دولة عربية تقيم «مقاهي ثقافية» داخل السجون لتأهيل السجناء بـ«المعرفة»

برنامج المندوبية العامة للسجون في المغرب
برنامج المندوبية العامة للسجون في المغرب

أصبحت الأنشطة الثقافية أمرا مألوفا داخل السجون المغربية بعدما قررت البلاد إطلاق استراتيجية جديدة في المؤسسات العقابية، وجعلها مكانا لتهذيب السجناء وإصلاحهم وتأهيلهم للاندماج في المجتمع بعد انتهاء فترات الأحكام التي يقضونها .

 

اقرا ايضا|هيكل يُشيد بـ «سينما مصر».. و«جلال» يختبر الدفعة الثالثة بمركز الإبداع

ونظمت المندوبية العامة للسجون في المغرب، الجامعة الخريفية، لتأهيل المساجين، يتبادل خلالها النزلاء القادمون من مختلف سجون البلاد النقاش مع أساتذة جامعيين وخبراء وحقوقيين وفاعلين مدنيين في قضايا متنوعة ذات أبعاد اجتماعية وقانونية وثقافية وحقوقية .

 
وتهدف الاستراتيجية الجديدة التي تنتهجها السجون المغربية، إلى إدماج المساجين في الحياة الثقافية والرياضية والتعليمية داخل السجن من أجل التأقلم مع ظروفهم الجديدة.

 
ويعتبر السجناء أن التواصل المباشر مع أصحاب الرأي والمثقفين والخبراء بمثابة نافذة يطلون من خلالها على ما يقع خارج أسوار السجن من تغيرات على مستوى الأفكار والسياسات، وفرصة "ليستمع إليهم المفكرون والمثقفون، ليشعرون بجدوى وجودهم وقيمهم كمواطنين واستعادتهم الانتماء للمجتمع"، بحسب ما ذكره أحد القائمين على المنتديات الثقافية داخل السجن . 

 
ويؤكد مسئول المنتدى الثقافي، في تصريحات صحفية، أن الفعاليات التي تنظمها المندوبية العامة للسجون، تجعل السجناء يرون العالم الخارجي، وتساعدهم على تطوير ذاتهم وتمنحهم أملا في حياة أفضل بعد الإفراج، حيث يشارك السجناء في كتابة الشعر والزجل والقصة القصيرة لحضور جميع الأنشطة الثقافية داخل السجن .


ويذكر أن فعاليات الجامعة التي تنظم مرتين في السنة، ليست وحدها وسيلة تثقيف السجناء ونشر المعرفة في أوساطهم، بل هناك أنشطة أخرى مثل المقهى الثقافي، وهو أول تجربة أطلقتها الإدارة العامة للسجون وإعادة الإدماج وتقوم على دعوة مثقفين وأدباء وشعراء للسجن لتقاسم إبداعاتهم ومعرفتهم مع النزلاء.

 

وكان الكاتب والروائي ياسين عدنان واحدا من المبدعين الذين استضافهم هذا المقهى الثقافي، حيث قدم ووقع روايته "هوت ماروك"، ويستذكر عدنان تلك اللحظة ويقول عنها إن "آخر مكان يمكن أن يتوقع فيه المرء حفاوة الاستقبال هو السجن، لكن هذا فعلا ما حصل".

 

ويضيف أن الملاحظات والأسئلة التي طرحت عليه في هذا اللقاء الثقافي "كانت جادة وعميقة وأحيانا مربكة، أكثر من عشر مداخلات، المشترك بينها هي أنها صدرت جميعها عن قراءة للعمل، قراءة عميقة تجاوزت الحكاية إلى الخلفيات وأبعاد الشخصيات، وتجاوزت ظاهر الكلام إلى ما وراء السطور، كانت فعلا هذه الندوة من المناسبات النادرة التي شعرت خلالها بأن الحضور كله تقريبا قد قرأ العمل ويناقشه من الداخل، بل ويقف عند أدق تفاصيله".