فيض الروح

إيثار أب

حسن سليم
حسن سليم

قبل أسبوع احتفلنا بعيد الأب، وقتها تساءلت هل سيكون له احتفال خاص وتدمج بالفواصل الإعلانية أغان على شاكلة يارب يخليكى يا أمي.. أو أمى ثم أمي، هل سأكون محتارا فى اختيار هدية تختلف عن السنوات السابقة، وهل سيغضب أبى إذا لم يحدث، لا أعرف وكيف أعلم وهى المرة الأولى التى أشهد فيها احتفالا بالأب غير احتفالى الخاص فى 3 ديسمبر يوم مولده.

كل هذه الأسئلة طرحت فى رأسى أسئلة حول ما قدمه أبى فى الحياة صحيح أنه لم يحملنى 9 أشهر، لكنه مهد لى وأخوتى الطريق لأكثر من ثلاثين عاما، تحمل فيهم الكثير والأهم تحمل عدم فهمنا لما يقدمه متخذا الإيثار منهجا وأسلوبا له فلا يريد مدح أو شكر يقدم الأفضل لنا حتى إن لم نفهم أنه الأفضل، لا يهمه أن نفهم ما يقدمه بقدر ما يريدنا أن نحصل عليه.

يظل أبى لساعات وأيام وأحيانا لشهور ينصح ويوجه ثم نرتكب أخطاء بسذاجة مستفزة وكبر فى التنفيذ وكأننا نخبر أنفسنا «أصبحنا كبارا» لكننا نبقى أمام تفكيره صغارا وكأننا أمام تفكيره بحيرة ضحلة يتم مقارنتها بمحيطات العالم، نعتقد وقتها أنه سيواجهنا باللوم، لكنه فى كل مرة يخيب اعتقاداتنا، ويأخذ أقساطا من التفكير على حساب صحته محتارا كابحا جماح غضبه واستفزازه مفكرا فى حل للأزمة التى حذر منها فى الأساس.

فى الختام.. كتب القدر علّى ووالدى الابتعاد لفترات طويلة نظرا لسفره شبه الدائم فمنحنى ذلك أوقاتا للتفكير ودراسة ما قدمه لنا، وإن ظل باقيا معى لا يفارقنى مطلقًا وباسمه تضج مجالسى وبه أرفع رأسى بين الجميع، فرجاء لا تنتظروا أن تفهموا ما يقدمونه بسبب بعد أو تكرار تجربة مع ابنك، وأدركوا أنهم يقدمون الأفضل لكم وأنهم لا يبخلون عليكم مطلقا، ولا تقول فى سرك لكن أنا قصتى مختلفة صدقنى لا.. فالأباء عظماء.