يوميات الأخبار

من الجانى .. ومن المجنى عليه؟!

د. محمد حسن البنا
د. محمد حسن البنا

وجود إرادة لدى كل المسئولين والجهات المعنية
للنهوض بالمؤسسات الصحفية القومية
 وإزالة كل المعوقات التى تواجهها

فى العرف القضائى لكل قضية جان أو متهم ، ومجنى عليه أو ضحية ، والذى يفصل بينهما قاض . وفى جميع القضايا والاشكالات التى نتعرض لها ، لابد من هذا الثالوث حتى يتحقق العدل وسيادة القانون . واسمحوا لى أن أطبق هذه القاعدة على قضية الصحافة والاعلام ، والتى يتحدث فيها كل الناس ، سواء من أهل الخبرة أو الاختصاص ، أو من المواطنين العاديين والمثقفين . وسواء من لديه معلومات أو ليس لديه معلومات ، الكل يدلى بدلوه وليس فى ذلك اعتراض .
بداية ، ليس للقيادات الحالية للصحافة المصرية يد فيما تعانى منه من خسائر ومشكلات ، إنما الانصاف ، وبمنهج البحث العلمى ، فإنها مشكلات مزمنة أصيبت بها الصحافة منذ الستينيات من القرن الماضى ، وبالتحديد بعد تأميم الصحافة عام 1960 . كانت الصحافة مملوكة لأفراد وأحزاب قبلها ، ورأت قيادات ثورة 1952 تأميمها بعد خروجها عن قيم ومبادىء المجتمع والثورة ، كما قال المؤرخ واستاذ الصحافة عبد الطيف حمزة فى كتيبه الصغير «الصحافة والمجتمع» . ويجب أن أنوه الى قضية منطقية «ليس كل التأميم خطأ». لكن ، على مدى السنوات التالية بدأت الخسائر تتراكم. فى نفس الوقت قامت الصحافة بأدوار وطنية وقومية تستحق عنها الدعم والمساندة . لكن هذا لم يمنع بالحسابات الدقيقة تحقيق خسائر جمة أمام التزامات مجتمعية مهمة .

حلول جذرية


ليس هذا مبررا لاستمرار الخسائر . بل هو ،بلاشك، يدعونا للبحث عن حلول جذرية للعلاج . هنا يجب أن ننحى جانبا العواطف والشعارات. ولكونى باحث فى هذه القضية ، إضافة الى خبرتى العملية لأكثر من 45 سنة ، فقد بحثت الأسباب وبمعاونة قيادات صحفية كبيرة سابقة وحالية ، كان من بينهم المهندس المحترم عبد الصادق الشوربجى وقت أن كان رئيسا لمجلس إدارة روزاليوسف ، أعددت رسالتى للدكتوراة عن دور الحوكمة فى تحسين كفاءة المؤسسات الصحفية . ثم أصدرت كتابى « الصحافة فى خطر - خطة للاصلاح « من الهيئة المصرية العامة للكتاب . وفيها تناولت بالتحليل العلمى الاسباب الحقيقية لمشاكل المؤسسات الصحفية ، لم أكتف بذلك ، بل أعددت حلولا من خلال خطة تنفيذية ACTION PLAN من الانهيار . لست وحدى الباحث فى هذا المجال لدينا خبراء وأساتذة متخصصون فى ذلك ، وعلى رأسهم الزملاء بالهيئة الوطنية للصحافة برئاسة المهندس الشوربجى . وهم الأجدر باتخاذ مايلزم تجاه المؤسسات الصحفية.


أحداث يناير


 كشفت أحداث يناير٢٠١١ مدى تأثر ايرادات المؤسسات الصحفية نتيجة للكساد الاقتصادى ، ولضعف منظومة الاعلانات بالصحف، أسباب عديدة تمت دراستها فى إطار كتاب « الصحافة فى خطر ، وقد توصلنا الى حلول جذرية لهذه الأزمة.‏ لهذا أنصح أن تضع الدولة توصياتنا فى خطتها لإصلاح المؤسسات الصحفية القومية :


 إعادة هيكلة مؤسسات الصحف القومية، بطريقة اقتصادية ومالية وإدارية سليمة ،وإدارة أصول المؤسسات بكفاءة اقتصادية ومالية..ووضع آليات تنفيذ مبادىء الحوكمة، من خلال معايير موضوعية ، يتصف منفذها بالحيدة والموضوعية والنزاهة لإعلاء شأن المصلحة العامة. وإقامة شركات إعلان وتوزيع وطباعة،والسماح للمؤسسات بالتنسيق مع بعضها البعض.
- الفصل بين منصب رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير.


التدريب والتأهيل


 تأهيل القيادات الصحفية بالتفكير الإبداعى وإفساح المجال أمامها بتشجيع الابتكار والإبداع فى مجال العمل الصحفى والتجارى. وتحقيق منظومة التدريب والتطوير المستمر للعاملين بمختلف التخصصات.


