فى الصميم

من يهدر الفرص يتحمل المسئولية

جلال عارف
جلال عارف

يبدو أن رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد صاحب جائزة نوبل للسلام قد أصبح بجدارة أخصائياً فى إشعال الحروب»!!».. قبل أيام قال إن الجيش الإثيوبى فى ظل حكمه يخوض المعارك على ثمانى جبهات بما فيها منطقة «تيجراى» التى اعترف أخيراً -وبعد طول إنكار- بوقوع مجازر جماعية ضد أبنائها أثناء الهجوم الذى شنه عليها بمشاركة قوات من إريتريا، وهى المجازر التى اعتبرتها المنظمات الدولية جرائم ضد الإنسانية، وطالبت بتقديم مرتكبيها والمسئولين عنها للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ووسط هذه الحروب التى يخوضها ضد شعوب إثيوبيا، لا يجد أبى أحمد وسيلة إلا الهروب إلى الأمام بإشعال المزيد من الحروب الأهلية فى الداخل، وإثارة الصراعات مع دول الجوار، والتصعيد فى أزمة سد النهضة مع مصر والسودان، دون تقدير للعواقب، ولا حساب إلا للبقاء فى الحكم والتهرب من مسئولية تحويل إثيوبيا إلى ميدان للاقتتال الداخلى!!
قضايا الداخل الإثيوبى متروكة لشعوبها وما تقرره. لكن الهروب من حروب الداخل بالتصعيد فى أزمة السد وبالاعتداء على حدود السودان الشقيق هو الخطر الذى لا يهدد مصر والسودان فقط، بل يهدد استقرار المنطقة ويفتح الباب على مصراعيه لكى تجتاح حروب المياه وصراعات الحدود كل القارة الإفريقية.. وهو الأمر الذى بدأ الأشقاء فى إفريقيا يدركون مخاطره بعد أن اتضحت حقيقة الموقف الإثيوبى، وبعد أن انكشفت كل الأكاذيب التى روجها ليبرر انتهاكه للقوانين الدولية ورفضه لكل المقترحات التى تضمن الحل العادل والمتوازن الذى يحقق مصالح إثيوبيا فى التنمية ويضمن مصالح مصر والسودان فى الحياة من خلال اتفاق قانونى ملزم لكل الأطراف.
تمضى إثيوبيا فى الطريق الخطأ، ويواصل أبى أحمد جهوده فى الهروب من حروب الداخل «وما يقع فيها من جرائم ومذابح» إلى معارك الخارج.
مصر أعلنت الخطوط الحمراء بعد عشر سنوات من التفاوض العقيم، حتى لا يخطئ أحد فى الحسابات، وحتى تتحدد المسئوليات أمام العالم كله فى قضية لا تحتمل التهاون أو المساومة على حق الحياة.
ستظل مصر «ومعها السودان الشقيق» إلى آخر لحظة تعطى كل الفرص لتفادى الأسوأ، وتأمل فى أن تنجح الجهود السياسية فى إقناع الجانب الإثيوبى بالتوقف عن سلوكه العدوانى لكى يتم التوافق على الحل العادل الذى يضمن مصالح كل الأطراف.
حتى اللحظة الأخيرة ستتواصل هذه الجهود، لكن الخطوط الحمراء واضحة ومعلنة، وكل الخيارات مفتوحة، والوقت لا يتسع للمزيد من المراوغات الإثيوبية. مازالت هناك فرصة، وعلى من يبددها أن يتحمل كل العواقب.