كيف تعامل الفراعنة مع الشخص «البخيل»؟  

كيف تعامل الفراعنة مع المريض بالبخل  
كيف تعامل الفراعنة مع المريض بالبخل  

رصد الباحث الآثاري الدكتور حسين دقيل الباحث المتخصص في الآثار اليونانية والرومانية خلق الكرم والعطاء في مصر القديمة من خلال نصائح الحكماء مثل الحكيم «بتاح حتب» الذي حذر ابنه من البخل بقوله «إن البخل عيب قبيح وشهوة قبيحة ودعاه إلى العطاء بقوله، كن كريمًا نحو من يثق فيك فمن يدري ربما يأتي الوقت الذي يساعدونك فيه».

ويشير الباحث الآثارى الدكتور حسين دقيل إلى نصائح الحكيم «عنخ شاشنقي» إلى ولده؛ يُحثه فيها على الكرم والعطاء وحب الناس ويحذره فيها من الاهتمام بنفسه على حساب أهله وشعبه؛ فيقول: لا تُتخم نفسك صغيرًا حتى لا تتراخى كبيرًا، ولا تُوقد نارًا لا تستطيع إخمادها، ومن حزن مع أهل بلده فرح معهم، ولا تجعل لنفسك صوتين، وقل الأمر الواقع لكل إنسان، واسمح لمن عمل ما كُلف به بأن يرفع صوته، واعط الشغال رغيفًا تأخذ رغيفين من كتفيه، ولا تُكره إنسانًا لمجرد رؤيته ما دمت لا تعرف حقيقة خُلقه، ولا تكره من يقول لك أنا أخوك، واعلم أن العزلة خير من أخ شرير.

ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا تحذير الحكيم «آني» من البخل والشره وحب النفس فيقول: لا تكن شرهًا في ملء بطنك، وإذا أردت أن يكون خُلقك محمودًا، وأن تحرر نفسك مما هو قبيح؛ فاحذر الشراهة، فإنها مرض مملوء بالداء، ولا تكونن شرهًا في القسمة، ولا تكونن ملحًا إلا في حقك، ولا تطمعن في مال أقاربك.

اقرأ أيضا| حكاية أثر| عقد الأميرة «خنوميت» من مقتنيات المتحف المصري

أما الملك «خيتي» أحد ملوك أهناسيا فيُحث ابنه «مري كا رع» أيضًا على العطاء وعدم الإمساك والتقتير وخاصة مع رعيته وكبار موظفيه؛ فيقول: ارفع من شأن مستشاريك وأغدق عليهم من الثروة ما يكفيهم، حتى يقوموا على تنفيذ قوانينك بالعدل، لأن الرجل الغني في بيته لا يميل مع الهوى ولا يتحيز، إذ يكون عنده من المال ما يغنيه، ولكن الرجل الفقير قد لا يتكلم حسب العدالة، لأن الرجل الذي يقول «ليت لي» لا يكون محايدًا بل ينحاز إلى الرجل الذي يعطيه الرشوة، وإن الرجل العظيم يُعد عظيما عندما يكون مستشاروه عظماء. 

ويتابع الدكتور ريحان من خلال الدراسة نصائح الحكيم «كاجمني» الذى يُحث على الكرم والعطاء ويحذر من البخل والإمساك؛ ولكن في صورة أخرى تتمثل في ذلك العطاء المعنوي الذي يظهر على ملامح صاحبه؛ فيقول: إذا كان المرء غير مألوف العشرة، فما من قول يُفيد فيه، إنه يقطب وجهه أمام من يُحسنون اليه، وهو نكبة على أمه وأصدقائه، وكل الناس تقول عنه إن فمه لا يستطيع الكلام عندما يخاطبه أحد.

في حين نقرأ في رسائل الكاهن «حقا نخت» إلى ابنه الأكبر في طيبة، يوصيه فيها بأخيه الأصغر سنفرو، ويُحثه على إعطائه ما يريد وأن يحقق له رغباته ولا يمنعه من شيء؛  قائلا: إذا لم يكن لسنفرو ما يكفيه معك في الدار فلا تتوان عن إخباري، فقد بلغني أنه غير راض، اعتن به كثيرًا واكفل له مؤنته، وأبلغه سلامي ألف مرة، بل ألف ألف مرة، اعتن به وأرسله إليّ بعد أن تحرث الأرض مباشرة، وقال له أيضا: إذا كان سنفرو يريد أن يعتني بالماشية فدعه يفعل، فهو لا يحب أن يجري معك هنا وهناك في حرث الأرض، كما أنه لا يريد أن يأتي هنا، وعليك أن تمتعه بكل ما يحب.

أما الحكيم «آمون أم أوبي» فيحذر ابنه من الإمساك والتقتير، ويعتبر البخيل مغتصبًا للمال؛ فيقول: لا تكن بخيلًا لأن المال المغتصب ليس فيه متعة لك، وينصحه بالعمل حتى يكون قادر على العطاء ولا يطلب شيء من أحد؛ فيقول: ازرع الحقول حتى يمكنك أن تجد ما تحتاج إليه، وتجني خبزك من حرثك، وإن المكيال الذي يعطيه الرب خير لك من خمسة آلاف تكسبها بالبغي.