الوحدة والحفاظ على الهوية.. قرار المصريين

3 يوليو عناية الله جندي| كل الطرق كانت تؤدى إلى 3 يوليو

ثورة ٣٠ يونيو كانت بداية لبناء الجمهورية الجديدة
ثورة ٣٠ يونيو كانت بداية لبناء الجمهورية الجديدة

كتب- محمود بسيونى

اعترف مواطن مصري في الفيلم الوثائقى "القرار" الذي عرض على قناة «سى بى سى» بأنه انتخب الإخوان وحينما سُئل عن السبب قال "قلنا نجربهم وياريتنا ما جربنا". ذلك الشعور بالندم هو حال غالبية المصريين الذين انتخبوا الاخوان فيما عدا أبناء التنظيم وباقى التنظيمات الإرهابية المؤيدة لهم، وهى النتيجة التى وصل لها المصريون مبكرا جدا وربما بعد مرور أشهر قليلة على فوز الإخوان بالرئاسة، ربما انطلى على المصريين فى البداية تجارتهم بالدين وتطبيق الشريعة فى الحديث عن إقامة دولة دينية، والاخوان يجيدون خداع البسطاء بإدعاء المظلومية، والحديث عن محاربة الفساد والمحسوبية، لكن وجودهم فى السلطة لأول مرة كشف ادعاءهم واكد للمصريين انهم تنظيم وصولى نفعى يؤمن بمبدأ ميكافيلى الغاية تبرر الوسيلة والغاية كانت التمكين والوسيلة هى احتكار الحديث باسم 25 يناير وابتزاز المجتمع باسم الدين .

استخدم الاخوان وجودهم فى السلطة لتعيين أقاربهم ورجال التنظيم فى كل مفاصل الدولة، كالجراد انتشر الاخوان فى الوحدات المحلية بالمحافظات والقرى يلتهم كل الوظائف ويبعد غير المؤيد له، وكان السلفيون اول من كشف بمواجهة الجماعة بملف أخونة الدولة واستيلاء الاخوان على الوظائف العامة واستبعاد مبدأى تكافؤ الفرص والكفاءة فى مقابل الولاء للجماعة ومنح عدد من قيادات الإخوان ترقيات وتصعيدهم لمناصب عليا دفعة واحدة خاصة فى وزارة الصحة. كما دفعت الجماعة بأعداد كبيرة من عناصرها فى التعيينات التى تطرح فى الوظائف الحكومية وذلك فى المحافظات المنخفضة شعبيتها بها بهدف التحكم فى نسب تصويتهم المستقبلية .

مشهد الاخونة كان أول ما أطلق جرس الإنذار فى أذهان المصريين، فمن يدعى محاربة الفساد والمحسوبية يمارسه علنا تحت لافتة التمكين لتطبيق شرع الله، كان مشهدا أقرب إلى الاحتلال الداخلى، التنظيم يحتكر العمل الرئاسى والعمل التنظيمى ويحجز الوظائف لابناء التنظيم والترقيات مقتصرة على أعضاء الجماعة.

وكان تركيز الجماعة وهمها الشاغل السيطرة التامة على المساجد، فكان الاخوان يدفعون عناصرهم فى الريف الى ابعاد شيوخ وزارة الاوقاف عن المساجد الكبيرة من اجل سيطره عناصرهم عليها ووقعت اشتباكات عديدة اعتدى فيها عناصر الجماعة بعنف شديد على أئمة المساجد من غير الاخوان .

الإعلان الديكتاتورى

ومع زيادة المعارضة للجماعة قررت العصف بكل شركائها السابقين بمن فيهم من وقعوا على بياض للجماعة فى فندق فيرمونت وهو ما افقدها توازنها وبدأت تفقد قدرتها على التقية وتمارس العنف باسم الدين، وهو ما ظهر بشكل مباشر فى احداث الاتحادية وقرار مكتب الإرشاد بنزول التنظيم الخاص لضرب المعتصمين أمام الاتحادية من المعارضين للإعلان الدستورى الديكتاتورى الذى اصدره الرئيس الاخوانى لتحصين كل قراراته امام القضاء، وتحرك القضاة لرفض ما قام به الإخوان ضد النائب العام السابق وفرضهم لنائب عام موال للجماعة لأنه يعصف باستقلالية القضاء ويدمر عمل النيابة العامة.

تهجير المسيحيين

وكان ذلك التصرف تحديدا سببا فى سقوط شرعية ومشروعية حكم الرئيس المعزول لانه صنع خللا بين سلطات الدولة ووضع السلطة التنفيذية فوق السلطتين القضائية والتشريعية الغائبة، ثم كان إصدار الدستور الاخوانى بشكل منفرد والتصويت عليه بكل مواده المثيرة للجدل وأخطرها مواد الهوية والتى اثارت الانقسام المجتمعى واشتعلت الفتنة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر بشكل غير مسبوق فى تاريخ المصريين وتزامن ذلك مع صدور تهديدات على لسان عناصر الجماعة تدعو الاقباط للهجرة خارج مصر.

إحباط الحرب الأهلية

كل الطرق كانت تؤدى إلى قرارات 3 يوليو العظيمة فالتخبط والفشل فى مواجهة الأزمات المعيشية للمصريين خاصة تصاعد أزمة الطاقة مع تكرار انقطاع التيار الكهربى واختفاء البنزين والسولار دفع الاخوان الى تهديد أى تحرك للمصريين ضدهم، ووضعهم امام خيارين اما القبول بهم وفشلهم أو الحرب الاهلية، ذلك الخيار تحديدا كان هو الخطر الذى حذرت منه القوات المسلحة مبكرا، فقد تحدى المصريون الاخوان وخرجوا للشوارع بالملايين للمطالبة بإسقاط حكم المرشد ودعوة القوات المسلحة للتحرك وحماية المصريين والدولة الوطنية بهتاف "انزل يا سيسى مرسى مش رئيسى" واستجاب الجيش وانحاز لطلب المصريين للمرة الثانية بعد 25 يناير وأسقط بحركته العظيمة مخطط الحرب الأهلية واستعادة الأمن والاستقرار وبدأ مشوار بناء الجمهورية الجديدة.