سقف الطموحات

نسرين موافق
نسرين موافق

حالة من التميز تسري بالفطرة في دم أهل المحروسة. 

حالة هي نتاج حضارة مذهلة، يسعون دائما لإثبات جدارتهم بالانتماء إليها و احيائها بكل الصور كما هي حية بداخلهم .

حالة يستعيدونها مع كل حادث جلل يلم بأرضهم ليجتازوه بأريحية شديدة و يتعاملوا معه و كأنهم يتنفسون التحدي، بل لا يشعرون أنهم يفعلون المستحيل حتى يروا نظرة الانبهار في عيون الغير، لينتبهوا أنهم وهم يعملون بإخلاص يصنعون المجد .

مجدٌ لا يسعون إليه كهدف، بل يعتبرونه شيئًا طبيعيا ًو في متناول الإنسان العادي جدا .

 عندما يستعيدون حالة المجد والعزة فهم لا يتقبلون أي مساس بها .

هي حالة تغذيها النجاحات.. فلا يتقبلون أنصاف المواهب أو مستوىً اقل من توقعاتهم .

سقف طموحاتهم يلامس السماء، نعم قد يصيبهم الإحباط، اليأس أو حتى كبوة تطول أو تقصر لكن يظل سقف طموحاتهم بلا حدود.. يعلمون-بل يثقون- أنهم يستطيعون.

يحتفون بكل ما يعيد لهم تميزهم وخصوصيتهم الشديدة.. خصوصية جعلت لكل مناسبة طقوساً و طعماً لا تشعر به إلا على أرضها.. حتى لو حاولت استنساخ الطقوس ومطابقة التفاصيل فمن المستحيل أن تصل للاحساس أو حتى تقترب منه .

و كأن هواءها مع نيلها و تراب أرضها مكونات معادلة كيميائية تتفاعل مع أهلها لينتج عنها عشق ممتزج بالفتنة.

في حضرة تفاصيلها سحر يذهب بعقلك و يأسره، فلا تستطيع أن تشعر بتفاصيل الطقس وأحاسيسه إلا على أرضها. مأخوذًا بكل تفاصيلها على بساطتها الساحرة .

كم أشفق على أي صاحب موهبة من ١٠٠ مليون ناقد ينتقدون حتى اللمحة، يقارنونهم بمن سبقوهم و رفعوا سقف طموحاتنا بأيديهم و على أكتافهم ، ينتقدون كل تفصيلة دون أن يبخسوا المجتهد حقه. بل انهم على قدر كبير من الوعي و الحس الفني.حيث أنهم يقدرون التحسن في الأداء و السعي للإتقان و التقدم .

جمهور قد يتقبل أي عمل،  يقدر مجهود العاملين فيه.. ينتقدهم و يثني على التفاصيل في نفس الوقت، إلا إذا كان عملًا يسيء إلى تاريخهم وأرضهم.

قد يتقبلون حتى الغريب والشاذ عن أعرافهم، لكنهم لا يتقبلون أي مساس أو فكرة غريبة تمس بلدهم و تاريخها .

أرضهم هي العامل المشترك الأوحد بينهم .

 مهما اختلفت انتماءاتهم السياسية، الدينية أو حتى الفكرية مهما اختلفت أعرافهم وعاداتهم. يتقبلون كل ذلك ويتجاوزون عن الشاذ فيه مادام لا يمس أمن هذا الوطن او تاريخه أو صُناعه او رموزه .

هم لا يبحثون بل و لا يعنيهم حرية الإبداع او السياق الدرامي عندما يمس هذا تاريخهم. فهذا خطهم الأحمر الذي لا يستثنون فيه أحد و لا يتعاملون فيه حتى بالعقل.

فلا يمكن أن يغضوا الطرف عن تغيير في المظهر العام أو في الأحداث المثبته فقط لأنه رواية أو عمل فني فهذا العمل سيحفر في أذهان الجميع علي أنه الحقيقة .

كم من مبدع وفنان رفعوه إلى عنان السماء لأنهم قدروا هذه الأرض. سواء كان منهم أو من دولة و ثقافة أخرى. و كم خُسف بغيرهم الأرض لأنهم عموا عن هذه التفصيلة الأساسية .

تقدير الأرض و تاريخها و خصوصيتها تقدير للمتلقي، و خطاب الاستعلاء لا ينتج عنه إلا فرز و تجنيب تلقائي. 

هم قادرون على فعله بمنتهى البساطة .

تستطيع ببساطة أن تملك أهل المحروسة.. فقط تعامل ببساطة و بحب، قدرهم و أحبهم تملك مشاعرهم تلقائياً ، فيعينوك و يقفوا بكل طاقتهم سندًا و عونًا لك ، فهم قد يختلفون في كل شيء إلا في عشقها .