حكايات| عين دلة.. «زمزم» مصر يروي عطش الليبيين في قلب الصحراء

 صحراء الوادي الجديد
صحراء الوادي الجديد

في قلب صحراء الوادي الجديد، تقف عين دلة في الفرافرة كبقعة خضراء منحتها المياه العزبة وتربتها الصالحة للزراعة موقعا مميزا للغاية.

كان الدكتور أحمد فخري وفي كتابة الصحراوات المصرية المنشور في عام 1973، ممن تحدثوا عن عين دلة؛ حيث تقع على بعد 75 كيلومترا من قصر الفرافرة شمالا وتقع على رمال أحد التلال وعندها تنمو بعض الشجيرات وقد قام بتطهيرها الأمير عمر طوسون في أواخر العشرينيات.

وللحفاظ عليها تم تبطين جوانب الدالة بالإسمنت وتفيض مياهها خلال أنبوب طوله عشرون مترا جنوب غرب البئر، وقد أمر الأمير بتنفيذ هذا العمل من أجل النازحين الليبيين الذين طردهم الاستعمار الإيطالي من ديارهم والذين فقد الكثير منهم حياته في الصحراء ، وطريق القوافل القديم من داخل ليبيا إلى الفرافرة يمر بعين دلة.

اقرأ أيضا

حكايات| جزر الرحمة.. هنا المخزون الاستراتيجي للحبوب بمصر القديمة

وعند زيارة الموقع عام 1939 كان هناك جوسقا خشبيا ترك فيه الأمير عمر طوسون 20 صفيحة مليئة بالبنزين بالإضافة إلى أدوات للحفر والمقاطف وذلك لمعاونة أي شخص قد يحتاجها في تلك البقعة النائية ولكن الهامة في وسط الصحراء.

ومياه العين من النوع الجيد وتجري بمعدل ثلاثة جالونات في الدقيقة وبذلك تكفي حاجة أي قافلة صغيرة، أي أن مياهها لا تنضب، ولا يزال يمكن رؤية بقايا منزلين كسيت جدرانهما بطبقة من الجص و بالجير ولكن تخطيطهما لا يزال ينتظر من يكشف عنه. فيما كان ينظر أهلها إليها باعتبارها مباركة وتكاد يشبهونها بماء زمزم.

ويواصل دكتور فخري وصفة للمنطقة فيقول: "ويمكن وصف هذه الأماكن الأثرية في الفرافرة بأنها ضئيلة الأهمية إذا ما قورنت بمثيلاتها في البحرية والداخلة، وكلها تعود إلى العصور الرومانية وما تلاه، وأما ما تبقى من آثار أقدم فيبدو أنها قد دمرت واندثرت".

ورغم ان الفرافرة كانت مكانا صغيرا طوال تاريخها الا انها كانت محطة هامة على طريق القوافل بين الواحتين الكبيرتين في الشمال والجنوب في القرن الأول والثاني الميلادي، وبعد أن بدأ الانحلال يحط على الواحه بسبب انخفاض كمية المياه الجارية من ناحية والحياة غير الآمنة خلال الأوقات التي تعرضت فيها البلاد قاطبة لسوء الحكم والاضطراب في آواخر العصر الروماني و إبان العصور الوسطى من ناحية أخرى.

أما عن الحياة وطبائع سكان الفرافرة فيقول الدكتور احمد فخري: "وتجرى في عروق أهل الفرافرة دماء ليبيه وعربية أكثر من سكان الواحات البحرية والداخله، وملابسهم وعاداتهم اقرب ما تكون بملابس وعادات البدو، وقد وصف رحالة القرن التاسع عشر خاصة (كايو) الحياة في هذه الواحة بشيء من التفصيل وقد استمرت حياتهم وعاداتهم الاجتماعية على ما هي عليه حتى عام 1950.

 وأخيرًا فإن كثيرًا منهم ينزحون إلى الفيوم وأسيوط والقاهرة، ولكن بعد وقت قد يطول أو يقصر لا يلبثون أن يعودوا إلى واحتهم الوادعة والعزيزة على نفوسهم.