ما بعد الحج| العلماء: التزام الطاعة دليل قبول العبادة

■ نصائح يلتزم بها زوار بيت الله بعد العودة من الرحلة المقدسة تحقيقا للهدف الأسمى
■ نصائح يلتزم بها زوار بيت الله بعد العودة من الرحلة المقدسة تحقيقا للهدف الأسمى
احمد جلال
 

الحج عهد مع الله بأن يبدأ الإنسان صفحة جديدة، بعد أن منحه الله المنحة الربانية فأكرمه بغفران ذنوبه، فكأنما ولد من جديد وذلك مصداقا لقول النبى عليه الصلاة والسلام: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه» فينبغى على من نال هذا العطاء الإلهى ألا يفرط فيه بالعودة للمعاصي.. يقدم العلماء النصائح التى يجب أن يلتزم بها زوار بيت الله بعد العودة من الرحلة المقدسة، ليثبتوا على العهد تحقيقا للهدف الأسمى وهو رضوان الله ودخول جنته فى مستقر رحمته.

فى البداية يقول الشيخ عبد التواب عبد الحكيم قطب وكيل الأزهر الأسبق: إن الحاج الذى نال رحمة الله بالعودة سالما من رحلة الحج، تاركا ذنوبه متخففا من أوزاره، وذلك بعد ما لبى وطاف وسعى ورمى الشيطان وذبح الهدى وامتثل لأمر الله فى كل المناسك، وسبق ذلك تحريه الحلال فى الزاد والراحلة فحج من مال حلال فنادت عليه الملائكة: حجك مأجور وسعيك مبرور ونلت رضا وعفو الرحيم الغفور، ينبغى على هذا الإنسان وقد ولد من جديد بصحيفة بيضاء أن يثبت على الاستقامة وألا يسود البياض بالمعاصى مرة أخرى فقد لا تدركه الفرصة مرة أخرى لتدارك ذلك بحجة جديدة سواء من ناحية الصحة أو المال أو الفراغ، فالحج دعوة ربانية وقبوله منحة إلهية، فلا يجب أن يقابل ذلك بالنكوث.

ويشدد قطب على أنه يجب على الإنسان الذى لبى نداء الحق على لسان أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم فحج بيت الله وزار البقع المقدسة وامتثل للطاعة، يجب عليه أن يأخذ نفسه بالعزيمة وأن يجعلها لا تحيد به عن الطريق المستقيم، كما يجب عليه أن يكثر من الاستغفار والطاعات والقربات لله وأن يحرص على صلة الأرحام ويحسن لليتامى والفقراء والمساكين وأن يتفقد جيرانه وفيهم الضعيف والمسكين والأرملة وبذلك يملأ صفحته البيضاء بما يرضى الله عنه ويثقل موازينه فى الآخرة.

ويضيف الشيخ جعفر عبد الله رئيس قطاع المعاهد الأزهرية الأسبق أن رحلة الحج المستوفية شروطها وأركانها والمؤمل فى قبولها من الله الكريم الذى لا يرد من أتاه طائعا منيبا معترفا بالذنب ومقر بالتقصير، هذه الرحلة خط فاصل بين مرحلتين فى حياة الانسان، خط فاصل بمعنى أنه لا يجب أن يكون ما قبلها مشابه لما بعدها، وإلا لما تحقق الهدف منها، فالحج «بروفة» أو تدريب مصغر ليوم القيامة حيث يحشر الناس فى صعيد واحد لا فرق بين غنى ولا فقير ولا كبير ولا صغير ولا أبيض ولا أسود ولا ذكر أو أنثى.

كل الناس سواسية يرجون رحمة الله ويرغبون فى عفوه، وعلى الذين خاضوا هذه التجربة وفازوا بهذه المنحة أن يستغلوها فيما اقبل من أعمارهم.

ويوضح: الخط الفاصل فيما قبل الحج وبعده يحتم على الحاج الذى كان محسنا قبل الحج أن يزيد ويضاعف فى احسانه وقرباته وطاعاته ارضاء لله رب العالمين، ويحتم على المسىء أو المقصر قبل الحج بأن يبتعد عن هذا الطريق وأن يغير المسار وأن يجتهد فى طريق الإحسان.

ويشدد على سوء عاقبة النكوث بعد الطاعة مستشهدا بقوله تعالى: «ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا»، وفى هذا تشبيه بسوء حال من يضيع جهده هباء بعد التعب وما فى ذلك من خسران، فالحاج الذى أنفق المال وبذل الجهد وتكبد مشقة السفر ومفارقة الأهل ابتغاء مرضاة الله وطمعا فى رحمته عليه أن يثبت على طريق الخير وعليه أن يتحرى الحلال فإذا دعا الله استجاب له، فإذا قال: اللهم يا مثبت القلوب والأبصار ثبتنى على طاعتك، تكون الاستجابة من الله له، ويكون من الموفقين فيما تبقى لهم من أعمار، وبالتالى يكون من الذين يحظون بالثواب الأعظم فى الآخرة بالدخول فى رحمة الله.

ويختتم كلامه بقوله: ينبغى أن يكون اهتمام الحاج بعد أن منّ الله عليه بأداء الفريضة بالمحافظة على مكتسبات الحج ومنها الاستقامة والصلاح وكرم الأخلاق وبذل الندى وكف الأذى واستشعار حقوق الأخوة والتعاون على البر والتقوى.