تفسير آية| «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا»

نجلاء شمس
نجلاء شمس

نجلاء شمس -مجمع البحوث الإسلامية-

اِثبَتْ لا تنسحب، اِمنح عقلك الضوء الأخضر، وافصح عما يمنع تغييرك نحو الأفضل؟ لا تقل من أين أبدأ، ولا كيف السبيل؟  اِبدأ من نفسك..اعرفها.. جاهدها؛ فهى بداية الخيط.

قال سبحانه: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا» سورة الشمس ١٠،٩  فمن الآن اِبدأ سلسلة نقاشات جريئة مع نفسك؛ ولكن بعد أن تتأكد أولا من سلامة صدرك من أى مؤثرات مسبقة أو إعاقات نفسية؛ عُد بذاكرتك قليلًا إلى الماضي؛ ستجد أنك واجهت العديد من الصعاب، ونجحت فى تجاوزها.

هذه هى الحياة؛ تضغط عليك؛ لكنك فى أغلب أحوالك تتغلب وتتفوق عليها؛ لذلك ضَع فى ذهنك أن مواجهتك لأى مشكلة ليست أمرًا جديدًا عليك؛ بل سيكون تجاوزها سهلًا، فلا تهلع ولا تتوتر، وكن على قناعة بأنه لا يوجد مستحيل؛ ولكن اِجعل من كلمة مستحيل نقطةَ ضعفٍ لديك لم تتغلب عليها حتى الآن، ويمكنك التغلب عليها فى المستقبل القريب، كما أن ما تعتقده فشلًا هو فى الحقيقة محاولة جديدة وجادة للتعلم؛ بل هى خطوة قوية وسريعة نحو الهدف،  فالفشل قد يكون أحد أعمدة النجاح لمن يثقون بأنفسهم وقدراتهم، بحيث لا ينسحبون من أول تجربة فاشلة؛ وإنما يخوضون تجربتهم الثانية والثالثة... إلى أن يستقر بهم المقام على القمة، ولتعلم يقينًا أنه لولا المشقة لساد كل  الناس، قال تعالى: «إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا» سورة الكهف ٣٠.

فكن عنيدًا فى تحقيق حلمك، وانجز ما كنت تؤجله كسلًا أو تهاونًا أو انتظارًا وتراخيًا ،ورغم أن حياتنا مليئة بالمشاغل والمتاعب؛ إلا أننا لا نمتلك- غالبًا- مهارة ترتيب الأولويات والتفريق بين المهم والأهم، والعاجل والمؤجل واعلم أنك لست وحدك صاحب المهام الجسام والأعباء الثقال؛ فكلنا هذا الشخص، فلا تضيع عمرك ووقتك سدى دون أى إنجاز يُذْكَر، وما أنت فيه الآن إنما هو -فى حقيقته- فشل فى ترتيب الأولويات ، فيجب أن تنظم وقتك وترتب أولوياتك ؛ كما ينبغى ألا تنام ليلًا إلا وأنت تملك فكرة واضحة عما ستفعله فى غدك، حتى لا يضيع جهدك هباءً، وعندما تفعل ذلك ستكتشف أن يومك أصبح يومين، ولا عجب فإن تحديد الأهداف هو بداية الانطلاق، لا سيما مع زيادة الجرعة الإيمانية والروحية فى حياتك، وعندها سوف تكتسح العقبات التى تقف أمامك؛ خاصة عندما تعرف الفرق الحقيقى بين التوكل- الذى يقترن بالفعل- والتواكل- الذى يعنى الكسل والخنوع وتَمَنِّى الأماني- وينبغى أن توثق أحلامك وطموحاتك بالدعاء الدائم والعمل الدؤوب.

وحينها ستشعر أن الإنجاز يسعد قلبك، واعلم أن الكلمات ستظل مجرد كلمات حتى تتخذ أنت قرارًا بتطبيقها، ولا أقول هذا من قبيل المثالية المفرطة أو الفلسفة الخيالية؛ بقدر ما هى مرآة الصفاء والمودة، والمسلم مرآة أخيه، رزقنا الله الصلاح والإصلاح فى أنفسنا وأهلينا وذرياتنا ومجتمعاتنا وأوطاننا.