«مصر والسودان».. وحدة المصير وحدود تاريخية وجغرافية مشتركة

أرشيفية
أرشيفية

على مر العصور المختلفة، ارتبطت مصر والسودان بعلاقات استثنائية بحكم "التاريخ والجغرافيا"، فالسودان يمثل العمق الاستراتيجي الجنوبي لمصر، كما أن أمن السودان واستقراره يمثلان جزءًا من الأمن القومي المصري.

ومنذ استقلال السودان عن مصر في عام 1956، فإن العلاقات المصرية السودانية كانت تشهد مراحل صعود وهبوط متعددة، ولكن مهما كانت الأحداث أو التطورات في شمال الوادي أو جنوبه، فمهما افترقت السبل، فإنه ليس هناك مفر من العودة إلى التعاون والتفاهم والتنسيق من جديد.

ومع انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي ليصبح رئيسا لجمهورية مصر العربية، كانت العلاقات المصرية مع محيطها العربي على رأس أولوياته، خاصة دول الجوار، ومنها السودان، لذلك دشن الرئيس السيسي مرحلة جديدة من العلاقات مع السودان، سُميت بـ "العلاقات الاستراتيجية الأخوية"، وبدأ ذلك بالزيارات المتبادلة، سواء على على المستوى الرسمي أو الحكومي أو الشعبي، كما ظهر ذلك جليا، في مساندة مصر دائما لإرادة وخيارات السودانيين في صياغة مستقبل بلادهم.

ولأن مصر "30 يونيو" تعتمد على الصدق في أقوالها، كانت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي واضحة للحكومة والأجهزة والأجهزة المعنية، بضرورة العمل على نقل العلاقات المصرية السودانية إلى "علاقة استراتيجية حقيقية" في كافة المجالات المختلفة، وذلك لتحقيق حلم شعبي وادي النيل في التنمية كما وجه الرئيس أيضا ضرورة التعاون والتنسيق  في جميع الملفات محل الاهتمام المتبادل، والدفع نحو سرعة تنفيذ المشروعات التنموية المشتركة، من أجل شعبي البلدين، كذلك التأكيد على الموقف المصري الاستراتيجي الثابت الداعم لأمن واستقرار السودان وشعبه.

زيارة مرتقبة للرئيس السيسي للسودان

يستعد السودان، لاستقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك على رأس وفد رفيع المستوى، لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين القاهرة والخرطوم في جميع المجالات، وتأكيداً على الشراكة الاستراتيجية بين شعبي وادي النيل الممتدة منذ مئات السنوات.

زيارة الفريق محمد فريد للخرطوم

أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية، بيانا في الثالث من مارس الحالي، أوضحت فيه تفاصيل الزيارة  "المهمة" التي قام بها الفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة، لدولة السودان يرافقهُ فيها وفد رفيع المستوى من قادة القوات المسلحة، وذلك في إطار الإجتماع السابع للجنة العسكرية المشتركة المصرية السودانية.

وتناولت اجتماعات اللجنة بحث عدد من الملفات التي تدعم مجالات الشراكة والتعاون بين البلدين، كما أسفرت عن الاتفاق على تعزيز التعاون العسكرى والأمنى بين مصر والسودان خاصة فى مجالات التدريبات المشتركة والتأهيل وأمن الحدود ونقل وتبادل الخبرات العسكرية والأمنية.

واشتملت الزيارة على لقاء الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي السوداني برئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية حيث نقل له تحيات وتقدير الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة مثمنًا العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

كما التقى الفريق محمد فريد، بوزير الدفاع السودانى، ونقل له تحيات وتقدير الفريق أول محمد زكى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى حيث أكد على عمق العلاقات المصرية السودانية باعتبارها علاقات ذات طبيعة استراتيجية تقوم على التعاون لتحقيق متطلبات الحفاظ على الأمن القومي لكلا البلدين.

ثم التقى رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصري، برئيس هيئة الأركان المشتركة السودانية، وتناول اللقاء مناقشة عددًا من الملفات للموضوعات ذات الاهتمام المشترك للبلدين الشقيقين، بما يسهم في التصدي للتحديات المشتركة.

