يوميات الأخبار

إعلانات رمضان.. ماسبيرو زمان.. وحديث البُهتان!

علاء عبدالوهاب
علاء عبدالوهاب

متى تتحول هذه الرؤى المتقدمة إلى عمل مؤسسى مستمر، يقدم انتاجه الفكرى فى المجالات كافة وليس فقط ما يتعلق بخطاب دينى جديد؟

الإعــلان سيــد الشاشــة!

لاشىء يفوق أهميته، إنطباع يتسرب ثم يتغلغل ليملأ المشاهد ضجراً وغيظاً ثم رفضاًَ وسعياً للهروب إلى أى بديل، بعيداً عن سيل الاعلانات المنهمر، لتصبح الاعلانات البطل، وتتوالى الدراما والبرامج، وتصبح مشاهدها وفقراتها مجرد «حشو» يتم «حشره» بين المساحات الاعلانية المتغولة.!

أقلام جف مدادها، وأصوات بُحت، وصرخات مدوية خلال سنوات مضت، وكأن أصحابها من كوكب آخر، على طريقة دعهم يفعلون ما يريدون، ونحن فى غينا الاعلانى ماضون!

وعود وتصريحات حول مراعاة حق المشاهد طبقاً للمعايير المتبعة فى كل الدنيا، فثمة نسبة يجب مراعاتها بين العرض الدرامى أو البرامجى، وما يتم بثه من اعلانات، لكن على شاشاتنا من يحرص على ضرب الحائط بهذه المعايير سواء تعلق الأمر بالوقت ، أو بعدد مرات قطع المسلسل أو البرنامج لعرض اعلانات يفوق زمنها بكثير ما يسبقها وما يليها، لاسيما الدراما، ولايهم أن يفقد المشاهد متعته أو تركيزه، أو قدرته على متابعة تطور أحداث العمل الذى يشاهده.

ثم ما هذه الحشود من النجوم فى إعلان واحد؟ كم يتكلف انتاج مثل هذا الاعلان؟

ولايقول قائل إن المعلن حر فى فلوسه، ففى الحقيقة هى أموال المستهلك للسلعة أو المنتج أو الخدمة بعد أن تتم اضافة التكلفة على المدخلات التى تحدد السعر، ولا يعنى السواد الأعظم ذلك إذا تعلق الأمر بسلعة استفزازية، لكن ما ذنب المستهلك المضطر لشراء المنتج بسعر أعلى أو وزن أقل، أو جودة لاتتفق مع معايير الانتاج القياسية؟

بالطبع، فإن الصورة تتدرج ظلالها، وإذ تناولت فى سطورى الأولى ما هو قاتم، فإن الامانة تقتضى اشارة إلى بعض النجوم الذين تطوعوا دون مقابل فى انتاج اعلانات فعل الخير، لكن يظل سؤال يشغلنى: كم تتكلف الحملات الاعلانية الخيرية؟ وأليس الأولى الحد من تكرار الاعلان، لصالح إضافة هذه الاموال للمزيد من الإنفاق على أوجه الخير؟

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فلماذا لاتوجه شركات الاتصالات نصف تكاليف حملاتها لصالح دعم بنيتها التحتية التى تنوء بأضعاف ما تم تأسيسها لخدمتهم من مشتركين؟

مجرد أمنية تبحث عن من يتبناها.

قناة الزمن الجميل

هل تجرب أن تفعل مثلما فعل العبدلله؟

الهروب إلى قناة الزمن الجميل هو الحل.

أعنى ««ماسبيرو زمان».

على شاشتها تشعر -بالفعل-أن رمضان بجماله وبهائه وقدسية أيامه تتجسد فى كل دقيقة تمضيها مع برامج ومسلسلات ماسبيرو زمان، وربما تملأ جوانحك بعض الدهشة، عندما يداخلك شعور بأن ما تشاهده انما هو انتاج حديث رغم أن كثيرا من نجومه قد رحلوا عن دنيانا!

ثمة رؤية تحكمها فلسفة واضحة وراء رسم خريطة ماسبيرو زمان.. لاحشو، لا اعلانات سخيفة، لا تكرار ممل، لا اثارة للغرائز، لااستفزاز، لا... ولا....

