بودى جارد.. «زعامة» نصف قرن لا تهتز فى 3 ساعات

بودى جارد
بودى جارد

- إيفيهات قديمة ومشاهد مكررة وفقدان عادل إمام للشغف .. أبرز سلبياتها

- هل أخطأ عادل إمام بالموافقة على عرض المسرحية بعد 20 سنة من كتابتها؟

- الزعيم أضاع 11 عاماً من عمره المسرحى فى نص ضعيف

 

في البداية كانت «مدرسة المشاغبين».. تلك المسرحية التي خرجت إلى النور في سنين السبعينيات الأولى، كتابة علي سالم وإخراج جلال الشرقاوي، وبطولة مجموعة من الشباب صاروا نجوم الكوميديا في سنوات عديدة أهمهم بكل تأكيد عادل إمام.


نالت المسرحية من الشهرة ما نالت، وجاءت من بعدها «قصة الحي الغربي» بنفس أبطال المشاغبين، إلا أن عوامل عديدة أوقفتها سريعاً في نهاية السبعينيات خرج عادل إمام من عباءة البطولة الجماعية، وقدم وحده مسرحية أخرى نالت من الشهرة ما نالت وهي «شاهد ما شافش حاجة»، تلك المسرحية التي ظلت تعرض لأعوام عديدة، فيما يؤكد البعض أنها المسرحية رقم واحد في المشاهدات عبر تاريخ المسرح المصري.


كانت فكرة تقديم مسرحية أخرى لعادل مربكة للغاية، ولكنه استطاع أن يجد ضالته في «الواد سيد الشغال» التي صارت أيقونة نجاح هي الأخرى، ليرتدي عادل إمام فيها تاج أهم نجوم المسرح في تاريخه، وذلك للنجاح الساحق الذي نالته المسرحية، أثناء عرضها على خشبة المسرح، أو بعد طرحها على أشرطة الفيديو، ومن بعد ذلك بسنين على الفضائيات.


«الزعيم» هي الأخرى لم تقل شهرة ونجاحاً عن سابقتها، وعن كل المسرحيات التي قدمها عادل، بل بدّل جمهور عادل اسمه باسم «الزعيم»، وأطلق على مسرحه في شارع الهرم اسم مسرح «الزعيم».


إلى هنا والأمر يبدو عظيماً حتى جاءت سنوات الألفية الجديدة. فعادل هو نجم الشباك الأول في السينما، ويسعى لأن يحقق نجاحه هذا في الدراما التليفزيونية عبر عدد من المسلسلات، ويقدم على خشبة المسرح مسرحية بعنوان «بودي جارد».


توقف عادل عن المسرح من بعد «بودي جارد» التي استمرت هي الأخرى سنوات طويلة وصلت إلى 11 سنة، ليأتي هذا الشهر لتعرض المسرحية على إحدى المنصات العربية الشهيرة، وهنا كانت المشكلة.


نالت المسرحية هجوماً كبيراً للغاية على منصات السوشيال ميديا، تحت دعوى أنها «مابتضحكش»، وكانت الأسباب من وجهة نظر المشاهدين المحبين للزعيم «عرض المسرحية بعد تصويرها منذ عشر سنوات، وتغيير الإيفيهات مع تغير الزمن، وتكرار الفنان عادل إمام لمشاهد ولزمات مشهور بها في السابق».


وهي أسباب أو بالأحرى حجج مردود عليها، فمسرحيات نجيب الريحاني وفؤاد المهندس وأفلام إسماعيل ياسين وعبدالمنعم إبراهيم وعبدالفتاح القصري مازال الجمهور يضحك ويتفاعل معها، بل إن أفلام عادل ومسرحياته السابقة خير دليل على هذا الأمر، فالجمهور يتفاعل معها ضحكا، بل وقهقهة أيضاً.

 

أما مسألة السنوات التي قضاها الزعيم في تقديم هذه المسرحية فهي نقطة محيرة، تفتح الباب لجدال كبير، وهو لماذا نجم بحجم عادل إمام يضيع ما يقرب من 30 عاماً من عمره الفني على المسرح في 3 مسرحيات فقط؟، وهنا نقصد «الواد سيد الشغال» و«الزعيم» ثم «بودي جارد».. هل هي حسابات تجارية مضمونة مثلاً؟ أم فقر في الأفكار؟ أم قلة في المؤلفين؟ أم عدم ثقة في الجمهور؟.


