فى الصميم

تتعدد الجبهات.. والحرب واحدة!!

جـلال عـارف
جـلال عـارف

ستظل قضية تأمين حقوق مصر فى مياه النيل هى قضيتنا الرئيسة حتى يتم التوصل للاتفاق القانونى الملزم الذى يضمن حقوق كل الاطراف،  والذى  يوقف الحكم فى اثيوبيا عند حده ويفرض عليه العودة للالتزام بالشرعية الدولية ولاحكام القوانين والاتفاقيات الخاصة بالانهار المشتركة.
التحرك المصرى الواسع والفعال على جبهات أخرى أساسية لايعنى الابتعاد عن قضيتنا المحورية فى تأمين حقوقنا فى مياه النيل.. بل العكس هو الصحيح، فكان المخاطر تهون امام الخطر الوجودى الذى يمثله التهديد الاثيوبى لحياة الملايين فى مصر والسودان الشقيق. وعلينا هنا ان نتذكر ان هذا التهديد الاثيوبى لم يتصاعد الا مع تصاعد المخاطر على أمن مصر القومى من جبهات عديدة.. حيث كان الإرهاب يضرب فى سيناء شرقا، والفوضى تعصف بليبيا على حدودنا الغربية، والسودان الشقيق فى قبضة حكم البشير الإخوانى والصراعات فالبحر المتوسط تهدد ثرواتنا من الغاز والإرهاب فى القرن الأفريقى ليس بعيدا عن البحر الأحمر.
وكان على مصر ان تقاتل على كل الجبهات من اجل القضاء على كل ما يهدد أمنها القومى، وأن تبنى القوة القادرة على ذلك (اقتصاديا وسياسيا وعسكريا) وان تدير كل الصراعات بثقة من يملك قوة الحق وقوة الردع معا، ومن يسعى للاستقرار والتنمية له وللجميع من يحترمون الحقوق ويحافظون على المواثيق ويسيرون فى طريق التعاون من أجل السلام  ولا يلجأون للابتزاز أو انتهاك القوانين أو الاضرار بالآخرين.
على هنا الطريق تحقق الكثير لتأمين الحدود والقضاء على المخاطر التى كانت تحاصر مصر من كل الاتجاهات. ولم تكن قضية السد الأثيوبى يوما الا فى بؤرة قضايانا الاستراتيجية.. لم تكن بعيده ونحن نستأصل  الارهاب ولا  ونحن نؤمن حدودنا الشرقية والغربية، ونعد القوة القادرة على حماية حقوقنا البحرية فى البحر المتوسط والبحر الاحمر. ولم تكن بعيدة ونحن نبنى أقوى العلاقات المشتركة مع الاشقاء فى السودان العزيز بعد الثورة، ونفتح كل أبواب التعاون مع الاشقاء فى أفريقيا والاصدقاء فى العالم كله.
ونحن الآن نواصل معركة أمننا القوى بمعناها الشامل على جبهات عديدة. معركتنا الاساسية كانت وستبقى تأمين حقوقنا فى مياه النيل فى مواجهة العدوان الأثيوبي.. ومعها نخوض معارك أخرى عديدة عنها تأمين الفترة الانتقالية فى ليبيا وصولا الى استعادة الدولة وطرد كل المرتزقة والملشيات الارهابية والجيوش الأجنبية ومنها ايضا هذا الدور الهام فى دعم شعب فلسطيين الشقيق فى نضاله المشروع لنيل حقوقه وإقامة دولته المستقلة.
ولا يأتى ذلك على حساب قضيتنا الاساسية فى حماية حقوقنا فى مياه النيل، بل يدعمها ويضيف لموقفنا المزيد من القوة الذاتية والدعم الدولى، بمصر والسودان، او استنزاف قوانا فى معارك لايريدونها ان تتوقف نمد حبال لصبر حتى آخرها. نعطى كل الفرص للجهود الدولية لاقناع حكام أثيوبيا بانه لا حل الا باتفاق قانونى ملزم يحمى حقوق مصر والسودان المائية ويوفر لأثيوبيا كل فرص التنمية. ويعرف العالم كله اننا نملك الحق ونملك ما نحمى به حقوقنا ويعرف اننا طلاب سلام وتعاون مشترك لخير الجميع. وان قضية مياه النيل قد تكون لعبة سياسية عند ابى أحمد رئيس وزراء أثيوبيا يحاول بها النجاة من أزماته الداخلية والهروب من المسئولين عن المذابح التى يرتكبها انصاره  ضد شعوب أثيوبيا.. لكنها وبالنسبة لمصر قضية حياة بكل ما تعنيه الكلمة.
يمضى أبى أحمد فى حماقته . يتحدث عن سدود جديدة وكأنه يقول اذا سمحتم لى بسد النهضة دون اتفاق فسأبنى مائة سد!! وكان يقول للعالم ان مصر والسودان على حق  حين يطلبان الاتفاق القانونى الملزم لان البديل عنه هى الفوضى وحروب المياه!!
فيما يبدو لا امل فى ان يشفى أبى أحمد من حماقاته ومع ذلك فلننظر قليلا نتائج الجهود الدولية وخاصة من الولايات المتحدة التى يواصل مبعوثها الخاص جهوده لانقاذ الموقف مع اقتراب موعد الملء الثانى للسد الاثيوبى وفى كل الاموال موقف مصر واضح للجميع: لا مساس بنقطة من حصة مصر فى مياه النيل، ولا بديل عن الاتفاق الملزم.
مصر تملك الحق وتملك القوة التى تحميه، وتملك أيضا ارادة السلام حتى مع حماقات «ابى أحمد» الذى يبدو انه صمم على الانتقال من قائمة حائزى «نوبل» للسلام.. الى قائمة المطلوبين للعدالة الدولية!!