علاقات مرهقة ٢

علاقات مرهقة ٢
علاقات مرهقة ٢

كتبت: نسرين موافي

إذا كانت علاقة الإنسان بنفسه مرهقة إلا أنه لا فرار منها، فهي ملازمة له حتى نهايته.

 

وقدره أن تكون نفسه ويلازمها ويفعل ما في وسعه ليطوعها ويجعلها علاقة مريحة لا يقسو عليها فتتمرد ولا يطاوعها فيهلك فقط يرحمها لترحمه.

 

ولكن علاقته بالبشر حوله مهما كانت قريبة إلا أنها ليست بنفس صعوبة علاقته بنفسه وإيجاد الراحة والبعد عن ما يؤرقه بل وإيجاد مساحة للتفاهم أسهل من علاقته بنفسه .

ودائما ما يوجد خيار البعد سواء كان بعد جزئي  او كلي بقطيعة كامله ، دائما هناك مخرج و مهرب من علاقة مرهقة مهما كان مدي قربها او مدي توغلها في قلبك و يبقي الرهان هنا علي الارادة .

هل تستطيع فعلا أن تأخذ قرار البعد عن ما يؤذيك ؟!

في دائرتك القريبة دائما هناك حسابات معقده الا انها طالما لم تمس عمق قلبك فأنت في أمان .

 

لذا علاقتك بعائلتك الكبيرة أسهل في التعاطي معها لكنها مؤثرة تأثير خفي ، و مخيف ايضاً .

حائرون نحن بين جمل و موروثات…  الأقارب عقارب ، أهلك لا تهلك ، و ايضا لا يدخل الجنة قاطع رحم .

 

علاقاتك بأهلك  مثلا - مع الأخذ في الإعتبار أن هذه العلاقات تحكمها قواعد تربية و أصول و دين  - تستطيع أن تجد مساحة و تخلق حدود لكل فرد فيها حسب قوة علاقتك به و قربه من روحك

في رأيي هي من أسهل العلاقات فهي أسهل من علاقاتك بأصدقائك ، بشريكك و طبعا بنفسك

 

الأهل هنا المقصود العائلة و ليس الوالدين العائلة التي في خضم بحثنا عن الراحة و تجربة إنهاء العلاقات المرهقة كانوا هم أول الضحايا .

 

فبدلا من إيجاد مساحة و وضع حدود قاطعناهم تماما و أصبحت حتى الواجبات الاجتماعية في المناسبات حمل ثقيل

قد يكون السبب الغير لكن أي علاقة لها أطراف و ليس طرفا واحدا

قد يكونوا متطفلين مؤذيين في بعض الأحيان، مرهقين في معظم الحيان إلا أن القطيعة الكاملة أيضا مؤذية .

 

وعندما تعرف أن صلة الرحم تزيد الرزق و  تطيل العمر لابد أن نقف ونتسائل لماذا فعلنا بأنفسنا وأولادنا هذا .

 

وعندما يأتي ابنك أو بنتك ليسألك وأنت تحكي عن طفولتك مع أولاد أعمامك وخالاتك ومغامراتكم سويا عن المصيف، السهر، السفر والبساطة يسألك لما لم يفعل كل هذا مثلك مادامت هذه الأشياء ترسم كل هذه الراحة و كل هذه السعادة علي وجهك بمجرد انك تتذكرها .

 

 لن تجد ما تجيبهم به إلا  أن الدنيا تلهي الجميع، لكن الحقيقة أننا آثرنا الهروب بدل من المحاولة المستحقة لنوع مهم من العلاقات .

 

أو أننا مارسنا حقنا في إنهاء علاقات مرهقة فقط في محيط العائلة ظنا انها أضعف حلقة في العلاقات .

قليلين منا من يمارس مع عائلته حياة طبيعية بل اننا نفضل علي الزيارات العائليه الخروج مع الأصدقاء أو حتي الجلوس في المنزل .

حتي صلة كبار العائلة عبر الاتصال و ليس الزيارة اصبحت  تمثل عبئاً .

فقطعنا الأرحام و حرمنا أولادنا ليس فقط من إحساس العزوة و العائلة بل من فكرة الرحم و الرحمة و المسئوليه عن كبارنا .

 

و بدون شك سنجني هذا في علاقتهم معنا و في نفسهم لأننا زرعنا فيهم بسلوكنا الوحدة و الفردية و التي ليست دائما أكثر الأحوال سعادة .

 

لا أعني من هذا أن نتحمل علاقات مرهقة … أبدا بالطبع فالهدف دائما هو السلام النفسي و علاقات سوية تجعلنا نتحمل أعباء الحياة .

لكن الهدف ان نحافظ علي المسافة بينك و بينهم حتي لا ترهقك علاقاتهم و لا يرهقك قطعهم .

 

فلهذا القطع ثمن غالي لا تدفعه إلا اذا كان لا سبيل الا هو ….لكن اجعل هذا السبيل الأخير لأن الثمن غالي علي كل المستويات .

لا تقطع من وصلك بل لا تقطع من قطعك و اجعل هذا الوصل بنيه لوجه الله ان تترك ذرية قوية بأهلها و سيرة جميلة يتناقلوها و يتزيد في عمرك بالدعاء لك كل هذا تحت مظلة قواعدك انت و حدودك التي من السهل فرضها فقط بإقتناعك  بها .