بريد القراء| عواطف «الماسنجر»

عواطف «الماسنجر»
عواطف «الماسنجر»

منذ وجه الكاتب الصحفى الكبير خالد ميرى رئيس التحرير بنشر إبداعات الشباب من قصة وشعر، والنصوص تنهمر على بريدنا التقليدى و«الالكترونى»، ومع نسمات التطوير الذى تشهده «الأخبار» الآن نخصص هذه المساحة الأسبوعية لنشر ما يصلنا من أعمال متميزة من مختلف ربوع مصر والعالم العربى

تطلعت إلى ملامحه فى دهشة، رسمت مخيلتها كل علامات الاستفهام، سألته عمن يكون وما الذى دعاه ليقتحم عالمها من خلال شاشة الكمبيوتر، خط هاءات كثيرة متعانقة ليعبر لها عن ابتسامة افتراضية فقدت ملامحها الطبيعية فخرجت لقيطة لا يمكن التنبؤ بطبيعتها، قال: أنا حلمك أتيتك بعد طول معاناة فاقبلى أو ارفضى فالقبول والرفض لدى سيان.
قالت فى تعجب»إن كان رفضى لديك يساوى قبولى فأغرب عن حياتي.
قال» سيدتي.. أنا شمس لا تعترف بغروب ان رفضتِ وجودى فلن اكترث برفضك، فلدى مقدرة على تحويل الأشياء إلى أضدادها.
قبرت ابتسامتها حتى لا يشعر بها تترك أرض الغرفة وتحلق هناك بعيداً، رددت شفتاها رجع لحن قديم وأغمضت عينيها تستعيد وقع كلمات الفارس الوسيم ثم نفضت عنها غبار الكلمات وقالت» ولكن حياتى لا تحتمل صواعق جديدة ابحث عن سيدة غيري»
خط بذهبى الكلمات» مزنى لا يعشق الصواعق ولم يسبق أن تصادمت سحائبى فأمطارى سلمية»
ذهبت مهارته فى اللعب بالكلمات بلبها ولكنها جمعت كل جيوش الدفاع بداخلها حتى لا تسمح لذلك الغريب باختراق دمائها، دعست قلبها بقسوة وجففت شرايينها، وتصدت لأوردتها التى تشتاق لفيروس الحب، تنفست مخدر ذكرياتها الماضية فاستنفر بجسدها كل قدراته على المقاومة فقالت فى كبرياء» لا أعترف بشمس غيرى «
رد وقد تملك الوله من حروفه فخرجت تتلظى»ولا أنا...أنتِ شمس لا تعترف بغيوم..شمس متمردة لا يمكن التنبؤ بتأثير أشعتها..شمس حرة لا ترتبط بكواكب تحد من حركتها..وتمد الأقمار بالضوء بدون أن تنقص من تأثيرها الطاغي»
على صدر الكلمات أراحت رأسها وعلى ثغر معانيه طبعت قبلة، داعبت روحها نشوة أمان مفقود أمسكت بتلابيبه، قرأت كلماته مرة أخرى حتى تنفض تأثير الانطباعات الأولى، استحضرت تاريخاً مريراً بدأ بكلمات وانتهى بالموت، آلاف الكلمات المنمقة، آلاف الدقائق قضتها بين سحر الكلمات ونزق المشاعر، عشرات الوعود والأمنيات، وفى النهاية لم تمسك سوى بقلب تخلى عن كونه موطناً للمشاعر واكتفى بوظيفته فى ضخ الوجع فى شرايينها.
لمست صدرها وربتت على نبضات تقافزت محاولة طمأنتها وخطت أناملها فى سرعة» سيدي.. توقفت عن الأحلام وعانقت عالم الواقع». قال» أنا الواقع..وأنا الفارس الذى يحتضنه خيالك منذ إدراكك..أنا فرصة لن تقصدك سوى مرة..سيدتى..باختصار..أنا قدرك فاستسلمى «.  شلت مراكز احساسها، توقفت أناملها عن الضرب على أوتار الحروف، ثبتت ضياء عينيها على ملامحه التى تمنحها الشاشة غموضاً آسر، فقدت عددا كبيرا من أنفاسها وهى تحاول فهم ما يجرى أمامها، رجل غريب وسيم يهاجم قلاع القلب لديها بشراسة تصدت ميكانزمات الدفاع له ولكن فى النهاية أرغمتها لوحة المفاتيح على اتباع سياسة اللين.
ابتسمت مسامات جلدها على وقع أنفاسه، تخلت عن وجع قديم استوطن منها القلب وبدد فيها المشاعر، تلهفت الشاشات للمشاركة فى تلك المعارك السلمية، انتشرت فى الهواء من حولها رائحة عطره النفاذ وكانت من قبل لا تأمن لعطر رجل، جذبها من يدها ليعتلى معها أرقى قمم الحب، وبعد أن تبددت غيوم الحب رحل عنها كما تتخلى الشمس عن السماء لحظة الغروب، نظرت إلى يدها التى عانقها فافتقدت بها جمر البصمات، وتلك القبلة على جبينها اكتشفت أنها لم تحصل عليها أبداً، قاومت دمعة كادت تسقط عندما أظلم العالم من حولها وتحولت نشوة الحب إلى رماد كلمات، همت بإغلاق الشاشة لتلعق جراح جديدة أضافتها لتاريخها الدامى لولا أن ظهر بسمائها ثانية كقمر يغار منه بدر اعتاد الدوران حول الأرض قائلاً:ــ اعتذر...انقطع الاتصال فجأة.