نهر النيل كأنشودة مصرية متوارثة ..

«النيل رجلاً» وله «إبن» و«عروس»

«النيل رجلاً» وله «إبن» و«عروس»
«النيل رجلاً» وله «إبن» و«عروس»

 كتبت :فاطمة‭ ‬على

النيل‭ ‬رجلاً‭ ‬عجوزا

المثال‭ ‬الكبير‭ ‬جمال‭ ‬السجينى‭ ‬قدم‭ ‬عملين‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬منحوتاته‭ ‬البارز‭ ‬والغائر‭ ‬المنفذة‭ ‬بالنحاس‭ ‬المطروق‭ ‬فى‭ ‬رمزية‭ ‬عالية‭ ‬ليكونا‭ ‬الأكثر‭ ‬رمزية‭ ‬وقوة‭ ‬فى‭ ‬مجالهما‭ ‬بعنوان‭ ‬النيل ‬عام‭ ‬1963‭ ‬وفى‭ ‬كلاهما‭ ‬قدم‭ ‬النيل‭ ‬كرجل‭ ‬عجوز‭ ‬راقد‭ ‬تحيطه‭ ‬المياه‭ .. ‬وقد‭ ‬مثل‭ ‬فى‭ ‬عمله‭ ‬الأول‭ ‬بالنحاس‭ ‬المطروق‭ ‬النيل‭ ‬رجلاً‭ ‬امتد‭ ‬جسده‭ ‬ليحتضن‭ ‬الأهرام‭ ‬الثلاث‭ ‬والقلعة‭ ‬وقد‭ ‬إمتدت‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬جسده‭ ‬أسماك‭ ‬نيليه‭ ‬ونخيل‭ ‬وأقنعه‭ ‬وحيوانات‭ ‬الغابات‭ ‬الأفريقية‭ ‬تعبيراً‭ ‬عن‭ ‬تنوع‭ ‬الثقافات‭ ‬فى‭ ‬البلاد‭ ‬التى‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬ويمنحها‭ ‬الحياة‭ ‬فى‭ ‬صياغة‭ ‬تتسم‭ ‬بقوة‭ ‬التحليل‭ ‬وبلاغة‭ ‬الخطوط‭ .. ‬وفى‭ ‬عمله‭ ‬الثانى‭ ‬االنيلب‭ ‬مثله‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬رجل‭ ‬عجوز‭ ‬راقد‭ ‬له‭ ‬ذقن‭ ‬متموجه‭ ‬كالمياة‭ ‬التى‭ ‬تحيطه‭ ‬وتمر‭ ‬تحته‭ ‬المياه‭ ‬والمدن‭ ‬ومراكب‭ ‬الصيد‭ .. ‬

النيل‭ ‬رجلاً‭ ‬يخفى‭ ‬وجهه

‭ ‬وليس‭ ‬السجينى‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬تعاملا‭ ‬مع‭ ‬النيل‭ ‬كرجل‭ .. ‬فنافورة‭ ‬االأنهار‭ ‬الاربعةب‭ ‬التى‭ ‬تتوسط‭ ‬ميدان‭ ‬نافونا‭ ‬فى‭ ‬روما‭ ‬صممها‭ ‬النحات‭ ‬الإيطالى‭ ‬الورنزو‭ ‬برنينى‭.. ‬ما‭ ‬بين‭ ‬1648‭ ‬الى‭ ‬1651‭ ‬لتكون‭ ‬تلك‭ ‬نافورة‭ ‬ميدانية‭ ‬مكونه‭ ‬من‭ ‬مسلة‭ ‬مصرية‭ ‬تعلو‭ ‬صخرة‭ ‬عليها‭ ‬أربعة‭ ‬منحوتات‭ ‬رخامية‭ ‬لرجال‭ ‬يرمزون‭ ‬إلى‭ ‬الأنهار‭ ‬الأربعة‭ ‬فى‭ ‬العالم‭ .. ‬فيُرمز‭ ‬رجلا‭ ‬متمثلا‭ ‬لـ‭ ‬انهر‭ ‬النيل‭ ‬فى‭ ‬أفريقيا‭ .. ‬وآخر‭ ‬لـب‭ ‬نهر‭ ‬الجانجب‭ ‬فى‭ ‬آسيا‭ .. ‬وآخر‭ ‬لـ‭ ‬نهر‭ ‬الدانوب‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭ .. ‬والأخير‭ ‬لـ‭ ‬نهر‭ ‬ريو‭ ‬دى‭ ‬لاباتاب‭ ‬الذى‭ ‬يرمز‭ ‬الى‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭ .. ‬وموقع‭ ‬التماثيل‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬رجال‭ ‬الأربعة‭ ‬ملتفة‭ ‬حول‭ ‬القاعدة‭ ‬متمثلين‭ ‬للأنهار‭ ‬ولحركاتهم‭ ‬الجسدية‭ ‬وأرديتهم‭ ‬رمزية‭ ‬كبيرة‭ .. ‬فالتمثال‭ ‬الرجل‭ ‬الممثل‭ ‬لـاللنيل‭ ‬مغطى‭ ‬رأسه‭ ‬بوشاح‭ .. ‬فلا‭ ‬نرى‭ ‬وجهه‭ ‬مرئى‭ ‬وذلك‭ ‬لأنهم‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬لم‭ ‬يعرفوا‭ ‬تحديداً‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬يجيء‭ ‬النهر‭ ..‬

