مجرد رقم

نسرين موافي
نسرين موافي

نسرين موافي

مجرد رقم جملة نحفظها جميعًا عن ظهر قلب، بل ونتعلق بها كأنها طوق النجاة ضد تيار العمر المتلاحق في إتجاه نهاية الطريق جملة نتفنن في استعمالها كلما زاد رقم العمر، رقم في الآحاد.. زيادة لا إرادية.. ندافع عن نفسنا أمامها أنها زيادة غير مؤثرة وإننا لا نهتم مع أن الحقيقة أننا نهتم جدًا ويزيد بداخلنا القلق، والخوف وأحيانا الحسرة.

قلق من مستقبل بدأ يصغر ويتضاءل وقته بالرغم من جدول أعماله المزدحم والمؤجل على مدار أيام سابقة كثيرة ، خوف من أحلام وآمال لم تتحقق بعد و قد لا تتحقق أبدًا أو قد يفوت أوانها قبل إدراكها وحسرة على أيام كثيرة أضعناها ونحن نلعب بالأيام لعبا.. صغار لا نحسب للأيام معنى فلازال هناك الكثير منها أمامنا لم أرَ في عمري من استفاد من عمره ولا من استغل كل أيامه على أكمل وجه، حتى الشخصيات الناجحة بامتياز تشعر بأنه كان يَجدُر بها فعل المزيد.

مهما كان اهتمامه، مهما كانت طموحاته هو لم يستفد من كل الأيام بل أنه لا يوجد من لا يندم على وقت أضاعه دون جدوى أو على يوم ذهب هباء بالرغم من أننا جميعًا نعلم أن الوقت يذهب بلا عودة إلا أن أحدًا منا لم يستفد منه الاستفادة الكاملة، يحدث كل هذا بطريقة طبيعية على مر العمر حتى تنضج وتحاسب نفسك على كل هذا الوقت كيف لم أفعل هذا وفعلت كذا ؟!  كيف لم اتعلم ولم اخطط ؟! وكيف لم أحاول ؟!.

أسئلة تأخدك في متاهة عميقة لتنتهي بك إلى طريق من طريقين: أن تعيش نادمًا وتكمل بقية حياتك تتمنى لو كنت فعلت وتركن لأن لا تفعل شيئا ولا تدرك أي آتٍ بل تستسلم لنهر الحياة بنفس زاهدة تكمل مشوارك الإجباري حتى النهاية أو أن تضع نقطة على سطور ما فات من عمرك وتبدأ بفكر جديد وتعلن أن العمر مجرد رقم. 

عمري هو ما أشعر به في قلبي، قد يتملكني الهم في لحظات فيشعرني قلبي بأني تخطيت المائة بقليل لا أمتلك حتى القدرة على التنفس وعندما أعلن هزيمة الهم يعود لي عمري الحقيقي الذي لم أتخط فيه فترة المرح غير الملول أو المهموم المهتم فقط بمستقبل مليء بخير كثير. 

الحقيقة أننا أرواح لا تبلى، تعيش في أجساد بالية، هذه حقيقة من الحقائق القليلة في هذه الحياة روحك لا تشيخ إلا بقرارك بل أنها تعود لشبابها وطفولتها بقرارك، بإحساسك، وتصميم كانت تستطيع أن تقنع جسدك بألا يتهاوى تستطيع روحك أن تحمله على أن يظل حيًا لكن لا تستطيع ان تهزم العمر أن شاخت روحك وذبلت. 

العمر مجرد رقم، حقيقة تحققها روحك وليس جسدك أن صحت روحك وصلحت وعملت دائمًا لأن تظل شابة حية لا تذبل، صلبة أمام المصاعب والهموم ونوائب القدر تستطيع أن تأخذ القرار دائمًا ما دام في صدرك نفس يدخل ويخرج، تستطيع أن تقرر أن تسعد نفسك وتنفذ ما تريد وأن كان بسيطًا أو صغيرًا لكن فيه سعادتك، قرار بأنه لازال هناك وقت لتعيش وتبدأ من جديد، قرار بأن روحك لن تشيخ بل وستحلق بك من جديد، فالعمر مجرد رقم فقط إذا آمنت بذلك.