‏علاقات مرهقة 

نسرين موافي
نسرين موافي

‏علاقة كل منا مع نفسه ومع كل البشر تشبه بيت العنكبوت، مركزها علاقتنا بأنفسنا، لتكبر الشبكة وتتفرع وتقترب وتبتعد حسب مكانة صاحبها وصلته والمواقف التي حددت وجوده .

‏علاقات منفصلة ظاهرياً. متشابكة في الحقيقة، فلا يمكن فصل علاقة الإنسان بنفسه عن علاقته بأهله مثلا أو عن شريكه، بل أنه لا يمكن فصل علاقات سابقة كونت حالة داخلية.. فرحاً أو حزناً، خوفاً أو راحة، حتى عن علاقاته الحالية.

‏كل ما تمر به يترك أثرا، حتى البسمة العابرة من غريب قد لا تراه ثانية إذا لمست قلبك تترك أثرا ، بسمة وقعت في قلبك أحدثت حالة من الراحة، تستدعيها في مخيلتك كلما أردت أن تستدعي هذا الإحساس الغريب والممتع في ذات الوقت.

 

‏العلاقات إجمالا مرهقة ، تحتاج لمجهود ، لبذل وعطاء أو حتى لتفكير في الخروج من ورطة أو حتى الانتقام والنسيان .

‏فأي علاقة هي حركة دائبة.. أخذ و رد وكل هذا يستهلك الكثير من الوقت والمجهود في محاولة لوصول هذه العلاقة لحالة شبه راكدة علها تكون هي الاستقرار المنشود ..

 

‏علاقة المرء بنفسه أكثر هذه العلاقات إرهاقا.. فهي الملازم له، علاقة لا فكاك منها الا بفنائه.

‏علاقة لا تصل أبداً - في رأيي - لحالة الاستقرار إلا في حالة امتلاك النفس لزمام العلاقة. فيسير المرء تبعاً لهواه فقط ليريح نفسه وتستقر .

‏غير ذلك يظل الصراع دائراً، أخذاً وعطاءً، رضاءً وسخطاً... فالنفس لا تهدأ ولا تعرف الراحة .. تلوم أو تطلب أو تبحث ولو حتى عن الهدوء والراحة. 

 

‏كلما كانت النفس شديدة التعقيد كلما بحثت بحث التائه الملهوف عن البساطة. فالتعقيد مرهق، والحل في البساطة غير الموجودة غير في الآمال والسعي. الا أن الركون وكف البحث في حد ذاته موت مقنع لهذا تظل في هذه الدائرة. 

 

‏علاقتك مع نفسك مهما حاولت أن تبسطها ستظل مرهقة ، لا تصدق نفسك عندما تدعي البساطة فلا شيء بسيط أنت فقط تتوق للبساطة، فكل شيء يترك أثراً، ندبة أو جرح لا يصنف بسيطاً. 

‏نتوق جميعا لهذه البساطة والراحة ولا نجدها بسهولة والأكيد انها غير دائمة فالنفس متغيرة متجددة تطلب ما تزهد قبلا و تزهد ما تمنت قبل وقت قصير 

 

‏علاقة مرهقة إلى أبعد حد، حلها الوحيد هو الرحمة .. ترحم نفسك لتعلمها أن ترحمك ، لا تحملها ما لا تطيق و لا تترك لها العنان .

‏لا تلومها وتعترف بانك تصيب وتخطيء ، تعترف بأن كل تصرفاتك التي تبدو بلا هدف او اساس لها جذور متأصلة في نفسك ، تحتوي تغيراتها و تتفهمها حتى تعيش مع نفسك في سلام داخلي تواجهها و لا تتصادم معها فهي نفسك و أي حرب معها بلا جدوي فلا انفصال الا بالفناء فتعايش معها فهي باقية طالما بقيت