فى الصميم

المرأة المصرية ومنصة القضاء

جلال عارف
جلال عارف

أخيراً ينفتح الباب لدخول المرأة المصرية إلى العالم الأرحب للقضاء من خلال النيابة العامة ومجلس الدولة. والحقيقة أننا تأخرنا كثيراً فى هذه الخطوة لأسباب واهية لا علاقة لها بالدستور ولاسند لها من الدين الحنيف، ولا توافق بينها وبين تطور المجتمع ومكانة المرأة فى مصر التى جعلت المرأة رمزاً للعدالة منذ آلاف السنين والتى اقتحمت كل الميادين وأثبتت فيها جدارتها وتفوقها.
لم يكن ممكناً أن تبقى المرأة المصرية بعيدة عن منصة القضاء، وهى التى حصلت على حقوقها السياسية مع ثورة يوليو وقبل دول عديدة فى أوروبا  وكل الدول العربية.. ثم دخلت البرلمان وتولت الوزارة قبل ستين عاماً، وأثبتت بجدارتها وتفوقها أنها الشريك الكامل فى مجتمع لا تستقيم فيه الأمور إلا بضمان المساواة الكاملة لكل مواطنيه وفقاً لأحكام الدستور.
ورغم ما حققته المرأة المصرية من خطوات فى هذا الطريق، ورغم وصولها لرئاسة  هيئات قضائية مثل النيابة الادارية، ودخولها إلى المحكمة الدستورية بتعيين القاضية الجليلة تهانى الجبالى، إلا أن الأوضاع فى النيابة والقضاء العام ومجلس الدولة بقيت على حالها!!
ولقد مضت سنوات طويلة منذ أن لجأت الدكتورة عائشة راتب إلى القضاء بعد أن رفض طلبها التعيين فى مجلس الدولة رغم أحقيتها، ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف المطالبة بتصحيح الأوضاع، علماً بأن الامتناع لم يكن يستند الى دستور أو قانون أو أحكام شرعية، بل إلى ما قيل منذ قضية الدكتورة عائشة راتب «عام 1948» إلى عدم الملاءمة لوظيفة معينة كما تراها السلطة الادارية المختصة!!
وطوال هذه السنوات كانت «عدم الملاءمة» للظروف الاجتماعية والعادات والتقاليد هى الذريعة لاستمرار إبعاد المرأة عن القضاء. رغم الإقرار من الجميع بأن حق المساواة هو الأصل بحكم الدستور، ومع الفتوى القاطعة التى وقع عليها شيخ الأزهر والمفتى ووزير الأوقاف عام 2002 بأنه لايوجد نص صريح قاطع من القرآن أو السنة النبوية المطهرة يمنع المرأة من تولى وظيفة القضاء.
الآن يأتى التوجيه الرئاسى بفتح الأبواب أمام المرأة فى النيابة ومجلس الدولة ليؤكد أن كل الظروف ملائمة لنلتزم جميعا بأحكام الدستور، ولتنال المرأة المصرية حقوقها كاملة. ولاشك أن مؤسساتنا القضائية والتشريعية سوف تتعاون لإنجاز هذه الخطوة الهامة فى أسرع وقت.. ومرحباً بالمرأة المصرية فى موقعها المستحق على منصة القضاء.