مصر تحارب الإرهاب نيابة عن العالم..

تحقيق أفضل النتائج فى التقييم الدولي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

المستشار أحمد سعيد خليل
المستشار أحمد سعيد خليل

إستراتيجية وطنية مرنة لوقف منابع التمويل.. وتعاون مع 38 دولة لتحقيق الأهداف

إسهامات واضحة لوحدة المكافحة فى توفير وتبادل المعلومات القائمة على تنوع المصادر

تعزيز الأطر التشريعية والقانونية بما يضمن تحقيق الشفافية

يوما بعد يوم تثبت مصر أنها على الطريق الصحيح، وأن ما تم انتهاجه من سياسات فى مختلف المجالات هو ما سيحقق لها النمو ويحميها خلال الفترة المقبلة، فضلا عن أن الأيام أثبتت أن مصر واجهت الإرهاب بكل قوة وذلك نيابة عن العالم بأسره لحماية استقرارها واستقرار الدول أيضا.

وفى إطار تنفيذ التزامات مصر بالمعايير والاتفاقيات الدولية المطبقة فى مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، انتهت مصر من عملية تقييم النظم المطبقة لديها فى مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتى قام بها خبراء من مجموعة العمل المالى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا  MENAFATF التى تتمتع مصر بعضويتها، حيث تمت عملية التقييم وفقاً لمنهجية تقييم الالتزام الصادرة عن مجموعة العمل المالى FATF، وهى الجهة الدولية المسئولة عن وضع المعايير الدولية التى يتعين على الدول الالتزام بها.


وقامت وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب برئاسة المستشار أحمد سعيد خليل ـ رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ـ باعتبارها الجهة التنسيقية الوطنية لعملية التقييم، بجهود جبارة خلال عملية التقييم والتى استغرقت وقتاً طويلاً، حيث حرصت الوحدة على التواصل الفعال بين كافة الجهات المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح بالدولة، وإجراء تقييم ذاتى لنظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال خبراء وطنيين وذلك قبل بدء عملية التقييم رسمياً بوقت كافٍ، وأسفرت عملية التقييم عن صدور تقرير تفصيلى يتضمن كافة أوجه تنفيذ المعايير الدولية من قبل مصر بهدف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، وتم مناقشته واعتماده أثناء الاجتماع الثانى والثلاثين للمجموعة أمس، وذلك بحضور الدول الأعضاء ومجموعة المراقبين من دول ومنظمات دولية.


وأشار التقرير إلى أن مصر أثبتت أن لديها فهماً جيداً لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب التى تتعرّض لها من خلال قيامها بإجراء تقييم وطنى لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب وذلك من خلال وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وبمشاركة كافة الجهات المعنية، وتم الاعتماد على منهجية وطنية لتحديد التهديدات ونقاط الضعف والعواقب، كما تم مشاركة المخرجات مع كل الجهات الوطنية والقطاع الخاص بالدولة، كما أظهرت من خلاله التنسيق المحلى الفعال وتوفير ومشاركة البيانات بين القطاعين العام والخاص، وتبنت مصر سياسات وتدابير تتلاءم مع المخاطر التى تم تحديدها، وتهدف هذه السياسات إلى معالجة الأطر التشريعية والرقابية وزيادة فعالية جميع الجهات والمؤسسات المعنية بمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ودعم الإطار المؤسسى والتعاون المحلى والإقليمى فى هذا المجال.  

جهود الدولة


كما تطرق التقرير إلى جهود الدولة فى مكافحة عمليات تمويل الإرهاب، حيث أشار إلى تبنى مصر استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب وتمويله تتميز بالمرونة وفقاً للمستجدات الدولية والمحلية التى تطرأ على تلك الظاهرة، حيث تعتبر مصر مكافحة الإرهاب وتمويله هدفاً من أهداف السياسة المتبعة فى الدولة، كما أشاد التقرير بالتقدم الكبير الذى أحرزته مصر فى مكافحة الإرهاب وتمويله، مما انعكس على انخفاض الأعمال الإرهابية ومرد ذلك يعود إلى جهود الدولة فى القضاء على العديد من الجماعات الإرهابية وتطبيق عقوبات فعالة ومتناسبة ورادعة عند ارتكاب جريمة تمويل الإرهاب بما فى ذلك تمويل الإرهاب المستقل.