وللنيل‭ ‬أرجل‭ ‬ومسيرة

وللفنان‭ ‬اسيد‭ ‬عبده‭ ‬سليم‭ ‬تمثال‭ ‬سيريالى‭ ‬رفيع‭ ‬القيمه‭ ‬الرمزية‭ ‬والجمالية‭ ‬يمثل‭ ‬هيئة‭ ‬مفرغة‭ ‬مربعة‭ ‬الشكل‭ ‬داخلها‭ ‬هرم‭ ‬كبير‭ ‬بداخله‭ ‬أهرامات‭ ‬صغيرة‭ .. ‬يرقد‭ ‬أعلاه‭ ‬محتضنه‭ ‬حارساً‭ ‬تمساح‭ ‬نيلى‭ ‬صغير‭ .. ‬وقد‭ ‬تمثل‭ ‬الفنان‭ ‬النيل‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬سيقان‭ ‬فى‭ ‬مسيرة‭ ‬متتالية‭ ‬الحركة‭ ‬غير‭ ‬منقطعة‭ ‬ولا‭ ‬متوقفه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إظهار‭ ‬الحركة‭ ‬بدءاً‭ ‬من‭ ‬القدم‭ ‬حتى‭ ‬الركبة‭ ‬لتبدو‭ ‬كإستلهام‭ ‬من‭ ‬المدرسه‭ ‬المستقبلية‭ ‬فى‭ ‬الفن‭ ‬لتوحى‭ ‬بالحركة‭ ‬الدائمة‭ ‬للنيل‭ ‬المتجهة‭ ‬بثبات‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬دون‭ ‬توقف‭.. ‬

 

وللنيل‭ .. ‬إبناب‭ ‬وبعروس

وقدم‭ ‬النحات‭ ‬اأحمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب‭ ‬عام‭ ‬1980‭ ‬تمثاله‭ ‬البرونزى‭ ‬ا‭ ‬إبن‭ ‬النيلب‭ ‬بدا‭ ‬كشخص‭ ‬فرعونى‭ ‬يسير‭ ‬فى‭ ‬محيطه‭ ‬الفراغى‭ ‬المتسع‭ ‬فى‭ ‬ثقة‭ ‬وثبات‭ ‬يعلو‭ ‬رأسه‭ ‬تاج‭ ‬فرعونى‭ .. ‬

‭ ‬كذلك‭ ‬لوحة‭ ‬ا‭ ‬إبن‭ ‬النيل‭ ‬العجوزب‭ ‬للفنان‭ ‬افريد‭ ‬فاضلب‭ ‬الذى‭ ‬رسم‭ ‬صائد‭ ‬سمك‭ ‬عجوز‭ ‬قضى‭ ‬حياته‭ ‬فى‭ ‬مركبه‭ ‬بين‭ ‬شطآن‭ ‬النيل‭ ‬للرزق‭ ‬كإبن‭ ‬للنيل‭ ‬من‭ ‬خيره‭ ‬ورزقه‭ .. ‬