هل ملّ عادل إمام نفسه؟. بعد هذه السنوات الطويلة ربما نطرح هذا السؤال، فالزعيم لم يمل طوال حياته في البحث عن ما هو جديد ومختلف .. طريقته في العمل في السينما كانت واضحة للجميع.. هو قدم أعمالاً مضحكة كوميدية في السبعينيات وبداية الثمانينيات ومن أهمها «البحث عن فضيحة»، وأقلها «عنتر شايل سيفه» و«شعبان تحت الصفر».. لكنه فاجأ الجمهور بأعمال جادة ومبهرة على المستوى الفني والأدائي والتمثيلي، فقدم «المشبوه» و«حب في الزنزانة» و«الحريف» و«الغول».

لكنه عاد من جديد إلى بوصلة الجمهور الضاحك فقدم له عدداً من الأفلام منها «حنفي الأبهة» و«جزيرة الشيطان» و«بخيت وعديلة»، قبل أن يبحث في أوراقه عن ضالته المتوازنة مع وحيد حامد وشريف عرفة ليقدم معهم أهم أفلامه «اللعب مع الكبار» و«الإرهاب والكباب» و«طيور الظلام» و«النوم في العسل»، قبل أن يعود إلى الكوميديا من جديد في أفلام بسيطة التناول مثل «الواد محروس بتاع الوزير».

 

بعد «عمارة يعقوبيان» تشعر أن عادل إمام فقد الشغف، أو مل ليس من الفن، بل من النجاح أيضاً، ظهر هذا في أعماله التليفزيونية، ولكن المفاجأة أنه ظهر على المسرح.  

 

المسرح الذي لا يرحم في مسألة فقدان الشعف، فالتعامل هنا مباشر، بين النجم وبين الجمهور، لا من وراء كاميرات أو مكياج. ظهر الزعيم في مسرحية «بودي جارد» كممثل يؤدي نفس المهمة طيلة 11 عاماً، يقدم نفس ما كان يقدمه في أعماله السابقة، جمل وتعبيرات وحركات مكررة، من أول نظرة العين ورفع الحاجب، إلى الألفاظ، كوسيلة سهلة لتحقيق مكاسب سريعة من الضحك والتصفيق، بدون بذل أي مجهود يليق بكوميديان عظيم مثل عادل إمام.

هل المسرحية قديمة؟. في جزء من المسرحية، يقول أدهم (عادل إمام) إن هناك سيدة اتهمته بأنه تحرش بها، وعلّق: (فاكراني كلينتون) في إشارة إلى الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون الذي أتى من بعده 4 رؤساء جمهوريات لأمريكا (بوش الابن وباراك أوباما ودونالد ترامب والآن بايدن)!.

هنا الزعيم يتحدث عن فضيحة الرئيس الأمريكي كلينتون مع مونيكا لوينسكي، في سنة 1998، وهو حادث ربما لا تعرفه الأجيال الجديدة، أجيال المنصات، الذي ولد أغلبهم ما بعد الألفية الجديدة (عمرهم الآن 22 عاماً أو أقل)، بالتأكيد من يستمع من هؤلاء إلى هذه الجملة لن يفهم «الإيفيه» المرتبط بحدث أو «ترند» مثلما يقول الجمهور الجديد المتابع للسوشيال ميديا.


هل أخطأ الزعيم بالموافقة على العرض؟.. سؤال يوجه لعادل إمام شخصياً، وأعتقد أن السؤال الأهم هو لماذا قبل عادل إمام هذه المسرحية تحديداً؟، وهي أضعف مسرحياته على مستوى الكتابة تحديداً، بل هناك تكرار حد التماثل بين ما قدمه فيها وما قدمه في مسرحيات أخرى، مثل مشهد المحاكمة ومشهد غرفة النوم وغيرها.


«بودي جارد» مدتها 3 ساعات، ولكن السؤال يبقى هل تهز تلك الساعات الثلاث عرش نصف قرن كامل من الزعامة، على الرغم من تحقيقها أكبر نسبة مشاهدة على المنصة؟.. الإجابة بالتأكيد لا، فعادل إمام أهم آلاف المرات من «بودي جارد».