرر له مع رفض أى أعذار تحول دون تحقيق هذا المطلب لأن إجراء الاستحقاق الانتخابى يضع الأسس السليمة لدولة القانون والمؤسسات والتداول السلمى على السلطة.


خريطة طريق للحل


ما رؤيتكم فى حزب المؤتمر الوطنى الحر للخروج من الأزمة الليبية ؟


الحزب كان موقفه واضحا منذ البداية وهو أن حل الأزمة الليبية لابد أن يكون من خلال الليبيين أنفسهم ومن جميع أطياف الشعب الليبى الحر ، لكن ما يحدث على الساحة هو استهلاك محلى ليس أكثر من ذلك والجميع على الساحة الدولية لا يهمهم استقرار ليبيا والحفاظ على سيادتها، لكن ما يشغل بالهم هو الحفاظ على مصالحهم ومكاسبهم فقط . ثانيا: الدفع بكل الطرق والسبل إلى إجراء الانتخابات المقبلة وتذليل كافة العقبات والمشكلات التى تقف حائلا دون تحقيقها ، والعمل على تجاوز لجنة الـ 75 التى لا تحظى بقبول تام وكامل من الشعب الليبى ،ثالثًا: الوصول إلى القاعدة الدستورية التى تجرى على أساسها الانتخابات ، رابعًا :لابد لهذه القاعدة أن تكون ضامنة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة من دون إقصاء لأى طرف، خامسا : خروج كل القوات الأجنبية والمرتزقة والمليشيات فورا من ليبيا قبل اجراء الانتخابات وفى حال عدم تحقق ذلك فإن من حق الشعب الليبى وعلى رأسهم أعضاء وقيادة الحزب الخروج فى تظاهرات سلمية منظمة تستمر حتى تحقيق مطلب الوصول إلى الانتخابات ،حتى ينعم الشعب الليبى باستقراره وثرواته المنهوبة ويحافظ على سيادته وحدوده ويعود مرة أخرى للمجتمع الدولى ليكون فاعلا على الساحة الدولية .


موقف مصر


ما تقييمكم للموقف المصرى تجاه حل الأزمة الليبية ؟


موقف مصر رائع ونتمنى أن تستمر فى موقفها الكبير تجاه شقيقتها ليبيا حتى تنتهى تلك الأزمة ويحصل الشعب الليبى على سيادته واستقراره ودعنى أشير الى ان اعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى أن سرت -الجفرة خط أحمر ساهم فى خفض التصعيد فى ليبيا كان بداية التصحيح والمضى إلى الطريق السليم لخفض التوتر وشعر جميع الليبيين بأن مصر لها الكلمة فى الاستقرار وإعادة البناء والإعمار، وبالفعل بعد هذا القرار توقفت الحرب والتزم كل طرف بقرارات الأمم المتحدة ووضعت بالفعل خطوط حمراء لا يتجاوزها اى طرف ونحن فى القاهرة حاليا للتواصل مع كل الجهات المعنية بالملف الليبى وفى مقدمتها وزارة الخارجية مع التأكيد على ان ليبيا فى حاجة لمصر لعودة الاستقرار وأيضا فى مرحلة إعادة البناء فهناك حاجة ماسة لعودة ملايين الأيدى العاملة المصرية للمساهمة فى المرحلة القادمة.