«من جيد إلى عظيم»... والمشروع القومي لبناء الإنسان

أسامة فهمي
أسامة فهمي

كتب: أسامة فهمي

 

من جيد إلي عظيم ... ذلك هو عنوان أحد الكتب الرائعة  للكاتب جيم كولنز، في علم البيزنس وإدارة الأعمال والذي يحدد أسباب لماذا تنطلق شركات وتقفز وتنجح.. وشركات أخرى تفشل أو يتباطئ نموها ؟ . 

 

وفي ذلك الكتاب أيضاً ذكر ملحوظة مهمة أن الجيد هو أكبر عداءً من أن تكون رائعاً، بمعنى أنه حين تصل لوضع جيد قد يمنعك أحياناً للوصول لوضع عظيم إذا حصل نوع من الاكتفاء أو توقف الطموح في التطوير عند حد الجيد . 

 

و ذكر مثالا جيد جداً أنه أغلب الوقت يكون عندنا مدارس جيدة وجامعات جيدة وذلك يمنع وجود جامعات ومدارس عظيمة أو رائعة . 

 

وعند هذا المثال توقفت كثيراً فخلال الثلاث سنوات الماضية قمت بعمل مقابلات عمل لمئات من الشباب خريجي الجامعات المصرية وناقشت معهم دراستهم وما تعلموه ووضعهم الحالي، منهم من اجتهد بشكل شخصي وطور قدراته ليناسب سوق العمل وهم عدد قليل جدا، ومنهم لا يعلم شيئًا عن شئ فهو يريد أي وظيفة بأي مرتب لمواكبة الظروف المعيشية القاسية وهؤلاء هم الأغلبية، فهم لم يتم تأهيلهم لسوق العمل ولم يستفيدوا من تعليمهم شيئاً .. كلفوا الدولة مليارات في تعليم مجاني وكلفوها ثمناً باهظاً ببطالتهم . 

 

وهنا قررت أن أكون إيجابياً وأحاول المساهمة في طرح قد يطور فكرنا في عدة محاور . 

 

المحور الأول هو التعليم الجامعي الذي يجب أن يكون مناسباً لسوق العمل، والذي يجب أن يكون بمثابة أكاديمية تأهيلية للشباب علمياً وخلقياً وسلوكياً لإخراج جيل من المحترفين يناسبون أسواق العمل المحلية والدولية ... نعم يجب أن تعمل الدولة كشركة موارد بشرية كبرى تؤهل الشباب لأسواق العمل وهو نشاط لا يقل أهمية عن الصناعة والزراعة ومصدر دخل قومي يساهم في رخاء الدولة وشعبها ونستطيع أن نحصد نتائجه في خلال خمس سنوات من خلال تطوير المناهج والتعاون مع القطاع الخاص. 

 

المحور الثاني هو العمل التسويقي لتلك الكوادر على المستوى الدولي والمحلي وعمل علاقات دولية تفيد تسكين تلك الكوادر بشكل جيد في وظائف تساعد علي نمو كفاءتها ومتابعتها، ومتابعة تطورها فهم كوادر مستقبل هذا البلد . 

 

المحور الثالث هو محور البحث والتطوير الذي يجب أن تعتمد عليه هذه المنظومة للحفاظ على كوادر الشباب على أعلى مستوى طوال الوقت والحفاظ على مستوى هذا المشروع على الدوام . 

 

أراه مشروعاً قومياً لا يقل أهمية عن تطوير الطرق والقرى والمدن الجديدة ومبادرة 100 مليون صحة، فقد تعلمنا أن أفضل أنواع الاستثمار هو الاستثمار في البشر، وهو ما أراه محل اهتمام القيادة السياسية في الوقت الحالي . 

 

ومن خلال تلك السطور أتوجه إلى القيادة السياسية بخالص الشكر والتقدير والعرفان على الجهود الكبيرة المبذولة من أجل بناء الإنسان المصري ومن أجل أن يحيا حياة كريمة، متمنيًا أن تتبنى الدولة مشروعًا قوميًا جديدًا ينعكس في خلال خمس سنوات على إيرادات الدولة ورخاء شعبها ومستقبل مصر في رؤية 2030 بكوادر عظيمة نفتخر بها جميعاً تقود اقتصاد ومؤسسات المنطقة في خلال عشر سنوات.