فقط اختيارات ذكية من كنوز ماسبيرو، يتم عرضها بسلاسة، وتدفق حميمى ينقلك إلى زمن جميل.

على شاشتها لاتفقد التركيز فى متابعة المسلسل أو البرنامج الذى يُعرض، ولا تخجل إذا كان أبناؤك أو أحفادك يشاركونك فى المشاهدة، فما تعرضه لاتسبقه اشارة «+ ١٦» أو «+ ١٨» برافو أسرة ماسبيرو زمان، جزاكم الله خيراً.

أ«دين الختان» ؟ خسئت!

«البُهتان» هو الكذب المفترى، وفى القرآن الكريم: «سبحانك هذا بهتان عظيم» وبُهت الرجل أى دهش مأخوذاً بالحجة، وفى القرآن الكريم: «فبهت الذى كفر».

تخيلوا معى، ونحن على أبواب رمضان المعظم، ينطلق صوت واصفاً الدين الحنيف بأنه «دين الختان»، وبأننا «أمة الختان»!

من وجهة نظره، وامثاله، لسنا «الأمة الوسط» أو «خير أمة أخرجت للناس»، والاسلام ليس «الدين الخاتم»، اختزل النائب المبجل الأمة ودينها الحنيف فى الختان!!

حدث ذلك تحت قبة البرلمان، هذا الافتراء على الدين، والافتئات على الأمة أنبرى به أحدهم، لكنه بُهت عندما دحض أصحاب العلم والفضل كذبه المفترى، أو بهتانه المفترى.

الهجوم الذى ارتد نصله إلى نحر صاحبه، شنه النائب الموقر بمناسبة مناقشة البرلمان لتعديل قانون العقوبات، لتغليظ عقوبة ارتكاب جريمة ختان الاناث، بعد أن دفعت الآلاف من البريئات حياتهن ثمناً، دون ضرورة مقننة.

لست عالماً متفقهاً أو دارساً، لكن أهل العلم أكدوا أن أدلة ختان الاناث ضعيفة لاتصلح للاحتجاج بها، بل أن حديث الختان مروى من أوجه كثيرة، كلها ضعيفة.

كبار العلماء عندما أدلوا بدلوهم كان لسان حالهم أن يقولوا لهذا الذى أفتى بغير علم: خسئت.
الغريب أن أحداً لم يستمع لصوت هذا النائب أو أحد من فصيله فيما يخص أمورا مهمة ناقشها البرلمان على مدى نحو شهرين، بل غابوا عن مناقشة قضايا هزت الرأى العام، وكانت مثار اهتمام بالغ عند كل المصريين!

فى أى عصر يعيش هؤلاء؟

تجديد الخطاب أم تطويره؟

لم تعد الساحة خالية لمن يسيئون باسم الاسلام للاسلام.

مقابل فئة لاتعلم صحيح الدين، ثمة مبادرات تهدف ليس الى تجديد الخطاب الدينى، ولكن تبنى خطاب جديد، تنطلق من مواقع تؤهلها لأداء المهمة على خير وجه.

د.محمد عثمان الخشت من موقعه رئيساً لجامعة القاهرة، واستاذ بارز للفلسفة الاسلامية، يطرح دائماً رؤى تستهدف تطوير العقل الدينى، وربما يجلب ذلك بعض المتاعب، لكنها ضريبة لاغنى عن بذلها.

غير مرة يؤكد الخشت حرص الجامعة على المشاركة فى تطوير العقل الدينى، مبتعداً عن محاولات لاتجاوز وضع القديم فى ثياب جديدة، إلا أن الجوهر يظل بعيداً عن روح العصر.

ربما بحكم التخصص يدعو الخشت بدأب شديد إلى الخروج من المدار الذى ندور فيه إلى مدارات معرفية أخرى مختلفة، هدفها فتح الابواب والعقول للخروج من الدوائر المغلقة.

جرأة تحسب للرجل، وتأتى فى موعدها تماماً، فى ظل إصرار أصحاب العقول المتحجرة الغائبة عن روح العصر ومتغيراته، وما حدث فى البرلمان حول قضية الختان مثال شديد الوضوح فى هذا السياق.

