كتبت - نسرين موافي
نتداول مقولة أرسطو أن " الإنسان كائن اجتماعي " كمسلمة من المسلمات الكونية، و هي حقيقة..لكن الحقيقة الأدق أن الأنسان " الطبيعي " كائن اجتماعي .فالمصابون بالاكتئاب و المحملون بالأعباء و المشبعون بالهموم و غيرهم من المرضى بأمراض هذا العصر يفضلون دائما العزلة .
و يتحرك مؤشر تحسن حالتهم المزاجية و الصحية بعودتهم لحياتهم الاجتماعية ثانية للتعاطي مع غيرهم من البشر على جميع المستويات .
و لأن علاقة الأنسان بغيره شديدة الحساسية ، شديدة التأثير عليه ، فإنها تحتاج للكثير من الحذر و التأني دون أن تخلو من المجازفة ايضا و ان كانت لابد ان تكون هذه المجازفة علي الاقل بحد ادنى من الحسابات .
حقيقة لا اجادل فيها معظم البشر و قد اكون منهم.. مبهرين من الخارج ، الجميع جميل من علي البعد ، و من علي مسافة آمنة .
الكثير ذو مقام و هيبة حتي تقترب فتجد ما تتمني أو ما تخشي ، قد تجد الكذب او الخسة بدلا من الشهامة ، و قد تجد الضعف أو الجبن فيمن توسمت فيه القوة و العزة ، و العكس صحيح فقد تخاف و تحذر من يمتلك قلب من الالماس نادر الوجود إلا أنه لا يصدر عن نفسه كلمات ، فقط أفعال تري فيها كل معاني الرجولة
الكثير منا يصدق ما يُصدره الانسان عن نفسه و كثير من البشر بارعون في تسويق أنفسهم بارعون في الكذب و تصديق كذبهم بل و العيش فيه .
أنا من أنصار ان تقترب ... اقترب مِن مَن تتوسم فيهم الشبه بروحك ، اقترب بحذر ، ببطء و بتأني .
اقترب و جازف لكن راقب ما تجازف به فلا تجازف بنفسك ، بقلبك ، بغالٍ عندك فقط اقترب اكتشف لعل ما ستكتشفه يكون هو أعظم كنوزك .
اقترب دون اندفاع حتي لا تندم علي خطوة غير محسوبة أو علي شخص خطأ .
معظم من ستقترب منهم ستصطدم بحقيقتهم فهذه طبيعة الأشياء ، المعادن الثمينة نفيسة و هكذا هم البشر المميزون
فحضر نفسك للصدمة لانها حقيقة و لكن لا تجعلها عادتك و لا تجعل الحقيقة تثنيك عن ان تعرف ...فستجد الذهب حتماً وسط ركام البشر الذين لا طائل منهم غير الأذي .
و تذكر دائما أن معرفة الناس كنوز و باقترابك للمعرفة ستقترب حتماً من كنزك .
تذكر و أنت تقترب أن لا أحد مثالي لا أحد بريء كل من عاني من الظلم أو الخذلان مارسه يوماً علي غيره و لو بدرجة أبسط فعامل الناس علي قدر انسانيتهم و لا تحملهم فوق طاقاتهم ... تقبل بشريتهم و بشريتك فهي سر تميزنا
اقترب و اكتشف و دع غيرك يقترب و يكتشفك فأنت في النهاية كائن اجتماعي لا يحتمل العزلة الكاملة