فى الصميم

نتنياهو ينتظر.. ويقرأ الرسائل!!

جلال عارف
جلال عارف

نفى البيت الأبيض أن يكون هناك تعمد من جانب الرئيس الأمريكى بايدن لرئيس وزراء إسرائيل. قالت المتحدثة باسم الرئاسة الأمريكية أن الاتصال سيحدث قريباً، وإن كانت لم تحدد موعداً.

يحدث ذلك بعد ثلاثة أسابيع من تولى «بايدن» للرئاسة الأمريكية، وبعد أربع سنوات من رئاسة ترامب الذى قدم لإسرائيل، ولنتنياهو شخصيا، كل ما يمكن ولا يمكن من خدمات على حساب الحق الفلسطيني.

كما يحدث ذلك فى ظل ظروف بالغة التعقيد بالنسبة لنتنياهو الذى يخوض معركة انتخابية صعبة يعنى الفشل فيها احتمال أن يدخل السجن بتهم الاحتيال والفساد التى بدأت إجراءات المحاكمة بشأنها. ولا شك أن صعوبة الموقف تزداد حين يفقد نتنياهو ما كان سلاحه الأساسى فى الانتخابات السابقة وهو أنه الرجل الذى يحصل من الرئيس الأمريكى على كل ما يريد!!

بالتأكيد سيكون هناك "اتصال قريب" من الرئيس بايدن كما أعلن البيت الأبيض. فالعلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل أكبر من الأشخاص، وعدم التواصل مع نتنياهو لم يمنع الاتصالات المستمرة بين كبار المسئولين فى الجانبين على مستوى وزراء الخارجية والدفاع والمسئولين عن الأمن القومى. والظروف التى تمر بها المنطقة والمراجعة التى تقوم بها الادارة الأمريكية لسياساتها نحو الشرق الأوسط تستدعى أن يكون البيت الأبيض حاضراً بقوة لدعم دور أمريكى فاعل مازالت معالمه الرئيسية لم تكتمل بعد.

ومع ذلك فإن نفى «التجاهل» من جانب البيت الأبيض، لا ينفى أن هناك انتظاراً لأن تصل الرسائل واضحة إلى نتنياهو. والرسائل هنا عديدة وأولها أن علاقات التحالف الدائم بين واشنطون وتل ابيب تتجاوز الأشخاص، وأن الدعم الأمريكى لاسرائيل قائم ومستمر لكنه لا يعنى تبنى أجندة نتنياهو أو رهن السياسة الأمريكية لتحقيق برنامج اليمين الاسرائيلى الذى يدمر فرص السلام الحقيقى ويضر حتى بالمصالح الأمريكية نفسها، والذى يسعى بكل الوسائل لأن تكون الحرب هى الخيار الوحيد أمام واشنطون بشأن الملف النووى الإيرانى، والذى يريد تسخير كل إمكانيات أمريكا من أجل "تصفية" القضية الفلسطينية بدلا من الحل العادل لها.

بالتأكيد لن يتأخر كثيراً الاتصال بين بايدن ونتنياهو. لكن الأخير سيكون عليه أن يستوعب الإشارات التى وصلت من واشنطون حتى الآن ومنها التأكيد من جديد على حل الدولتين وعلى عدم شرعية الاستيطان، ومنها الشروع فى إعادة التواصل مع منظمة التحرير وإعادة مكتبها فى العاصمة الأمريكية وفتح القنصلية الأمريكية فى القدس العربية المحتلة. ثم عدم الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السورية، وإدراك أن اسرائيل ستظل حليفاً أساسيا لأمريكا، لكن القرار الأمريكى بشأن قضايا المنطقة لن يكون انعكاساً لسياسات أقصى اليمين الإسرائيلي.

ليست المشكلة متى يتم الاتصال الذى ينتظره نتنياهو من بايدن. المشكلة أن تكون الرسائل قد وصلت، وان يستوعبها نتنياهو، وهو أمر ليس سهلا بأى حال من الأحوال!!