أطفـــــال حول الرسول: عبد الله بن عباس

تلميذ مدرسة النبوة .. عبدالله بن عباس حبر الإسلام

عبدالله بن عباس
عبدالله بن عباس

قبل الهجرة النبوية بثلاثة أعوام، ولد عبدالله بن عباس فى مكة، وهو ابن عم النبى العباس بن عبدالمطلب، وفى سنة ٨ هجرية هاجر مع أبيه إلى المدينة، ولازم النبى عدة سنوات، وروى عنه مئات الأحاديث النبوية.
أحبه النبى كثيراً وأعجب بذكائه وحرصه على طلب العلم رغم صغر سنه، وكان من التلاميذ النجباء فى مدرسة النبوة، وقد دعا له النبى بأن يفقهه الله فى الدين، ويعلمه التأويل، ويزيده الله فهماً وعلماً.


وطوال الفترة التى لازم فيها عبدالله بن عباس النبى صلى الله عليه وسلم جمعتهما مواقف كثيرة، فذات مرة أتى النبى بشرابٍ وكان فى مجلس، فشرب منه النبي، وكان عن يمينه عبدالله بن عباس، وعن يساره أبو بكر وعمر وعدد من كبار الصحابة، فلما شرب النبى الماء قال لعبد الله: هل تأذن لى أن أسقى هؤلاء الأشياخ قبلك؟

 فقال عبد الله: يا رسول الله، ما كنت لأوثر بنصيبى منك أحداً، أى لا يهمنى الماء ما كنت عطشان، لكن كل همى أن أشرب بعدك، فيكون فمى فى المكان الذى شربت منه، وأنال بركة هذا الماء الذى شربت منه، فتله رسول الله، أى أعطاه إياه.


بات عبد الله بن عباس ليلة كاملة فى بيت رسول الله حتى يحفظ طريقة صلاة النبي، لما دخل مع النبى البيت، قال: «افرشوا لعبد الله»، فأتيت بوسادة من مسوح، فقدم رسول الله فنام حتى سمعت غطيطه، ثم استوى على فراشه، فرفع رأسه إلى السماء، فقال: «سبحان الملك القدوس» ثلاث مرات، ثم تلا الآية من آخر سورة آل عمران، ثم قام فبال، ثم استنَ بسواكه، ثم توضأ، ثم دخل مصلاه فصلى ركعتين ليستا بقصيرتين ولا طويلتين، فصلى ثم أوتر، فلما قضى صلاته سمعته، يقول: «اللهم اجعل فى بصرى نوراً، واجعل فى سمعى نوراً، واجعل فى لسانى نوراً، واجعل فى قلبى نوراً، واجعل عن يمينى نوراً، واجعل عن شمالى نوراً، واجعل أمامى نوراً، واجعل من خلفى نوراً، واجعل من فوقى نوراً، واجعل من أسفل منى نوراً، واجعل لى يوم القيامة نوراً، وأعظم لى نوراً».
ويروى ابن العباس أُهدى إلى النبى صلى الله عليه وسلم بغلة، أهداها له كسرى، فركبها بحبل من شعر ثم أردفنى خلفه، ثم سار بى مليا، ثم التفت فقال: «يا غلام، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، قد مضى القلم بما هو كائن، فلو جهد الناس أن ينفعوك بما لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه، ولو جهد الناس أن يضروك بما لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه، فإن استطعت أن تعمل بالصبر مع اليقين فافعل، فإن لم تستطع فاصبر، فإن فى الصبر على ما تكرهه خيرا كثيرا، واعلم أن مع الصبر النصر، واعلم أنَ مع الكرب الفرج، واعلم أن مع العسر اليسر».
وأثنى النبى على ابن عباس قائلاً: «إن حبر هذه الأمة لعبد الله بن عباس».
وعندما بلغ عبدالله بن عباس الثالثة عشرة من عمره، توفى النبي، وواصل ابن عباس رحلته العلمية حتى صار فقيها كبيرا، ولقب بـ «ترجمان القرآن»، وكان الخلفاء الراشدون يستشيروه فى الأمور التى تحتاج إلى تفكير عميق ورأى سديد، وكان الخليفة عمر بن الخطاب يقول له: لقد علمت علما ما علمناه.
توفى ابن عباس بالطائف سنة ٦٨ هجرية.


* خالد السيد