حكايات | الزواج في الصعيد.. مآسي صينية الفاتحة وموكب نقل «العزال»

مراسم الزواج في الصعيد
مراسم الزواج في الصعيد

 

تؤثر العادات والتقاليد المبتدعة في مراسم الزواج على أهل العروسين بشكل أو بآخر، حتى أنها باتت تشكل خطورة حقيقية أمام إتمام الزفاف.

وبحسب الوقائع التي وثقتها شهادات المواطنين في مراكز محافظة قنا، فإن المغالاة في المهور والعادات المتوارثة بداية من خطبة العروس، مرورا بمراحل التجهيزات النهائية لعقد القران، وصولا إلى إتمام مراسم الزفاف، والخلافات التي كثيرا ما تحدث حول الاتفاق على قائمة المنقولات، وقيمة الذهب، والنقود المخصصة لملابس العروس، والمبالغة في تجهيزات "عش الزوجية".

صينية الفاتحة

تبدأ المبالغة في طقوس الزفاف من اللحظات الأولى التي تواكب توجه العريس لخطبة عروسته ومقابلة أهلها رسميا لاول مرة فيما يعرف باسم " قراءة الفاتحة" حيث يتوجب على الخاطب وضع مبلغ مالي على صينية المشروبات التي تقدمها له خطيبته، والتي وصلت المبالغة فيها لوضع جنيهات ذهبية أو وضع مبلغ نقدي يتجاوز حاجز الالف جنيه، أو وضع خاتم من الذهب،  للدلالة على مدي إعجابه وتقديره لعروسته.

موكب شراء الذهب 

العادات المستحدثة عقب الاتفاق على قيمة المهر وعدد جرامات الذهب المتفق عليها والتي وصل حد المبالغة فيها لتتخطي حاجز المائة ألف جنيه، ولا تقل عن 30 ألف جنيه، تأتي رحلة الذهاب من القرية إلى المدينة لشراء الشبكة، والتي يتباهى فيها أهل العروسين بعدد السيارات المشاركة في ذلك، وما يصاحبها من شراء تسويقة العروس من كسوة وأدوات تجميل، وأصناف من الحلوى والمأكولات.

رد الشبكة

وعقب الانتهاء من شراء الشبكة، تأتي مرحلة التحضير لحفل عقد القران وتلبيس الشبكة، وما يصاحبه من خلافات بين أهل العروسين حول قيمة قائمة المنقولات التي أصبحت المبالغة فيها مختلفة مابين قرية وقرية، إذ وصلت قيمتها في حالات بعينها إلى مليون جنيه، بينما أصبح المعتاد منها يتراوح بين ٢٥٠ ألف جنيه إلى ٣٥٠ الف جنيه.

وعقب انتهاء حفل الشبكة، يتوجب على أهل العروس رد الشبكة، وهي عادة متوارثة منذ زمن بعيد، يقدم من خلالها أهل العروسة إلى اهل العريس أصناف من المخبوزات وإعداد من أزواج الحمام واللحوم وانواع من الفواكه والحلويات إلى جانب خاتم من الذهب ترسله العروس هدية إلى أم العريس.

ويقوم أهل العروس ، برد الشبكة أو ما تسمى بالتسويقة، وفيها يقوم أهل العروس ، بزيارة أهل العريس في المنزل،  لتقديم رد التسويقة وتكون عبارة عن مخبوزات وفاكهة وخضار ولحوم وكمية من الحمام،  وفي بعض المواقف تشمل رد التسويقة خراف أو ماشية.

خبيز الفرح

وقبيل إتمام مراسم الزفاف تأتي مرحلة تجهيز المخبوزات من جانب أهل العروسين، إذ يقوم أهل العروس بخبيز كميات مبالغ فيها من الخبز والفايش والبسكويت والبيتفور وغيرها من أنواع المخبوزات، لتقديم جزء منها للعروسين، وتوزيع جزء آخر للأهل والأقارب، والتي يتحمل نفقتها العريس والعروسة، وتصل قيمتها إلى أكثر من ٥ آلاف جنيه.

اقرأ أيضا| حكايات| بطيخ على النار.. اللصيمة «كوكتيل سيناوي» مضاد للفيروسات

ذبح عجول

ويستوجب على العريس،  ذبح عجل أو أكثر، أو شراء لحوم، وطهيها ، ودعوة كافة الأهل والأقارب،  لتناول الغذاء في ديوان العائلة في ليلة الحنة، التي يحضر فيها العريس أحد القراء أو المداحين لاحيائها، أو المزمار البلدي والدي جي، وربما تصل تكلفة ليلة الحنة إلى 50 ألف جنيه. 

إتمام مراسم الزفاف

وتأتي مرحلة إتمام الزفاف بتحميل أهل العروسين نفقات مبالغ فيها من حجز قاعات الافراح أو تجهيز سرادقات مبالغ فيها، إضافة إلى حجز فساتين الزفاف ومراكز التجميل وذبح الذبائح وغير ذلك من مصروفات مالية ترهق كاهل الجميع.

ومن أبرز ما يتميز به الأهالي هنا، موكب " العفشة"، التي تنطلق في موكب كبير يضم سيارات عديدة،  تحمل عفشة العروس من منزلها إلى منزل العريس،  ويتحمل العريس ثمن إيجار هذه السيارات. 

وعقب انتهاء مراسم الزفاف ودخول العروسين إلى منزلهما الجديد، تأتي تكاليف ما يعرف بـ"الصباحية" التي بات التباهي فيها أمرا مبالغ فيه من حيث اعداد الطعام للعروسين واعداد الطيور وأبرزها الحمام، ويكون الحمام بالعدد الفردي، بمعنى " 30 جوز حمام وفرد"، على سبيل المثال، فضلا عن المخبوزات وغيرها من الحلويات.

الزواج الذي حثت الشرائع السماوية كافة على تيسير إجراءاته وجعلت البركة كل البركة في التخفيف فيه، بات في مجتمعنا مرهقا لكل أسرة، حتى أطلق عليه البعض "خراب بيوت" في إشارة منهم لما يعانيه أهل العروسين خلال مراحل إتمامه سواء في القرية أو في المدينة، إذ أصبح التنافس فيه أمرا غير مقبول سواء من استعراض جهاز العروس وعرضه في موكب من سيارات النقل أو فيما يعقبه من عادات وتقاليد.