جيش أبيض مصري يواجه كورونا في مستشفيات أوروبا

أطباء وممرضات مصريين يواجهون كورونا في مستشفيات أوروبا
أطباء وممرضات مصريين يواجهون كورونا في مستشفيات أوروبا

أمال : فخورة أني مصرية في مستشفيات أوروبا 
بيشوي : الجيران كانوا يجهزون لنا الأكل 
كاتلين : عملت في بداية الأزمة 

 

نعم .. هناك جيش أبيض مصري يواجه كورونا في مستشفيات الدول الأوروبية، تعداده ليس بالقليل، توصلنا مع بعضهم لينقلوا لنا تجاربهم وكفاحهم ضد هذا الوباء  الفتاك، وجهودهم الكبيرة لآداء رسالتهم وانقاذ أرواح الأبرياء.

 

اقرا أيضاً |عدد المصابين بكورونا بالمستشفيات الفرنسية يقترب من أعلى مستوى منذ 9 أسابيع

 

إنهم مواطنون مصريون يحملون هويات سفر مصرية، رغم أن منهم من تجنس بجنسية الدولة التي يقيم بها، سواء كانت فرنسا أو إيطاليا، ذهبوا إلى هناك وانضموا إلى صفوف الكتائب البيضاء على خطوط المواجهة مع فيروس كوفيد ١٩ .


" بوابة أخبار اليوم " رصدت جهود هؤلاء الأطباء والممرضين المصريين الذين يعملون في مستشفيات في دول أوروبية، يعملون كتفاً إلى كتف مع زملائهم الأوروبيين لانقاذ المصابين من هذا الفيروس، رصدنا تجربتهم ونظرة المواطنين الأصليين لهم من وجيرانهم، وعائلاتهم وما إذا كان هناك تكريم لهم قد حدث من قنصليات مصر في البلاد المتواجدين بها، وما يمثله هذا بالنسبة لهم.

 

" إيطاليا " 
" أمال أيوب "- ممرضة مصرية -  درست التمريض في إيطاليا ومارست العمل طوال عشرين سنة، وخلال فترة انتشار فيروس كورونا عملت  كممرضة  في إحدى المستشفيات المخصصة للعزل متطوعة - لرد جميل البلد الذي عاشت به - كما تقول - وكان الوضع صعب جدا في الموجة الأولى وكانت الحالات كثيرة وطريقة التعامل معها صعبة وغير معروفة. 

 

تقول أمال:" كنا نعمل أوقاتاً متواصلة، وكانت الاصابات كثيرة، هذا بخلاف الضغط العصبي الذي كنا نعمل تحته ليس في المستشفى الذي نعمل به فحسب - ولكن عندما كنا نرجع إلى بيوتنا الجيران كانوا يخافوا منا ويبتعدوا عن لقائنا ويتجنبوا مقابلتنا خوفاً من العدوى". 


تتابع " أمال " في سرد تجربتها لمواجهة  فيروس كورونا في المستشفيات الايطالية، وتقول :" كنا نواجه الموت في كل لحظة بالمعنى الحرفي .. موتنا احنا وطبعا موت الحالات التي نتابعها واحنا مش قادرين ننقذهم".


وتابعت: "أطباء كتير ماتت وأطقم تمريض ده غير اللي خف كان شبه مدمر نفسيا وجسديا". 

 

وتسرد: "انا قضيت شهر في مستشفى للعزل بعيدا عن اسرتي واولادي وفضلت ده خوفآ عليهم لكن كانت معاناتي مضاعفة مابين قلقي عليهم ومابين خوفي لأن أصيب او اموت ويفضلوا وحدهم.. شفت ناس بتموت يمكن كانوا بيموتوا من الحسرة اكتر من كورونا لكن كنا بنعمل اللي نقدر عليه حتى نؤنس وحدتهم.. وكثير مننا كان يدخل لهم العناية بس عشان يخفف عنهم دون النظر ايه اللي ممكن يحصل بعد كدة لكن للأسف كان فيه ضحايا من الجيش الأبيض كثيرين  فوق ما كنا نتخيل.. كنا بنسابق بعض للموت بدون اي خوف كان كل اللي يهمنا إنقاذ حياه مريض.. ولما الاماكن ازدحمت اتحطينا في خيارات ننقذ مين الاول ومين له الاولويه، ودي كانت أصعب حاجه". 