والخشت فى ذلك كله لايبتعد عن الثوابت إذ يرى أن الخطاب الجديد لايكون التمذهب إلا من خلال العودة إلى الوحى الكريم مفسراً السنة الصحيحة، بعيداً عن المذهب والفرق المتصارعة.. ولأن يداً واحدة لاتصفق، أرى اننا بحاجة إلى مائة بل ألف «خشت».

متى تتحول هذه الرؤى المتقدمة إلى عمل مؤسسى مستمر، يقدم انتاجه الفكرى فى المجالات كافة وليس فقط ما يتعلق بخطاب دينى جديد؟

«الوقف» فى ثوب جديد

فى المجتمعات الحية التى تنشد حشد كل طاقاتها من أجل النهضة والتقدم، فإن «نظام الوقف» يلعب ادواراً مهمة فى جميع المجالات لاسيما فى تطوير التعليم، وشبكات الأمان الاجتماعى، والرعاية الصحية و..و..

نظام الوقف فى مصر يحتاج إلى هزة قوية ليستعيد دوره الذى كان ذات يوم فاعلاً متفاعلاً، بفعل المتحمسين لرفده دائماً بروافد جديدة تدعمه وتنمى دوره.

من ثم فإن تقدم الحكومة بمشروع قانون لتنظيم انشاء صندوق للوقف الخيرى، المبادرة التى تدعو للتفاول باستعادة الوقف الخيرى دوره خاصة فى مجالات اقامة ورعاية المؤسسات العلمية والثقافية والصحية والاجتماعية، فمهما بذلت الحكومة من جهود فى اقامة مشروعات خدمية وتنموية، يظل للوقف دوره الداعم جنباً الى جنب مع الخطط الحكومية.

أتمنى أن يخرج المشروع من البرلمان بالصورة التى تعيد الثقة لاصحاب المبادرات الطيبة ممن يوقفون جزء من ثرواتهم لصالح المجتمع، وهم مطمئنون إلى أن ما يهبونه سوف يثمر فى ظل ضمانات تبعد أى شبهات تكون قد احاطت بالاوقاف بسبب فساد أو خراب ذمم.

السمكة أم الشبكة؟

فى طفولتى سمعت هذه القصة البسيطة فى تفاصيلها، العميقة بدلالاتها ومعانيها..أقصد قصة الرجل الذى كان يبحث عن طعامه، ويطلب ان يمنحه أحد الصيادين سمكة ليسد بها جوعه، وحينما تكرر الموقف يوماً وراء يوم، فكر صياد فى عرض يقى الرجل شر السؤال، فقال له:لماذا لا اعلمك الصيد، ثم امنحك شبكة تسعى بها على رزقك.

ولأن مصر معطاءة وولادة فى آن معاً، فقد استوقفتنى مبادرة مبتكرة لبعض الشباب تعيد انتاج القصة القديمة بصورة أروع.

بدلاً من كرتونة طعام سوف تنفد بعد يوم أو أيام، لماذا لا يقدمون ما أطلقوا عليه «شنطة رزق» تساعد الأسر بصورة مستمرة، بدلاً من تقديم طعام لوجبة أو عدة وجبات؟

الفكرة / المبادرة ترعاها «ادارة وقفية المعادي» التى تقدم «شنطة عدة» تشمل ادوات الحرف المهنية والصنعة كالنجارة والحياكة والمنتجات التراثية و...و...

وتعد لبنة مهمة فى تنشيط فكرة الورشة المنزلية، من خلال مشروع صغير يشارك فيه افراد الاسرة الواحدة، وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فلابد ان نتذكر أن جانبا غير قليل من نهضة الصين عبر عقود وإلى اليوم تعتمد على هذه الفكرة.
..................
إذا مددنا الخط على استقامته، ألا نرى رابطاً أو خيطا ولو رفيعا بين طرح د.الخشت لضرورة التغيير عبر الخروج من المدار المتبع إلى مدارات أخرى غير تقليدية، ثم التوجه الحكومى نحو استعادة الوقف الخيرى لعرشه، وتلك الفكرة غير التقليدية التى تبناها مجموعة من الشباب فى إحدى ضواحى القاهرة، ويجدر أن تنتقل إلى كل قرية ومدينة فى المحروسة.