إنها مصر

أيام لا تنسى «2 / 3»

كرم جبر
كرم جبر

ارتضى المصريون أن تكون علاقتهم بشركاء الوطن الأقباط على قاعدة المواطنة والمساواة فى الحقوق والواجبات، وكان المسمار النافذ فى نعش الإخوان هو محاولتهم إشعال الصراع الطائفى والانتقاص من حقوق الأقباط، وخاب سعيهم فى افتعال معارك تشق وحدة الصف، وفوجئ الإخوان بأن مسلمى مصر هم أول المدافعين عن الأقباط، وأن الأقباط فى وقت المحنة لم يستقووا بالخارج، وإنما بأحضان الوطن، والتحم عنصرا الأمة ضد العدو المشترك، جماعة الإخوان وأهلها وعشيرتها.
سقوط الإخوان كان حتمياً، لأنهم لم يفهموا قوة مصر فى التعايش السلمى الهادئ بين مكونات شعبها، وسعوا إلى الصراع وليس التنافس، دون أن يدركوا أن هذا البلد الذى يعيش فيه أكثر من 100 مليون مواطن، لا يستطيع أن يتحمل ضريبة أطماعهم فى الحكم، فبادر بالتخلص منهم قبل أن يمزقوا نسيجه.
مصر ليس فيها صراع مذهبى، وإذا سألت مسلماً «أنت سنى أم شيعى»، إما يصمت أو ينهرك، وكما يقول الشيخ الشعراوى «هى من علمت الإسلام إلى الدنيا كلها وصدرته حتى إلى البلد الذى نزل فيه الإسلام، هى التى صدرت لعلماء الدنيا علم الإسلام»، والمصريون يعشقون آل البيت، وتتميز ممارستهم للشعائر بالسماحة والهدوء، وليس العنف والقسوة والدماء، وفيها الأزهر الشريف منارة الوسطية والإسلام الصحيح.
مسلمون تكتسى ممارستهم للشعائر بالسماحة والهدوء، وليس العنف والقسوة، ولما حاول مرسى وجماعته استنساخ الصراع الدينى فى مصر، اصطدم بحائط صد قوى، فلن تكون مصر وطناً ممزقاً، ولم يفهم الإخوان لماذا حققوا رقماً قياسياً من الكراهية، رغم أن حكمهم لم يستمر أكثر من عام، ولا لماذا كان الشعب مطمئناً لأن الجيش سوف يتدخل فى الوقت المناسب.
ولم ينخدع المصريون فى أكذوبة "المصالحة" بعد إزاحتهم عن الحكم، لأنها لا تكون ممن يحملون السلاح، ويقتلون الأبرياء ويحرضون على العنف، وترويج هذا المعنى الخبيث يهدر دولة القانون، ويمس هيبة أحكام القضاء، فالإخوان ليسوا دولة داخل الدولة، ينازعون سلطتها وقوتها، ثم يجلسون معها على مائدة التفاوض لفض الاشتباك، ولم يقصهم أحد كما فعلوا مع غيرهم.
ولا توجد قيود ليعيش الإخوان كسائر المصريين فى سلام، ومن اختار منهم أن يكون مواطناً كغيره من الناس، لم يلحق به ضرر أو أذى، أما من يتآمر ويحرض ويخرب، فيطبق عليه نفس القانون كغيره من الناس، فجنسيتنا مصرية وليست إخوانية، والبلد الذى يحتوينا جميعاً هو مصر وليس دولة الخلافة.
الإخوان لم يقتلوا عدواً ليدافعوا عن الأرض وتراب الوطن، بل يقتلون شباباً مصرياً يدافع عن الوطن، وضحايا الإرهاب ليسوا كفاراً أو رويبضة كما يقولون، بل مؤمنون بالله والوطن يصلون ويصومون ويذهبون إلى المساجد والكنائس، وتهلل دوائرهم الإعلامية للقتل وإراقة الدماء، فيزداد إصرار الجيش والشرطة على المضى فى الحرب العادلة، حتى تطهير سيناء من آخر إرهابى.
البقية الأحد.