وتقول أمال: " قدرنا نطلع من الموجة الأولى لكن كنا فقدنا ناس كتير من أطباء وتمريض وعمال طلعنا بجرح عميق وصعب انه يتداوي. يمكن الحكومة هناك قدرت مجهوداتنا كانوا يأتون بكل مؤساستهم ليقدموا لنا التحية أمام المستشفيات".

 

وعن كونها ممرضة تنحدر من أصول مصرية وتشارك في انقاذ الأوروبيين في مستشفيات ايطاليا، وماذا أضاف بها هذا البعد ؟، وكيف كان يقابله الآخرين حينما يعرفوا ذلك؟، وهل كان هذا البعد محل تقدير وفخر عندها، قالت "أمال ": طبعا كنت حاسه بفخر كمصرية اني قدرت أشارك في إنقاذ الناس واحساسي باني أرد الجميل لبلد استضافتني اكتر من عشرين سنة واتعاملت فيها اني واحدة منهم من اول يوم". 


وتقول: "لما المحافظ اتصل بيا وشكرني اني اتطوعت وكان سعيد جدا بهذا قالي مكنتش متخيل انك شجاعه كده وممكن تضحي بنفسك عشان تنقذي أرواح مش من دمك ولا من بلدك لكن عشان انتي مصريه اصيله عملتي كده".


وتروي: "طبعا كنت سعيده بالكلام ده.. وتلقيت اتصالاً من القنصل المصري بميلانو السفير "إيهاب أبو سريع " وقدم لي الشكر على ما قمت به من خدمة في مستشفيات ايطاليا "كمواطنة مصرية في الأصل". 

 

وتستطرد "أمال" بقولها: "لما زملائي كانوا يسالوني انا ليه اتطوعت برغم الخطورة وبرغم انه مفيش اي عائد ممكن يعود عليا كنت أرد عليهم " كفايه عليا اني اقدر انقذ روح انسان لاني اتربيت على كده.. إنقاذ حياة انسان تمنها بالنسبة لي اكبر من اي عائد او شكر او تكريم، ويكفي أن ولادي واسرتي كانوا فخورين بيا وكانوا قلقنين عليا جدا". 


" إنقاذ " 
الدكتور بيشوي حنين "- طبيب مصري يقيم بمفرده في ايطاليا، ويعمل باحدى المستشفيات منذ بداية فيروس كورونا - وشارك في انقاذ الكثير من المواطنين الايطاليين الذين دخلوا المستشفى في فترة الذروة لانتشار الفيروس. 


يقول الدكتور "بيشوي": أنا أعيش بمفردي في سكن بمنطقة بمقاطعة ميلانو بايطاليا، وأعمل في مستشفى وعندما جاءت أزمة كورونا كنا نعمل ليل نهار لاستيعاب الحالات التي تتدفق على المستشفى في وقت ذروة الفيروس، ولم نخف من المرض أن يصيبنا لأننا كنا مؤمنين أننا نساهم في انقاذ أرواح الناس". 


وعن نظرة الجيران له كطبيب يعود كل يوم من المستشفى في ظل انتشار الفيروس، ويتعامل مع حالات مصابة بفيروس كورونا، يقول "بيشوي ": لم يخف منا أحد من الجيران، ورأينا من جيراننا كل احترام، بل وكان هناك تشجيع، وكان الجيران يجهزون لي الأكل لأنهم يعرفون أني أسكن وحدي دون أسرة، فلست متزوجاً وأعيش في شقة وحيداً، وعندما علموا ذلك كانوا يجهرون اي الأمل عندما أعود للمنزل ويقدمونه لي وأنا عائد من المستشفى طوال يوم عمل تحت ضغط انتشار الفيروس وتزايد الحالات. 


