يوميات الأخبار

ناصر لحليم .. «ما تعملهاش تانى»

سليمان عبدالعظيم
سليمان عبدالعظيم

بقلم/ سليمان عبدالعظيم

تلك قصة غريبة ومثيرة فى آن..لست صاحبها..ولكن كتبها الدكتور محمد الباز فى كتابه الأبرز «هيكل..المذكرات المخفية..السيرة الذاتية لساحر الصحافة العربية» الذى أصدرته دار ريشة منذ أسابيع.

يحكى د.الباز فى تلك المذكرات المخفية لمحمد حسنين هيكل تفاصيل هذه القصة الغريبة على لسان هيكل كالتالي: «مرة عمل عبد الحليم حافظ حاجة غريبة، لم يعرف كيف يتصرف فيها، وقد واجهها بحيرة كاملة.. كان عبد الحليم قد بدأ يسافر للخارج وأصبح نجماً، وكان يسمع أن الرئيس يحب أربطة العنق، جاء حليم مرة لبيت عبد الناصر، وأنا -هيكل- كنت موجوداً، كان من عادته أن يصل إلى البيت ويجلس مع أولاد الرئيس الذين كانوا فى سن الصبا، ويثير حالة من الفرح الإنسانى النادر فى كل مكان فى البيت، كان يزيط ويهرج مع الأولاد، وكان الرئيس يحبه جداً ..دخل حليم على الرئيس وفى يده شئ ما، دستة من الكرافتات، عبد الناصر قال له: شوف يا حليم أنا حاخد واحدة فقط بس ما تعملهاش تانى أبداً.. قال حليم: طيب سيادتك اختار..رد عبد الناصر: أنا حاخد واحدة بالبخت دون اختيار.
هكذا كان تعامل الرئيس عبد الناصر فى مثل هذه المواقف حتى ولو كان صاحبها هو عبد الحليم الذى كان عبد الناصر يحبه و يعتبره نتاجاً لثورة يوليو..صوت الثورة ومطربها .

جمال مبارك وأول منصب رسمى

أثناء زيارة رسمية للرئيس حسنى مبارك لدولة الإمارات العربية عام 1997 أصيب الأستاذ مكرم محمد أحمد بتوعك صحى طارئ وعلى الفور أمر الشيخ زايد بن سلطان رئيس الامارات رحمه الله بسرعة نقله إلى أكبر مستشفى فى أبو ظبي..وعندما انتهت المباحثات الرسمية ذهب الرئيس مبارك لزيارة الأستاذ مكرم وبرفقته كل أعضاء الوفد الوزارى الرسمى المصري.. لكن المفاجأة الكبرى التى جذبت بشدة انتباه كل من شاهد تفاصيل زيارة الرئيس مبارك لرئيس تحرير مجلة المصور للاطمئنان عليه كانت وجود جمال مبارك فى الصورة بجوار سرير الأستاذ مكرم.. مساء نفس اليوم تلقيت اتصالاً مريباً من اللواء وقتها حمدى عبد الكريم مسئول الاعلام بوزارة الداخلية صديقى وصديق كل رجالات الصحافة والاعلام : « شفت تغطية نشاط الريس النهاردة» ..قلت :» نعم وعندى كلام عاوز أقوله».. «طيب فى انتظارك النهاردة الساعة 9 مساءً ».

قلت للواء حمدى عبد الكريم: الناس كلها تساءلت عن سر وجود جمال مبارك مع الرئيس فى هذه الزيارة الرسمية رغم أنه لا يشغل أى منصب رسمى لا فى رئاسة الجمهورية.. و لا فى الحكومة.. ولا حتى فى الحزب الوطنى !!

بعد 5 أيام فقط من عودة الرئيس مبارك للبلاد أصدر الرئيس مبارك بوصفه رئيساَ للحزب الوطنى الديموقراطى قراراً بتعيين جمال مبارك عضواً بالأمانة العامة للحزب.. وكان هذا المنصب هو بداية الصعود السياسى للسيد جمال مبارك!

ياريتنى وافقت يا د. رميحى!

فى عام 1994 سافرت إلى الكويت لأمر خاص.. لم يكن هدفى العمل فى الصحافة الكويتية حيث كنت أراسل جريدة الأنباء من خلال مكتبها فى القاهرة الذى كان يديره الأستاذ جميل الباجورى .. وهناك فى الكويت قابلنى صديقى الحميم محمود صلاح أشهر محرر حوادث فى بر مصر وصاحب «البيوت أسرار» الباب الأشهر فى الصحف الكويتية والخليجية قاطبة..