وأوضح التقرير الجهود المبذولة من قبل الدولة فى سبيل تحديد أنشطة تمويل الإرهاب والتحقيق فيها، وما تتمتع به الجهات المعنية بمكافحة الإرهاب وتمويله من كوادر متخصصة ومدّربة حاصلة على دورات تدريبية متخصصة فى قضايا التمويل وأنماطه وأبرز مصادر التمويل والطرق المستحدثة التى يلجأ اليها ممولو الإرهاب وشبكات التسهيل لتمويل الأنشطة الإرهابية.


وأشاد التقرير بالتعاون الذى تقوم به مصر مع ما يزيد على 38 دولة عبر العالم فى مجال مكافحة الإرهاب وتمويله، وما أفضى عنه هذا التعاون من إلقاء القبض على عدد من الإرهابيين وتفكيك شبكات تمويل الإرهاب، وإبلاغ دول أخرى بمقاتلين إرهابيين أجانب وضبط أموال على الحدود دخولاً وضبط العديد من الشبكات الإجرامية، وكشف خلايا إرهابية فى دول أخرى وتفكيكها ومحاكمتها، والقضاء على جماعات إرهابية فى مصر ومن بينها: أنصار بيت المقدس، وأجناد مصر وكتائب انصار الشريعة فى ارض الكنانة، بالإضافة الى القضاء على  خلايا عنقودية تنتمى الى تنظيمات إرهابية كبرى.


وأشار التقرير إلى أن لدى مصر آليات فعالة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمنع الإرهابيين والمنظمات الإرهابية وممولى الإرهاب من جمع الأموال ونقلها واستخدامها وأيضا من إساءة استخدام قطاع المنظمات غير الهادفة للربح، وكذا منع الأشخاص والجهات المتورطة فى تمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل من جمع الأموال ونقلها واستخدامها وفقاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وأشاد التقرير أيضا بفهم السلطات التنظيمية والرقابية على القطاعات المالية وغير المالية وعلى رأسها البنك المركزى المصرى لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقيامهم بإجراء تقييم قطاعى بصفة مستمرة للمؤسسات المالية الخاضعة لرقابتهم.. الأمر الذى من شأنه أن يتيح لهم مواصلة تكوين فهم واضح للمخاطر التى تواجه تلك المؤسسات والجهات، كما يتوافر لدى المؤسسات المالية فهم جيد لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب التى تواجهها، وتطبق تدابير للحد من المخاطر على أساس المنهج القائم على المخاطر بشكل جيد.


وأوضح التقرير الجهود والتدابير التى اتخذتها السلطات المصرية للتخفيف من مخاطر إساءة استخدام الأشخاص الاعتبارية والترتيبات القانونية، وحرص الدولة على إتاحة المعلومات المتعلقة بإنشاء الأشخاص الاعتبارية وتوفير عدة قنوات للوصول إلى المعلومات الأساسية والمعلومات المتعلقة بالمستفيد الحقيقى من الكيانات الاعتبارية المنشأة فى الدولة، مما أدى إلى حصول الدولة على درجة التزام تعادل تلك التى حصلت عليها كبرى الدول، ومن ثم سيكون له آثار إيجابية فى جذب الاستثمارات الأجنبية من كافة الدول والتى تعد إحدى أهم الركائز الاقتصادية لأى بلد.


تعزيز التعاون


وأشار التقرير إلى جهود الدولة لتعزيز التعاون الدولى لأغراض مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية ذات الصلة، حيث أوضح التقرير أن مصر تستخدم مجموعة واسعة من أشكال التعاون الدولى مع نظيراتها الأجنبية من أجل تبادل أنواع مختلفة من المعلومات المالية والاستخباراتية لأغراض مكافحة غسل الأموال والجرائم الأصلية ذات الصلة وتمويل الإرهاب.


وأثنى التقرير على قدرة وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على الوصول المباشر وغير المباشر الى شريحة واسعة من المعلومات المالية والاستخباراتية وغيرها من المعلومات ذات الصلة أثناء النظر فى قضايا غسل الأموال والجرائم الأصلية ذات العلاقة وتمويل الإرهاب، وجودة تقارير وإحالات الوحدة التى تدعم الحاجات التشغيلية للسلطات المختصة لا سيما فى مجال تمويل الإرهاب، حيث تقوم الوحدة بإنتاج معلومات استخباراتية مالية باستخدام مجموعة متنوعة من المصادر، وتقوم جهات إنفاذ القانون وباقى السلطات المختصة الأخرى باستخدام تلك المعلومات فى تطوير الأدلة وتعقب العائدات الإجرامية، وكذا توافر موارد بشرية ولوجستية ومعلوماتية متميزة تساعد الوحدة على معالجة وتحليل المعلومات المالية التى تتلقاها او التى تقوم بجمعها، وإسهامات الوحدة بالبحوث والتحليل الاستراتيجى للتقارير والمعلومات الواردة، بهدف تحديد اتجاهات وانماط غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والدور الفعال للوحدة فى التعاون المحلى والدولى وتبادل المعلومات.