ويقول " بيشوي ": الوضع في المستشفيات كان صعباً للغاية، والحالات كانت زائدة وكنا نعمل في ضغط شديد وفي المقابل كان هناك تحفيز  كبير من الشعب الايطالي للأطقم الصحية من تمريض وأطباء".


وعن كونه ينحدر من أصول مصرية ويعيش في ايطاليا ويعمل في انقاذ أرواح الايطاليين، قال الدكتور "بيشوي": "عندما عرفوا اني مصري ازداد التشجيع لي، وفي المقابل أنا كطبيب مصري  أعمل على انقاذ الأرواح هنا على أرض ايطاليا كنت فخور انني كنت اشارك في انقاذ الاوروبيين في المستشفيات الايطالية". 

 

" فرنسا " 

" كاتلين ميلاد " ممرضة فرنسية  عمرها ٢٢ سنة من أصول مصرية، تنحدر عائلتها من محافظة المنيا، تعمل بمستشفى "أوبتال دي لا فونتان " hôpital de la fontaine بمنطقة سانت ديسنيس saint A Dénis ، عملت منذ انتشار الفيروس بفرنسا في موجته الأولى، وأصيبت بفيروس كورونا المستجد كوفيد ١٩، وعزلت بمنزلها لمدة ١٥ يوماً ، ثم عادت للعمل مرة ثانية، مؤكدة أنها تعاملت مع الفيروس على أنه "دور برد" وأخذت له أدوية البرد والصداع.

 

تخرجت " كاتلين " من الدراسة لمدة ٣ سنوات بمدرسة التمريض، والتحقت للعمل بالمستشفى لمدة ثلاث سنوات مماثلة حتى تتمكن من اللحاق بالدراسة مرة اخرى وتسجل  للدراسات العليا، ويمكن ان تلتحق بكادر عمل اخر في المجال الصحي .

 

 " البداية " 
تقول " كاتلين :" بدأت أزمة كورونا في المستشفى التي اعمل بها اول مارس ٢٠٢٠ ، المرضى كانوا يترددون على المستشفى بشكل عادي وبأعداد كبيرة ، وجاءت أول حالة الى المستشفى دخل المريض عملنا اختبار بعد ١٠ ساعات ظهر المرض عليه، رئيس الخدمة كان عنده فكرة مسبقة عن المرض بوضع احتمال ان يكون هذا الحالة مريض بكورونا، عمل قسم خاص لحجز مصابي فيروس كورونا، في الطواريء ء وفيه جزء لمن يعملون الإشاعات والتحاليل والحالات المستعجلة، والانتظار، اول ظهور الفيروس عملنا بشكل مكثف". 


وتابعت" كاتلين :" كان هناك قصور في القطاع الصحي الفرنسي بشكل كبير، فهذا الفيروس يجعل المريض  يحتاج رعاية، وكان  لدينا نقص في العمالة الصحية ونقص في الأماكن واجهزة التنفس والرعاية ، وانا كممرضة واجهت هذا بنفسي ، نقص الإمكانيات، في مخزن الأدوات لا يوجد الماسك الطبي، والإمكانيات قليلة جداً، وصل مريض المستشفى، عملوا له الانعاش في صالة الاستقبال وذلك في ظل نقص الامكانات وعدم وجوة الأدوات من الماسكات والجوانتيات، الأول كنّا نغير الملابس الطبية "البلوز والماسك" الان بلوز واحد فقط، ولكن الاوضاع تغيرت به فترة في ظل تطورات الأزمة الصحية".

 

أمال بيشوي 

كاتلين ميلاد