في الصميم

الثورات الكبرى لا تموت لهذا يخافون من «يوليو»

جلال عارف
جلال عارف

أعظم ما فى ثورة يوليو 52 أنها كانت تعى منذ البداية أنها وريثة نضال الحركة الوطنية المصرية العظيمة فى العصر الحديث من أجل الاستقلال والنهوض، ومن أجل الدولة المدنية الحديثة التى تقوم على العدل والحرية وتبنى نفسها بالعلم والعمل.

لهذا كان الطريق واضحاً منذ البداية، وكان الولاء للشعب وحده، وكان التفاف الشعب حول الطليعة التى بدأت مسيرة الثورة فجر 23 يوليو.


منذ البداية أعلنت الثورة انحيازها لغالبية الشعب التى طال حرمانها، وأدركت أنه لا سبيل لنهضة حقيقية إلا بتحرير الوطن واستقلال القرار الوطنى، وأيضاً بتحرير لقمة العيش وإطلاق طاقات الإبداع والإنتاج ليبنى المصريون جميعاً الدولة التى تكون وطناً لكل أبنائها وليس ضيعة لناهبى الثروات من قوى الاستعمار وعملائها.

لهذا انطلقت مصر لتحقق فى بضع سنوات ما كان مستحيلاً تصوره قبل ذلك. تحقق الاستقلال وبدأت أكبر عملية تصنيع فى تاريخ مصر، وعادت قناة السويس لأحضان الوطن، وبنت مصر السد العالى واحتلت مكانها فى قيادة حركة التحرر العربى وأصبحت قطباً فاعلاً فى إفريقيا ودول العالم الثالث.


وكان الأهم أن كل ذلك يتم فى ظل عدالة اجتماعية توزع خيرات التنمية على الجميع، وتفتح للفقراء أبواب التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية، وتوسع الطبقة الوسطى التى استطاعت أن تقود التنمية وتسير بالوطن على طريق التقدم.


كان الطريق صعباً لكن الإرادة قادرة على مواجهة التحديات والشعب العظيم كان قادراً على حماية ثورته والوقوف وراء قيادته حتى فى لحظات الهزيمة كما فى أيام الانتصار.

 

وهى فى عامها السبعين مازالت ثورة يوليو حية فى ضمير الشعب، وما زال الحضور القوى لقائدها ورمزها جمال عبدالناصر بعد خمسين عاماً من الرحيل مصدر قلق لأعداء الوطن.. مازالت يوليو حاضرة وفاعلة، ومازال الطريق للمستقبل يمر عبرها.