إنها مصر

كرم جبر يكتب: دموع الفنانين.. ووعد السيسى!

كرم جبر
كرم جبر

أين كنا وكيف أصبحنا ؟

كتبت هذا المقال فى 3 مايو 2013:

سطر الفنانون رسالة بالدموع للفريق عبد الفتاح السيسى فى احتفالية تحرير سيناء، كانت أقوى من كل الكلمات والأغانى والألحان، مفادها "خايفين على مصر وقلبنا وجعنا عليها".. رسالة عفوية مفاجئة جاءت وليدة اللحظة، وأبكت من شاهدوها لعدة أسباب.. فهى −أولا− تجسد الإحساس بالخطر على مصر ومستقبلها والخوف من المجهول.. وثانيا تؤكد الثقة الكبيرة فى القوات المسلحة وأنها المنقذ والأمل، وثالثا تعظّم المكسب الكبير الذى تحقق للقوات المسلحة بعد تسليم السلطة وهو "استعادة الثقة".

استعادت القوات المسلحة الثقة بعبارة رائعة قالها السيسى "تتقطع إيدينا قبل ما تتمد على واحد فيكم"، وتصدى الجيش لمهام حفظ الأمن وحماية المنشآت العامة، وانحاز للشعب ولم تحدث أى مواجهة ولم يطلق رصاصة أو خرطوشا، رغم ضخامة التظاهرات والعصيان المدنى، ومضت الأزمات بسلام دون إراقة دماء أو سقوط شهداء، ولم تأخذ هذه المعالجة الحكيمة حقها من الدراسة والتحليل.

"خايفين على مصر" ليست عبارة إنشائية قالها أحد الفنانين فى لحظة انفعال، لكنه الخوف المشروع عندما تتعقد المشاكل والأزمات ويفشل النظام السياسى فى احتوائها ومواجهتها والتصدى لها، خوف من الأزمة الاقتصادية والانفلات الأمنى والأخونة والمستقبل المجهول وعلى سلامة الوطن ووحدة أراضيه.. خوف القضاة والإعلاميين والسياسيين والمعارضين.. خوف من الكيانات السياسية التى انخرطت مع الإخوان فى حلبة المصالح الشخصية.

الإخوان وشركاؤهم لا يريدون وجود الجيش فى الحياة المدنية، أما غالبية الناس التى عبرت عنها دموع الفنانين، فيهمهم أن يعود هذا الوطن آمنا ومستقرا وهادئا، بعيدا عن التشدد والتطرف والتناحر والصراع والتكالب والتفتيت، وهى المعانى التى التقطها بسرعة الفريق السيسى، موجها رسائل شديدة الدلالة بأن جيش مصر لن يكون إلا لمصر، محافظا على وحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها، ولن يرفع سلاحا إلا فى وجه أعداء مصر التى يجرى حبها فى عروق الضباط والجنود.

بما يعنى أن جيش مصر لن يكون طرفاً فى صراع سياسى.

لقد انتهت الفترة الانتقالية بحلوها ومرها، وتحملت القوات المسلحة ما لا يطاق لتجتاز البلاد زلزال الثورة وتوابعه، وجاهدت جهادا مريرا حتى تمنع الأذى عن المصريين، وكانت خط الدفاع الأخير الذى جنب الوطن مخاطر السقوط، ونجحت فى أن تنأى بنفسها عن حروب الاستنزاف السياسى، التى اشتد وطيسها بين الخصوم السياسيين، كل يبكى على ليلاه، دون أن يكونوا مهمومين بليل مصر الطويل المظلم.

دموع الفنانين قالت للسيسى: "خلى بالك من مصر".. ورد عليهم: "لا تخافوا على مصر" فلها درع وسيف وأبناء مخلصون لا يبخلون عليها بأرواحهم ودمائهم.. أما الرسالة التى لم ينطق بها بلسانه بل بمشاعره: خلوا بالكم إنتم من مصر.. يا مصريين!