فى شقته الفاخرة بحى السالمية سألنى محمود صلاح : انت مش لسه ماسك مجلة اقرأ السعودية.. ما تعملك كام حوار مع أحمد الجار الله صاحب ورئيس تحرير جريدة السياسة الكويتية ود. محمد الرميحى رئيس تحرير مجلة العربي..وغيرهم.. اتصلت بمكتب د. الرميحى وردت على سكرتيرته المصرية راندا إن لم تخنى ذاكرتى التى تعشق أن تكون كذاكرة الأسماك !..من فضلك اسمى كذا وعاوز موعد لإجراء حوار مع الدكتور محمد الرميحى لمجلة اقرأ السعودية ؟..طيب ممكن رقم تليفونك..أملانى محمود صلاح رقم تليفون منزله..ولم يفتنى أن أخبرها أننى فى ضيافة ابن الحتة وصديق العمر محمود صلاح..

فى مساء نفس اليوم أخبرنى محمود أن موعدى مع الدكتور الرميحى غداً الساعة 12 ظهراً..جهزت أسئلتى وذهبت بسيارة تاكسى بدينارين إلى مقر وزارة الإعلام حيث مجلة العربى التابعة للوزارة..

بمجرد أن دخلت مكتب رئيس التحرير حتى قال: أه..هو أنت ..أنا فاكرك كويس ويوسف القعيد كان بيشكر فيك كتير لما شفتك عنده فى المصور..أهلاً أهلاً بك فى الكويت.. عرفت إنك جاى هنا عشان أخوك مريض فى المستشفى..إن شاء الله يشفى ويخرج من المستشفى بالسلامة وتطمن عليه يا أستاذ سليمان.. بعد مرور ربع ساعة من وجودى قلت مستأذناً الدكتور الرميحى فلنبدأ الحوار.. أكثر من دستة أسئلة معتبرة وجهتها للمفكر السياسى الكويتى البارز دون أن يبدو على وجهه أى امتعاض..بل إنه على العكس كان سعيداً بتلك الأسئلة التى وصفها بأنها شقية.. شقية جداً

نسيت أن أذكر أن الأستاذ أنور الياسين مدير تحرير العربى استدعى أحد مصورى المجلة لتصوير لقائى مع الدكتور الرميحى.. أثناء الحوار الذى طال واستطال لقرابة الساعتين خرج فجأة الدكتور الرميحى ثم عاد بعد 5 دقائق..وعندما انتهى حوارنا قال لى : شرفتنا يا أستاذ سليمان.. من فضلك عدى على مدير التحرير..

الدكتور الرميحى عاوزك تشتغل معانا هنا فى المجلة..الراتب 475 دينارا زائد سفريتين سنوياَ على الأقل وممكن يكونوا ثلاث سفريات.....اضرب فى 12 يوما مدة كل سفرية..وزد على ذلك ستكون ضيفاً رسمياَ فى أى بلد عربى أو غير عربى باعتبارك ممثلاَ لوزارة الاعلام الكويتية..وستنال قدراً كبيراً من الضيافة والتقدير من الجهات الرسمية فى الدول التى ستزورها لعمل استطلاعات صحفية مصورة فيها..

الحقيقة فوجئت تماماً بما قاله مدير التحرير..رايح أعمل حوار لقيت نفسى مطلوب للعمل وفوراً.. انتظرت طبع صور الحوار حسبما طلب منى أنور الياسين..انتهى مصور العربى العتيق الأستاذ نصر الدين طاهر ابن قرية مصمص النوبية من طبعها..فى مكتبه صارحت بلدياتى الذى لم أكن أعرفه من قبل..قال لي: ياريتك توافق.. لازم توافق..دى فرصة عظيمة قوي..لازم تمسك فيها بايديك وسنانك .. بعد ساعة من الكلام والحكى اقترب منا د. محمد المنسى قنديل محرر الاستطلاعات البارزة..قدمنى له العم نصر بلدياتي..ثم جاء بعد ساعة أخرى الأديب المعروف محمد المخزنجى وظللنا نحكى ونعيد ذكرياتنا فى مصر والكويت حتى الرابعة والنصف .. وعندما مر رئيس التحرير كعادته كل يوم على مكاتب محررى المجلة ووجدنى جالساً نحكى ونحكى همساً وعلناً أنا والعم نصر ابتسم وقال : أه.. بتتكلموا بالنوبى علينا ..وضحكنا ولكنه قال لى : أيوه كده..أنت هتكون معانا ..خد بالك منه يا نصر..

