إنها مصر

أيام لا تنسى (3 / 3)

كرم جبر
كرم جبر

الحرب الأهلية كانت حتمية إذا استمر الإخوان فى حكم مصر، ولكن تأكد الإخوان أن الجيش ليس جيشهم وأن الشرطة ليست شرطتهم، وأن هذه المؤسسات الوطنية الراسخة يستحيل أخونتها، وبدأوا فى تأسيس ميليشياتهم المسلحة الخاصة، لقمع معارضيهم على غرار ما كان يحدث فى المقطم، والتحرير وعلى أسوار الاتحادية، وفى حصار مدينة الإنتاج الإعلامى وأقسام الشرطة والمحكمة الدستورية، ميليشيات البلطجية، واستنساخ لتجربة الحرس الثورى الإيراني، وأشرف على تنفيذها خيرت الشاطر وحازم صلاح أبو إسماعيل.
الحرب الأهلية وقودها الصراع الديني، وتوطيد دعائم حكمهم بإدخال البلاد فى حزام الحروب الدينية المشتعلة فى المنطقة، وتوريط الأزهر الشريف فى الحرب، ليفقد مكانته التاريخية كمنبر للاعتدال والتسامح والوسطية، واختيار القرضاوى شيخاً للأزهر، ومشرفاً عاماً مع مرشد الإخوان على إقامة الخلافة، ونشر الفكر الإخوانى فى ربوع البلاد، وإحكام السيطرة على المنابر الدينية.
وكان الهدف الثابت هو أخونة الجيش والشرطة والقضاء.. وظهر فى الميادين الضباط وأمناء الشرطة الملتحون.. ولكن الجيش استعصى عليهم، وأعاد اللحمة لمؤسسات الدولة الراسخة، وكانت الخطة المعدة هى فتح التعيينات لقضاة من الإخوان أعضاء نقابة المحامين، وتم اختيار وزير عدل إخواني، ونائب عام ملاكى لتنفيذ هذه المهمة.
كان مخططاً التنازل عن سيناء وتعددت عمليات اختراق الحدود، ورفع أعلام الجماعات الإرهابية على أماكن سيادية فى رفح والعريش، وشراء الأراضى من رفح حتى الإسماعيلية بأسعار باهظة، على غرار ما فعله اليهود قبل احتلال فلسطين، وقتلوا جنودنا تحت رعاية رئيس خائن.
وفى زمن الإخوان ازدهرت فتاوى دفع الجزية، وزادت معدلات تهجير الأقباط من القرى بشكل لم يحدث فى تاريخ مصر، وكانت المفاجأة أنه كلما زاد القهر والقتل والحرق، زاد تشبث الأقباط بتراب وطنهم، وزاد إصرار المسلمين على الوقوف فى خندق واحد مع شركائهم فى الوطن، واتحدت الأمة على قلب واحد، رغم أنف الإخوان والسلفيين والمتطرفين، فانتقموا من مصر كلها بحرق وتفجيرات الكنائس، وجاءت كلمات البابا تواضروس الرائعة بلسماً شافياً «وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن».
ولم تنطل مظاهر «الإسلام الشكلي» التى جاء بها الإخوان، على شعب يعشق بفطرته الأديان، وفوجئوا بـ«إسلام حقيقي» يتسلح به المصريون، ويتوافق مع تسامحهم وحضارتهم وثقافتهم، ولا يمكن أن يزايدوا عليه أو يلعبوا به.
كانوا يريدون تحويل مرجعية الحكم الرئاسى من الاتحادية إلى المقطم، ويكون ترشيح الرئيس من مكتب الإرشاد، وأداؤه اليمين أمام المرشد أولاً، وبدأت البروفة بتعيين العناصر الإخوانية المطلوبة للعدالة فى القصر الرئاسي، وأصبحوا المستشارين وكبار رجال الدولة، وتعاملوا مع أخطر الأسرار وأدقها بعقلية الجواسيس.
الحمد لله زال الكابوس وانقشعت الغمة.