وفى ضوء نتائج ذلك التقرير حلت وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فى ترتيب متقدم جدا بين وحدات التحريات المالية النظيرة على المستوى الدولى والإقليمى والقارى.

وأكد التقرير فعالية استخدام السلطات المختصة المعلومات المالية والمعلومات الأخرى ذات الصلة لتطوير الأدلة للتحقيق فى عمليات غسل الأموال، والجرائم الأصلية المرتبطة بها وبتمويل الارهاب، وتعقب المتحصلات الإجرامية، ومدى تمكن السلطات من استخدام المعلومات المالية من خلال الوصول المباشر وغير المباشر الى شريحة واسعة من قواعد البيانات الوطنية مما يساهم فى متابعة الحركات المالية المحتملة، وكذا توافر الموارد والخبرة اللازمة لدى هذه الجهات للقيام بالتحرى فى قضايا غسل الأموال والجرائم الأصلية وتمويل الإرهاب والاعتماد على المعلومات المالية.


وأظهر التقرير مستوى التزام مصر من حيث اتساق قوانينها وإجراءاتها ولوائحها بالمعايير الدولية فى هذا الخصوص، وتعتبـر نتيجة هذا الجانب المهم من عملية التقييم إيجابية جداً، حيث أشار التقرير إلى أن لدى مصر نظاماً قانونياً متسقاً مع توصيات مجموعة العمل المالى، حيث قامت الدولة فى وقت مبكر بتعزيز الأطر التشريعية اتساقاً مع المعايير الدولية الخاصة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومن أهمها التعديلات الخاصة بقانون مكافحة غسل الأموال ولائحته التنفيذية وقانون مكافحة الإرهاب وقانون تنظيم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، كما تم إصدار قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلى وقانون البنك المركزى والجهاز المصرفى، وإجراءات العناية الواجبة والتعرف على العملاء المطبقة فى المؤسسات المالية وغير المالية، وتعديل اللائحة التنفيذية لقانون السجل التجارى لتعزيز سبل التعرف على المستفيدين الحقيقيين من الشخصيات الاعتبارية بما يضمن تعزيز الشفافية فى الدولة، وغيرها من الأطر التشريعية والرقابية.


تجدر الإشارة إلى أنه فى حالة ما أسفر تقييم أى دولة وفقاً للمعايير الصادرة عن مجموعة العمل المالى FATF  عن درجات التزام منخفضة، وفقاً لمعايير محددة تم وضعها فى هذا الخصوص، فيمكن أن تحال الدولة للمتابعة من قبل فريق مراجعة التعاون الدولى بمجموعة العمل الماليFATF، وفى هذه الحالة يتعين على الدولة الالتزام بخطة العمل التى تضعها لها مجموعة العمل المالى لمعالجة أوجه القصور لديها، وخلال هذه الفترة يظهر اسم الدولة فى بيان عام يتم إصداره ونشره على  الموقع الإلكترونى للمجموعة عقب كل اجتماع عام لها، ويفيد أن الدولة لديها أوجه قصور جوهرية ويتم متابعة مدى قيامها بالالتزام بخطة العمل الموضوعة لها، وفى حال عدم تمكن الدولة من تصويب كافة أوجه القصور الخاصة بها خلال الموعد المحدد بخطة العمل تقوم المجموعة بوضع اسم الدولة فى بيان عام آخر ينشر على الموقع الإلكترونى للمجموعة المشار إليها تطلب فيه من دول العالم اتخاذ تدابير احترازية ضد هذه الدولة مما سيكون له آثار سلبية على الوضع الاقتصادى والاستثمارى للدولة.


وبصفة عامة تعد تجربة مصر فى عملية التقييم المتبادل تجربة فريدة فى دول المنطقة وعلى مستوى العالم بشهادة العديد من الجهات الدولية وذلك للظروف الاستثنائية التى واجهت الدولة خلال عملية التقييم.