 تفعيل الدورالرقابى لكافة الأجهزة الرقابية على مؤسسات الصحف القومية فيما يتعلق بالجوانب الإدارية والمالية والفنية ، وتوحيدها . وتحقيق المتابعة المستمرة وتصحيح الأخطاء أولا بأول.


استخدام أساليب الادارة الحديثة والاعتماد على منظومة تنمية الموارد البشرية، وأن يكون التعيين لتجديد الدماء من دون التفريط فى الخبرات النادرة والتى يصعب تعويضها، مع وضع منظومة حاسمة وحازمة للثواب والعقاب .


كما نوصى بضرورة إعادة النظر فى مسئولية المراجعة الداخلية تجاه المؤسسة ككل.


تطوير إليكترونى


التوجه نحو تطوير المواقع الإلكترونية.


هناك من المتطلبات اللازمة لتفعيل مساهمة الاعلام فى تعزيز الشفافية والمساءلة، بالدعوة لتعديل القوانين والتشريعات عند التعرض لقضايا الفساد ، قانون خاص لتنظيم حرية تبادل ونشر البيانات و المعلومات ، وتشكيل لجنة بالتعاون مع الهيئة الوطنية للصحافة ولجنة تطوير المهنة بنقابة الصحفيين  للتنسيق فى إعداد برامج تدريبية فى موضوعات الشفافية والمساءلة ، مع دمج موضوع الشفافية فى المناهج الدراسية للكليات الإعلامية.


الاهتمام بالتخطيط فى المؤسسات لمواجهـة عمليات:  تطوير المؤسسة مـــــن ناحيــــة الإنشــــاءات والمعدات اللازمة لمواجهة التطور التكنولوجى المستمر فيما يتعلـــق بالأجهــــزة والآلات التكنولوجية التى تحتاجها فى الإرسال والاستقبال والطباعة ومعالجـــة المعلومات، ووضع خطط لاستثمار أصولها وتنمية مواردها الاقتصادية ، وعمل دراسات تتعلق بتقديم خدمات جديدة مثل إصدار صحيفة أو مجلة أو عمل مشروع جديد تابع للمؤسسة الإعلامية أو توسيع خدماتها الإعلانية أو التخطيط لتوسيع مجال التوزيع فى أسواق جديدة . والتخطيط لمواجهة منافسات المؤسسات الإعلامية المشابهـة بتطوير الافكار .


توفير البيئة التشريعية المناسبة للتطوير من دون معوقات . وايضا تطوير البيئة لتنفيذ الخطط والمشروعات دون بيروقراطية أو معوقات .


تغيير مفاهيم العمل بالمؤسسة ليكون الانتاج هو فيصلها ، وأن يرتبط صرف المرتبات والحوافز بالإنتاج.


معايير الحوكمة


- تطبيق معايير حوكمة الشركات التى تم وضعها فى سبتمبر ٢٠٠٥ الخاصة بالشركات المساهمة التابعة لقانون رقم ١٥٩ لسنة ١٩٨١، وكذلك معايير حوكمة الشركات التى تم وضعها فى يوليو ٢٠٠٧ الخاصة بشركات قطاع الأعمال العام التابعة لقانون ٢٠٣ لسنة ١٩٩٠، وكذا تفعيل دور مركز المديرين التابع لوزارة الاستثمار.


يرتبط كل ماسبق بتوصية هامة تتلخص فى وجود إرادة لدى كل المسئولين والجهات المعنية للنهوض بالمؤسسات الصحفية القومية ، وإزالة كل المعوقات التى تواجهها ، لكى تنطلق وتحقق المرجو منها لصالح الوطن والمجتمع والأفراد .


الإستعانة بنموذج سوات SOWT والذى يبين عناصر القوة والضعف بالمؤسسات ويعمل على تقوية الضعيف منها والاستفادة من العناصر القوية والمميزة لها ، وأيضا مواجهة التهديدات التى تعرض المؤسسات للمخاطر .


هذه بعض من مقترحاتنا لإنقاذ المؤسسات الصحفية . ولابد أن يكون لدينا سعة صدر فى مناقشاتنا ، وثقة فى متخذ القرار .


الديك الرومى


الصديق العزيز الكاتب الصحفى الكبير السيد هانى مدير تحرير الجمهورية، أهدانى كتابه «عملية اصطياد الديك الرومى» «ليس فى التاريخ شىء اسمه حرب 67» . عنوانان للكتاب لأنه من نوع التحقيق فى تفاصيل حدث جرى وليس حربا بالمعنى التقليدى ، حيث وقع اعتداء اسرائيلى على مصر وسوريا والاردن واحتلت مساحات من أراضيهم ، والهدف إسقاط جمال عبد الناصر وهو فى أوج توهجه السياسى . الكتاب يقع فى 527 صفحة من الحجم الكبير ويعتمد على مقابلات مصورة مهمة وقراءات فى المستندات والاوراق التاريخية ، وتحليل للحوادث والمجريات فى هذا التوقيت.