إنها مصر

رمضان رغم أنف كورونا!

كرم جبر
كرم جبر

فى الأجواء ـ ورغم أنف كورونا − نشتم روائح رمضان، ومصر غير كل بلاد الدنيا تضفى روحها وطقوسها على الأعياد والمناسبات الدينية.

الفرحة والبهجة والسعادة هى مفردات المصريين، فتحول رمضان إلى شهر الجمال الروحى، بالفوانيس التى تغرس المحبة فى نفوس الأطفال والكبار، والكنافة والقطايف وقمر الدين وعرق سوس، لأن رمضان فى مصر غير كل بلاد الدنيا.

كورونا هذا العام لن تعكر صفو فرحتنا بالشهر الكريم، وسنفوِّت الفرصة على الفيروس اللعين من تهديد حياتنا، ولا سبيل إلا الاحتماء بالإجراءات الصحية والبقاء فى المنازل، وألا نستمع لدعاية جماعة الشر، التى تدفع الناس فى طريق التهلكة.

***

مصر هى بلد الأمان لكل البشر والأديان.

هى بلد المصريين الذين منحوا الأمن والحماية للسيدة العذراء والسيد المسيح حين لجأوا إليها هرباً من بطش الرومان، فوجدوها الأمان والقلب الطيب.

ومصر هى التى استقبلت عمرو بن العاص بالبشر والترحاب، فدخلها آمناً ووجد فى أعماق شعبها إيمانا روحيا مستمدا من الخير الذى يفيض به النيل.

اختار من أراد من شعبها المسيحية، ودخل من أراد الإسلام، وعاش الطرفان فى محبة وسلام، وظل أمن البلاد واستقرارها رهناً بمتانة العلاقة بين الاثنين.

امتزجت دماء المسلمين والأقباط بحب هذا الوطن، فدافعوا عنه بكل غال ونفيس، ولم تفرق قنابل الأعداء بين محمد وعيسى، ولا تعرف علامات تميز المسلم عن أخيه المسيحى.

فى حرب أكتوبر المجيدة، أعظم انتصارات العرب، كان عبد رب النبى حافظ قائداً لفرقة عسكرية، بجوار فؤاد عزيز غالى، مصرى مسلم يحارب بجوار أخيه المسيحى، والاثنان يرفعان علم مصر، ويهتفان "الله أكبر"، وسقط شهداء أبرار فداءً للوطن.

تلاحم المسلمين والأقباط هو حائط الصد، الذى تنكسر عليه المؤامرات والفتن والدسائس، ويشاء المولى عز وجل أن تتعانق الأعياد، فى زمن كورونا، ليكون التلاحم عنوانا عريضا هو "أنا مصرى".

***

اللهم اجعل هذا البلد آمناً من كل خوف، فالطمأنينة هى الهواء الذى نستنشقه والماء الذى نشربه، بينما شعوب حولنا تستنشق الدخان وتشرب الدماء.

اللهم اجعل هذا البلد آمناً من أهل الشر، الذين يتربصون بالبلاد، ويستهدفون نشر الخوف والدمار والخراب وكأنهم شربوا ماء النيل سماً وعلقماً.

اللهم اجعل هذا البلد آمناً من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، والتى تجعل بعض من يعيشون فوق أرض الوطن، أكثر غلاً وحقداً من ألد الأعداء والغزاة والسفاحين.

لم يذرفوا دمعة واحدة ولا كلمة اعتذار على شهدائنا الأبرار، واعتبروا قاتليهم من الإرهابيين شهداء يدخلون الجنة، فبأى وجه يتخفى أولياء الإخوان، ويدسون السم فى السم.

لا أدرى ما السبب فى اللعب بأكذوبة المصالحة، وفى ذلك إيحاء كاذب بأن علاج مشاكل البلاد رهن بخروجهم من السجن، حتى فى وباء كورونا، ظهرت أصوات على استحياء تطلب العفو لهم دون سائر السجناء.

حين تختلط الأوراق وتتخفى الميول والاتجاهات، وتتغير المبادئ بلون المسرح، ويرتدى أولياء الأشرار أثواب الناصحين.