إنها مصر

«شلة» أمريكا التى حكمت مصر!

كرم جبر
كرم جبر

أرسلهم الرئيس جمال عبد الناصر فى بعثات تعليمية، للحصول على الدكتوراه فى أمريكا، خلال الفترة من 1961 حتى 1967، وكانوا أفضل مجموعة وثقت العلاقات فى ظل العداء، ووضعوا مصالح بلدهم فى الصدارة.
عاشوا فى أمريكا فى أفضل فترات المد الناصرى، حتى جاءت نكسة 67 فكسرتهم، فتاهوا فى زحمة الحياة، ثم عاودوا الظهور من جديد فى قمة الثروة والسلطة فى البلاد.
أرسلهم عبد الناصر إلى أمريكا وليس إلى الاتحاد السوفيتى، خوفاً من عمليات غسيل المخ وتحولهم إلى بؤر شيوعية، وكان عبد الناصر كارهاً لها، مشفقاً على العقل المصرى من اعتناق أفكارها.
كمال الجنزورى، حصل على الدكتوراه من جامعة "ميشجان"، وكان معه فى نفس الجامعة، رجل الأعمال المعروف إبراهيم كامل، وطبيب الأسنان الأشهر كمال الإبراشى، الذى اعتقله السادات فى أحداث سبتمبر ١٩٨١.
وأسامة الباز كان نجماً للطلبة العرب فى جامعة "هارفارد"، ومعه نابغتان، عالم الاقتصاد إبراهيم شحاتة، والدكتور إسماعيل سراج الدين رئيس البنك الدولى الأسبق ورئيس مكتبة الإسكندرية.
أحمد جويلى وزير التموين الأسبق كان يقود الطلبة اليساريين فى "كاليفورنيا"، ودرس معهم إبراهيم سعد الدين فى نفس الولاية.
عاطف عبيد رئيس وزراء مصر الأسبق كان فى جامعة "إلينوى"، وفوزى هيكل شقيق هيكل حصل على الدكتوراه من "مينيسوتا"، ومعه القطب اليسارى المشاغب الدكتور محمود وهبة، وأستاذ الطب النفسى الشهير الدكتور محمد شعلان فى "ميشجان"، والاستشارى المعمارى صلاح حجاب "نيويورك".
وتعدد أسماء النوابغ: وفيق مشرف نابغة الطاقة الذرية "ميشجان"، وسلطان أبو على وزير الاقتصاد الأسبق "هارفارد"، ويحيى العزبى أستاذ الأدب الانجليزى "كولومبيا".
كان عدد الطلبة المصريين فى ذلك الوقت 1500 طالب، من بين 20 ألف طالب عربي، شكلوا منظمة الطلبة العرب، وكانت المجموعة المصرية تتبوأ دائماً منصب رئيس المنظمة.
والدروس المستفادة كثيرة:
أولاً: مصالح الدول لا تعرف الحب والكراهية، فرغم العداء الشديد بين عبد الناصر وأمريكا، إلا أنه إئتمن العقل المصرى فى جامعاتها.
ثانياً: أرسل عبد الناصر بعثات الهندسة والزراعة والعلوم العسكرية إلى روسيا، ولم يرسل العلوم الإنسانية إلى الكتلة الشرقية خوفاً على العقل المصرى من الغزو الشيوعى.
ثالثاً: كان الطلاب المصريون فى أمريكا مقاتلين من أجل بلدهم، وانتشروا للكتابة فى الصحف الامريكية  للدفاع عن مصر بعد نكسة 67.
رابعاً: لم يظهر ناشط يهاجم بلده أو يدعى عليها كذباً، ولم نر مظاهرة أمام الكونجرس أو البيت الأبيض، إلا وترفع العلم المصرى وتدافع عن عبد الناصر، فعندما تكون الأوطان فى شدة تظهر المعادن النفيسة لأبنائها.
خامساً:  عاد معظمهم إلى مصر، وظلوا يعملون فى صمت، حتى جاءتهم الفرصة، فأصبحوا رجال الثروة والسلطة، وحكموا البلاد لسنوات طويلة.