وقدم‭ ‬مثال‭ ‬الكبير‭ ‬رائد‭ ‬فن‭ ‬النحت‭ ‬الحديث‭ ‬امحمود‭ ‬مختار‭ ‬تحفته‭ ‬الرائعة‭ ‬لرأس‭ ‬بورتريه‭ ‬تمثل‭ ‬عروس‭ ‬النيل‭ ‬بخامة‭ ‬البرونز‭ ‬عام‭ ‬1929‭.. ‬بدت‭ ‬فيه‭ ‬اعروس‭ ‬النيلب‭ ‬كعروس‭ ‬خجولة‭ ‬أحنت‭ ‬رأسها‭ ‬الى‭ ‬الجانب‭ ‬بدلال‭ ‬ومتجملة‭ ‬بكامل‭ ‬زينتها‭ ‬من‭ ‬إكسسوارات‭ ‬فرعوية‭ ‬من‭ ‬قرط‭ ‬الأذن‭ ‬وقلادة‭ ‬الصدر‭ ‬وتعلو‭ ‬رأسها‭ ‬زينة‭ ‬الرأس‭ ‬الفرعونى‭ ‬الشهير‭ ..‬

ومصر‭ ‬والسودان‭ ‬إمرأتين

أما‭ ‬المثال‭ ‬سيد‭ ‬أبو‭ ‬السعود‭ ‬فقد‭ ‬مثل‭ ‬فى‭ ‬عمله‭ ‬النحتى‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬إمرأتين‭ ‬متلاصقتين‭ ‬تحتضن‭ ‬إحداهما‭ ‬الأخرى‭ ‬كجسد‭ ‬واحد‭ ‬تعلو‭ ‬بينهما‭ ‬زهرة‭ ‬اللوتس‭ ‬رابطة‭ ‬بينهما‭ .. ‬وتمسك‭ ‬مصر‭ ‬برمز‭ ‬مفتاح‭ ‬الحياه‭ ‬الفرعونى‭ ‬والسودان‭ ‬تتكئ‭ ‬بيدها‭ ‬على‭ ‬جدار‭ ‬منخفض‭ ‬ويمر‭ ‬تحت‭ ‬قدميهما‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭ ‬متمثله‭ ‬بالخطوط‭ ‬المُعرجه‭ ‬كما‭ ‬فى‭ ‬الجداريات‭ ‬الفرعونيه‭ ..‬

كما‭ ‬قدم‭ ‬الفنان‭ ‬اعبد‭ ‬المجيد‭ ‬الفقىب‭ ‬عمل‭ ‬ريليف‭ ‬بارز‭ ‬وغائر‭ ‬لإمرأه‭ ‬آسرة‭ ‬الشخصية‭ ‬وثابة‭ ‬ذات‭ ‬عينين‭ ‬تنظران‭ ‬للأمام‭ ‬بثبات‭ ‬تمثل‭ ‬مصر‭ ‬تحيطها‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭ ‬وإلى‭ ‬جوارها‭ ‬مدائنها‭ ‬ومعمارها‭ ‬الراسخ‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬المياه‭ ‬تحيطه‭ ..‬

‭ ‬والفنان‭ ‬رضا‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬قدم‭ ‬مصر‭ ‬كأسطوره‭ ‬نيلية‭ ‬تتوسطها‭ ‬المياه‭ ‬فى‭ ‬عمل‭ ‬تصويرى‭ ‬رمزى‭ ‬تعبيرى‭ ‬أسماه‭ ‬ا‭ ‬النيل‭ ‬زهرة‭ ‬الجمال‭ ‬والمجد‭ ‬والخلود‭ ‬‭ ..‬

