حريات

مصر الغريبة

رفعت رشاد
رفعت رشاد

شعرت خلال شهر رمضان أننى أعيش فى بلاد غريبة. ما جرى من تغيير على مظاهر الحياة الرمضانية وما عرض على شاشات الفضائيات أشعرنى أننى وافد على هذا المجتمع عابرا للمكان والزمان. لم يعد رمضان كما عشناه صغارا شهر العبادة والتقوى والورع، دمرت كورونا مقومات التعبد وتجمعات المصلين. تغير شكل المجتمع على شاشات الفضائيات بما أربك عقولنا ونفوسنا. المسلسلات فى غالبيتها شذت نحو شيطنة المجتمع وجعله مجرما لا تجرى فى شوارعه وحواريه إلا الجريمة بكل صورها، القتل سهل، الانحراف الجنسى فى كل البيوت، الشرطة لا حول لها ولا قوة لكن العامل المشترك بين الضابط والمجرم هو عبارة « نعم يا روح أمك « تمهيدا للتعامل مع الشخص المخاطب بطريقة عنيفة ويقوم المجرمون فى معظم الأحوال بحل مشاكلهم بطريقتهم، السرقة تجرى كما لو أن من يقومون بها يمارسون هواية محببة، هذه النماذج وغيرها صارت عنوان الحارة المصرية، وربما يكون مسلسل ملوك الجدعنة الأسوأ فى هذا المجال حيث لا جدعنة ولا أى شئ إيجابى وكذلك لحم غزال وربما يكون ذلك بسبب أن إنتاج المسلسلين من خارج مصر وهذا ينبهنا إلى مدى تأثير هذه الأعمال اللا درامية على مجتمعنا والسعى لعلاج آثارها السلبية.
هناك أعمال أخرى إنتاج مصرى مشرفة وتستحق الإشادة كما فى الاختيار 2 ولكنى لا أقيم هنا أعمال الدراما وإنما أتحدث عن شعورى حيث أشاهد كماً من الإعلانات المفجرة للمجتمع بعدما سيطر رجال الأعمال على حياتنا واستغلوا الممثلين ومشاهير الرياضيين بكل مستوياتهم وشهرتهم فى التأثير على توجهات ومشاعر الناس. لا يرتبط الأمر فحسب بالترويج لسلع أو منتجعات وإنما لتوسيع الفجوة بين الطبقة الثرية والطبقة الفقيرة وتقزيم الطبقة المتوسطة بشكل واضح. فى الإعلانات نلاحظ أن الممثلين لم يتركوا مجالا لشباب الإعلانات بل احتكروا الإعلان عن أى سلعة حتى الكبار منهم صاروا يعلنون عن أى شئ. فى الجانب الآخر ورغم الملايين التى يجنيها هؤلاء، تجد من يقول لك «اتبرع بخمسة جنيه.. علشان ما فيش فكة.. فقد ألغينا حكاية اتبرع بجنيه.. لأن الجنيه مالوش لزمة دلوقتى».