من جانبه أكد رئيس أركان حرب القوات المسلحة أن هناك توافقاً في الرؤى حول كافة الموضوعات التي تهدف إلى تطوير مجالات التعاون بين القوات المسلحة لكل من مصر والسودان، كما أشار رئيس هيئة الأركان المشتركة السودانية إلى أن ما تم الإتفاق عليه خلال اجتماعات اللجنة يعد امتدادًا لإطار التفاهم والتنسيق العسكري لتعزيز العلاقات العسكرية المصرية السودانية.

تأمين الحدود والصناعات العسكرية

في الأول من نوفمبر من عام 2020، قام الفريق محمد فريد، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، يزارة وصفت بـ "الاستراتيجية"، إلى العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك على رأس وفد رفيع المستوى من قادة القوات المسلحة.

حيث التقى الفريق محمد فريد حينها وزير الدفاع السوداني ورئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة السودانية، وناقش الجانبان عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك وسبل دعم علاقات التعاون العسكرى والتدريبات المشتركة ونقل وتبادل الخبرات العسكرية بين البلدين، كما أسفرت المباحثات عن إعداد إطار توافقى تناول سبل تعزيز التعاون العسكري والأمني بين مصر والسودان والعمل المشترك فى مجالات التأهيل والتدريب وتبادل الخبرات وتأمين الحدود ومكافحة الإرهاب والتأمين الفنى والصناعات العسكرية.

أكد وزير الدفاع السوداني على عمق العلاقات التى تربط بين مصر والسودان وتطابق وجهات النظر تجاه التحديات الأمنية التى تواجهها المنطقة، كما أشار رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة السودانية الى أن ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماعات يعتبر نقلة حقيقية فى مسيرة تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

من جانبه أكد الفريق محمد فريد على أهمية تطوير مجالات التعاون بين القوات المسلحة لكل من مصر والسودان ، مشيراً إلى أن هناك توافقا فى الرؤى حول صياغة استراتيجية مشتركة لتحقيق مصالح البلدين الشقيقين، وأن ما تم الإتفاق عليه خلال المباحثات يلبى طموحات البلدين فى الأمن والاستقرار والتنمية.

التدريب العسكري «نسور النيل 1» 

في التاسع عشر من شهر نوفمبر عام 2020، شهد الفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة يرافقه الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة السودانية المرحلة الرئيسية للتدريب الجوى المصرى السودانى المشترك "نسور النيل – 1" الذى جرى تنفيذه بإحدى القواعد الجوية بجمهورية السودان، بمشاركة وحدات من القوات الجوية وعناصر من القوات الخاصة لكلا البلدين .

وتضمنت المراحل الأولى للتدريب إجراءات التلقين وأسلوب تنظيم التعاون لتوحيد المفاهيم وصقل المهارات لإدارة العمليات الجوية المشتركة بكفاءة عالية، فضلًا على تنفيذ العديد من الطلعات المشتركة لمهاجمة الأهداف المعادية وحماية الأهداف الحيوية بمشاركة مجموعة من المقاتلات المتعددة المهام.  

والتدريب كان يهدف إلى تحقيق أقصى إستفاده ممكنه للعناصر المشاركة فى التخطيط والتنفيذ لإدارة العمليات الجوية وقياس مدى جاهزية وإستعداد القوات لتنفيذ عمليات مشتركة على الأهداف من خلال إتباع أنسب الأساليب التكتيكية لتحقيق المهام تحت مختلف الظروف، بما ينعكس على جاهزية القوات الجوية لكلا البلدين ويساهم فى تحقيق الأمن والإستقرار بالمنطقة.

مساعدات طبية وغذائية للسودان

بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإرسال المساعدات الطبية والغذائية، لعدد من الدول الصديقة والشقيقة، وذلك لمواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد "كوفيد - 19"، قامت القوات المسلحة بإرسال الأطنان من المساعدات الطبية والغذائية للسودان، وذلك في تأكيد واضح وصريح على العلاقات الأخوية والاستراتجية لشعبي وادي النيل.

حلم الجنوب

إن الروابط الأزلية التي تجمع شعبي وادي النيل، والترابط التاريخي بين مصر والسودان، ووحدة المصير والمصلحة المشتركة التي تربط بين الشعبين، كفيلة بأنها تعمل على بلورة تعاون جديد في المنطقة العربية وقارة إفريقيا، عنوانها بأن دولتي وادي النيل قادرين على تحقيق الأفضل لشعوبهما.