النيل‭ ‬أنشودة‭ ‬جمال‭ ‬ورزق‭ ‬مصرية

وقد‭ ‬إحتفى‭ ‬فى‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬اللوحات‭ ‬والتماثيل‭ ‬والجداريات‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬بالنيل‭ ‬كإحتفاء‭ ‬فطرى‭ ‬وكجزء‭ ‬طبيعى‭ ‬من‭ ‬فكرنا‭ ‬وتكويننا‭ ‬الجسدى‭ ‬المستمد‭ ‬فى‭ ‬إستمراريته‭ ‬من‭ ‬مائه‭ .. ‬ومن‭ ‬اللوحات‭ ‬الرائعه‭ ‬لوحة‭ ‬تمثل‭ ‬صبيان‭ ‬من‭ ‬النوبه‭ ‬السُمر‭ ‬وقد‭ ‬ألقوا‭ ‬بأنفسهما‭ ‬ضاحكين‭ ‬فى‭ ‬مياهه‭ ‬مستمدين‭ ‬لطاقة‭ ‬الحياه‭ ‬والمتعه‭ ‬واللوحة‭ ‬للفنان‭ ‬افريد‭ ‬فاضلب‭ .. ‬وكان‭ ‬أكثر‭ ‬التعابير‭ ‬الفنية‭ ‬رؤية‭ ‬النيل‭ ‬كإنشودة‭ ‬جمال‭ ‬وجزءً‭ ‬حيويا‭ ‬من‭ ‬جمالية‭ ‬الوجود‭ ‬وحضوره‭ ‬الآسر‭ ‬الممتد‭ ‬من‭ ‬الجنوب‭ ‬إلى‭ ‬الشمال‭ ‬محملاً‭ ‬بالشاعرية‭ ‬والبهجة‭ ‬الروحية‭ ‬والراحة‭ ‬البصرية‭ .. ‬فكثرت‭ ‬اللوحات‭ ‬التى‭ ‬تصورالنيل‭ ‬مُحملة‭ ‬مياهه‭ ‬نهاراً‭ ‬بمراكب‭ ‬الرزق‭ ‬وعصرا‭ ‬إلى‭ ‬الغروب‭ ‬محمله‭ ‬بمراكب‭ ‬العشق‭ ‬وأناشيد‭ ‬غير‭ ‬منطوقه‭ ‬قادمه‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬جنوبنا‭ ‬بترانيم‭ ‬الأجداد‭ ‬الفراعنه‭ .. ‬ومن‭ ‬اللوحات‭ ‬المهمة‭ ‬للفناين‭ : ‬مجموعة‭ ‬اأناشيد‭ ‬على‭ ‬النيلب‭ ‬للفنان‭ ‬الكبير‭ ‬اسيد‭ ‬سعد‭ ‬الدين‭ ‬ا‭ ‬ولوحة‭ ‬أغنيه‭ ‬للنيل1978‭ ‬للفنانه‭ ‬الكبيرة‭ ‬اتحية‭ ‬حليم‭ .. ‬وبمركب‭ ‬وهدهد‭ ‬للفنان‭ ‬احمد‭ ‬عبد‭ ‬الكريم‭ .. ‬وبعلى‭ ‬ضفاف‭ ‬نيل‭ ‬النوبة‭ ‬للفنان‭ ‬الكبير‭ ‬احسين‭ ‬بيكارب‭.. ‬ومشهد‭ ‬شاعرى‭ ‬للفنان‭ ‬الكبير‭ ‬اعز‭ ‬الدين‭ ‬حمودة‭ .. ‬وعاشقان‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬النيل‭ ‬للفنان‭ ‬اعمر‭ ‬عبد‭ ‬الظاهر‭ .. ‬وإحتفال‭ ‬شاعرى‭ ‬بالنيل‭ ‬للفنانة‭ ‬الكبيرة‭ ‬زينب‭ ‬السجينى‭ ‬‭ .. ‬ومراكب‭ ‬صيد‭ ‬ونزهة‭ ‬نيليه‭ ‬للفنانين‭ ‬اصلاح‭ ‬طاهرب‭ ‬وبفريد‭ ‬فاضل‭ ‬وبمحمد‭ ‬عبلهب‭ ‬وبعبد‭ ‬العظيم‭ ‬العشرىب‭ ‬وبجلال‭ ‬الحسينىب‭ ‬وبجورج‭ ‬فكرىب‭ ‬وبحافظ‭ ‬الراعىب‭ ‬وبفتحى‭ ‬عثمانب‭ ‬وبمحمود‭ ‬أبو‭ ‬العزمب‭ ‬وبنسمه‭ ‬شريفب‭ .. ‬إضافه‭ ‬للوحة‭ ‬هامة‭ ‬للمستشرق‭ ‬اليون‭ ‬بيللى‭ ‬الذى‭ ‬هام‭ ‬عشقاً‭ ‬بالنيل‭ ‬فرسم‭ ‬رائعته‭ ‬افلاحات‭ ‬مصريات‭ ‬يملأن‭ ‬جرارهن‭ ‬من‭ ‬النيل ‬عام‭ ‬1856‭ ..‬

المصدر : جريدة اخبار الادب