كرم جبر يكتب: الطيبون يرحلون في صمت!

كرم جبر
كرم جبر

كل يوم إما أن نستيقظ أو ننام على خبر موت مفاجئ بسبب كورونا، دون أن يكون مريضاً أو كبيراً فى السن، ويهبط الفيروس اللعين مثل الصاعقة، فنضع أيدينا على قلوبنا ونقول: لله الأمر!

لا يوجد مصاب واحد يعرف من أين جاءته العدوى، وأحياناً يخالط المريض عدة أشخاص فيصاب بعضهم والبعض لا، وتختلف الأعراض من شخص لآخر دون أسباب معلومة.

وأعرف صديقاً محافظاً بدرجة كبيرة على الإجراءات الاحترازية وأخذ المصل، ورغم ذلك أصيب بكورونا هو وزوجته وأسرته، وصديق آخر يخالط طوب الأرض ويسلم أمره لله ولا يزال سليماً.

والطيبون يرحلون فى صمت، دون مراسم للتشييع إلا على الأقارب والأصدقاء، ولا تقام الجنازات كما كان قبل كورونا، خوفاً من الازدحام، واستطاع الوباء اللعين أن يفرض على البشرية أنماطا جديدة فى العمل والحياة والسفر والتنزه، وكان ضرورياً أن يوفق الجميع أوضاعه مع المتغيرات العنيفة.

ورغم ذلك..

مصر العامرة لم تتغير بمدنها وقراها وشوارعها وحواريها ومقاهيها ومعظم أشكال الحياة لم يمسها إلا قليل من الانتباه، ونصرخ ونشكو من الأعداد التى تتزايد والإمكانيات المتواضعة فى المستشفيات ومن ظروف العزل المنزلى الصعبة...

ولا نكلف أنفسنا بأن نكون على مستوى الأمر الخطير الذى جعل الدنيا كلها ترتدى الكمامات، فى مشاهد كاريكاتورية، لم نكن نحلم بحدوثها من قبل.

نستهين بالخطر حتى يدق أبوابنا ويقتحم بيوتنا ويعزلنا فى غرف مغلقة، وإذا دخل الوباء بيتاً لا يترك أحداً فيه، ويفرض أحكامه القاسية على الجميع.

ورغم ذلك..

النصائح لا تجدى ولا يستجيب إلا أعداد قليلة يخافون على أنفسهم وذويهم، أما باقى الناس فيمكن أن تحكم عليهم وهم بدون كمامات فى الشوارع ووسائل المواصلات وأماكن العمل والأسواق وغيرها، وكأن الحياة عادت إلى طبيعتها.

ولا يدرك الناس حجم الكارثة إلا بعد الإصابة، وتشتد المعاناة إذا نزل الفيروس اللعين إلى الصدر والرئتين، فيحلم المريض بأن يستنشق بعض الهواء ليحمى نفسه من الاختناق.

بعد عام ونصف من كورونا، لا تستطيع أن تقول أو تنصح أو تقترح، فالجميع يعلم مكامن الخطر وطرق الحماية منها، ورغم ذلك يقدم عليها بإهمال.

--

دعاء :

رب احفظنا وأهلنا وأولادنا وأحباءنا وأهل الخير الطيبين من شر البلاء والوباء ونستودعك أمننا وسلامنا وراحتنا وأمانينا.