فى السالمية حكيت لمحمود صلاح كل ما دار بالحرف فى مجلة العربي..شعر محمود بسعادة وقال: ده عرض هايل..وكمان أنت هتيجى معايا شفت مسائى خمسة أيام فى الأسبوع فى جريدة الأنباء من الخامسة إلى التاسعة مساء.. مقابل 275 ديناراَ شهرياً.. نسيت أن أذكر العرض المغرى الذى قدمه لى أنور الياسين كى أتولى مسئولية إدارة تحرير مجلة الأسرى الكويتيين الشهرية التى كان هو مؤسسها ورئيساً لتحريرها.. مقابل 250 ديناراً.. كانت مفاجأة مذهلة ..وجدت أمامى فجأة طاقة قدر بتتفتح وتحدف عليا 1240 ديناراً أول كل شهر.. اضرب فى 10 جنيهات للدينار..يعنى 12400 جنيه.. اسيبهم ؟..أى حد عاقل هيقول إوعى يطيروا منك!!

عدت إلى القاهرة ولكننى لم أفكر فى هذا العرض الصحفى والمالى المغرى رغم احتياجى الشديد فى ذلك الوقت.. ومرت أيام وعدت شهور وشهور وحين اتصلت بالدكتور الرميحى من جدة فى إبريل 1996 إبان رحلة علاجى بالسعودية بالقرار السامى الذى أصدره الملك فهد بن عبد العزيز جاءنى رد رئيس تحرير العربى انت أتأخرت كتير قوى..!

ساعتها ندمت ندماً كبيراً..لقد كانت فرصة كبيرة ألف فيها كل الدنيا.. فرصة كبيرة ازداد بها شهرة فى الوطن العربى حيث كان توزيع العربى فى عهد الدكتور محمد الرميحى قد تجاوز الـ 150 ألف نسخة شهرياً.. ومازلت حتى الآن نادماً أشد الندم..ولكن تفيد بإيه يا ندم!!
قد علمتنى تلك التجربة درساً أود أن يستفيد منه كل من يقرأ تلك اليوميات..هناك فرص طيبة تأتى إليك فى وقت لم تكن تتوقعه..ثم بعد أن ترفس النعمة تندم أنك كنت غبياً لأقصى درجات الغباء..أرجوك لا تفعل مثلي..أرجوك

بعد حسانين وراتب مين تانى ؟!

سيبوه يتكلم محدش يقاطعه أحسن لكم.. !.. هكذا كان د. فتحى سرور رئيس مجلس الشعب يعلق بصوت خفيض مبتسمأ كلما جاء الدور فى الكلام على علاء حسانين نائب المنيا : محدش يقطع الميكروفون عليه..أنا باقولكم أهو لحسن يعمل لكم عمل ولا حاجة..ده شاطر قوي..وكان النواب بالفعل يسكتون ويستمعون ويضحكون مما يقوله هذا النائب الذى وصفه د. سرور متهكمأ بانه مخاوى عفاريت ..  كلام كتير اتقال على هذا النائب لدرجة أن البعض قال أنه عامل عمل لأبناء دائرته دير مواس .. حزب وطنى بينجح ومستقل برضه بينجح.. وأخيراً نشر خبر القبض على عصابة تنقيب عن الآثار فى مناطق مختلفة والاتجار بها.. يتزعمها النائب علاء حسانين الملقب بـ «نائب الجن والعفاريت»..وقال الخبر إنه سبق اتهامه فى أربع قضايا وأنه يقوم بتمويل عمليات التنقيب عن الأثار بمناطق مختلفة على مستوى الجمهورية.. وضبطوا مع التشكيل العصابى للنائب علاء حسانين (16متهماً حتى الآن) 201 قطعة أثرية فرعونية و36 تمثالاً مختلفة الأطوال.. وبحكم معرفتى بنواب مجلس الشعب منذ 2002 كان الاخ علاء دايمأ خارج المنيا.. معزوم طول السنة عند زملائه النواب..يفك عمل أى حد مربوط يمت لهم بصلة قرابة..ده كان الكلام المعلن..لكن سر النائب انكشف وبان المستخبي.. الجدع ما كانش بيلف المحافظات لوحده هو وعفاريته..كان معاه وفى ظهره الملياردير د .حسن راتب اللى كان -حسب اعترافات شقيق علاء حسانين وساعده الأيمن - بيمول جميع عمليات التنقيب عن الآثار.. ياترى السبحة لو فرطت ح تجيب مين ومين؟