عندما قرأتُ تأبينى.. !!

خالد القاضي
خالد القاضي

لا تندهش عزيزى القارئ.. نعم هذه حقيقة وليست دعابة أو عبارة جاذبة للانتباه لعنوان يومياتى!! بل هى حقيقة واقعية..

والحكاية أننى قرأتُ عبارات تأبينى على جروب واتس آب، يجمعنى مع بعض الأصدقاء الأعزاء من مصر ودول عربية شقيقة؛ ظنًا من أحد أصدقائى أننى قد غادرتُ الحياة، بل نَسَخَ "screen shot"، لإحدى فقرات مقالاتى التى تدعو للتفاؤل، واستبطن معانيها ومراميها، لصياغة عبارات فى قمة الروعة ستظل شاهدة على مكانتى فى عقله وفكره .

فقال نصًا: "لا تشعر بالفقد لأى عزيز حتى يُقال ماتَ عزيز، ولا تُحس بالقيمةِ والنعمةِ إلا بفقدها.. الدنيا هى دنيا، والبقاء لله وحدَه"، وأضاف فى رسالة التأبين المرسلة لزملاء الجروب؛  حدّثَنَا )اللى هو أنا يعنى( فى مقالِه عاليه، عن التفاؤل، وتجديد الأمل، والثبات على القيم والمبادئ والسلوك الحميد .. مختتمًا رسالته التأبينية: "إنها وصيةُ مودعٍ، فهل نتفكر ونتعض "أى نتعظ ولكن بمفردة غير مصرية؟..  ومن ثم توالت رسالات التأبين والفقد والوداع!!!

وقد استدرك الأمر هذا الصديق العزيز عندما أخبرتُه بأننى مازلتُ "حيًا"..

)س( ينعى )س(

حين رويتُ تلك الواقعة لصديقى الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ محمد درويش مدير تحرير الأخبار والمسؤول عن مقالات الرأى واليوميات؛ فوجئت به يقص عليا نبأ )س( الذى كان كاتبًا صحفيًا مرموقًا بالأخبار، وقد كتب فى مقاله ينعى زميلة صحفية متميزة بالأخبار هى )س( كذلك، ظنًا منه أنها قد فارقت الحياة، وحين مراجعة الاسم بالكامل فوجئ المختصون بأن النعى يتعلق بهذه الـ )س( وأنها لازالت على قيد الحياة!!! حيث تشابه الاسم على الكاتب لأن زميلة أخرى تحمل نفس الاسم لقيت حتفها فى حادث سير، فتدراكو الموقف ولم يُنشر المقال، موضحين للكاتب الكبير هذا اللبس فى الاسم، و)عدِّت على خير( بفضل الله.

عبرة وعظة

لم يكن يدر بخلدى يومًا ما أن أشهد لحظة وفاتي، وماذا يقوله عنى الآخرون.. وكانت التجربة ثرية ولا شك.. فقد استعرضتُ نيفًا وخمسين عامًا هى عمرى الآن.. منذ مولدى فى أعقاب نكسة 1967.. وشهدتُ انتصار أكتوبر 1973 وكنت مازلتُ طفلا فى أولى ابتدائي.. وتمضى بى الحياة الدراسية فى المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية.. وتصل لمحطة الجامعة حيث الأحلام والتخطيط للمستقبل.. وحين تخرجتُ شعرتُ بأن ميلادًا جديدًا لمسيرتى قد بدأ؛ فى العمل فالزواج فى سن مبكرة للغاية، ثم الأولاد )وما أدراك ما الأولاد(..

حتى كهولتى واقترابى الآن من مرحلة الشيخوخة.. فالرحيل المحتوم.. وها أنا أستقبل نبأ وفاتى وأقرأ تأبينى فى غمرة أحداث مأساوية متكررة لا تنفك أخبارها تقرع الآذان.. ودموع تملأ المآقي.. وأحزان تسكن القلوب..

وتبقى العبرة والعظة للكافة وهى أن الحياة يمكن أن تنتهى فى لحظة.. فاحرص على أن تترك للآخر ذكرى طيبة.. ولسانا عفّا.. ومواقف نبيلة يتداولونها عنك.. ومناطُ هذا ولازِمُه هو طاعة الله عزوجل.. فهى الطريق الأوحد لكل الفضائل.. امتثالا لأمر الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم "قُلْ: آمَنْتُ بِاَللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ... ولكن هل من مُدَّكِر؟؟!!

يحدث فى مجلس النواب الآن

فى سابقة أعتقد أنها هى الأولى من نوعها منذ نشأة النظام البرلمانى فى مصر قبل نحو نيف ومائة وخمسين عامًا، وفى مستهل دور انعقاده الأول من الفصل التشريعى الثانى فى ظل دستور 2014، وفى باكورة أعماله الشهر الماضى يناير 2021، استحدث مجلس النواب تقليدًا برلمانيًا جديدًا، يتعلق بدوره الرقابى، وذلك بمناقشة رئيس الحكومة وكل الوزراء تقريبًا، للوقوف على مدى التزام الحكومة بتنفيذ برنامجها "مصر تنطلق 2018−2022"، والذى سبق أن مُنحت الثقة بموجبه، فى جلسات جادة وهادفة وواقعية..

هدفها مشاركة نواب الشعب لوزراء الحكومة )لإسعاد المواطن(.

سابقًا.. كان رئيس الوزراء )فقط( يلقى بيان الحكومة أمام البرلمان، ثم تتشكل لجنة للرد على بيان الحكومة، وإعداد تقرير بهذا الشأن يُعرض على الجلسة العامة للمجلس لمناقشته من النواب، وفى نهاية المناقشات يتم منح الثقة للحكومة من عدمه، وقد يقتضى إعداد التقرير طلب استيضاحات أو بيانات من بعض الوزارات، وهو ما شاركتُ فيه بنفسى سنين عددا فى أوائل الألفية الثانية ؛ سواء إبان عملى بقطاع التشريع بوزارة العدل ومساهماتى فى لجان مجلس الشعب، أو عملى مستشارًا تشريعيًا لرئيس مجلس الشعب ومركز البحوث البرلمانية منتدبًا من القضاء طوال الوقت، وهو ما أتاح لى فرصة نادرة داخل المطبخ البرلمانى.

وقد توقف هذا البيان فترة حل مجلس الشعب، فى أعقاب أحداث يناير 2011، وكنتُ حينها رئيسًا للأمانة الفنية للشؤون التشريعية والاتفاقيات الدولية بمجلس الوزراء والذى آلت إليه اختصاصات مجلس الشعب، وفق النص الدستورى الحاكم وقتئذ، وبحكم هذا الواقع الدستورى توقف الدور الرقابى على مجلس الشعب المنحل، وخلالها عدتُ لمنصة القضاء الشامخة.. ومن بعدها تم انتخاب مجلس الشعب.. وبدء أعماله فى يناير 2012 .. واستمر لعدة شهور فقط حين قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلانه فى 14 يونيو 2012.

ولم أشارك منذ نهاية ندبى عام 2011 − وقبل بداية عمل برلمان 2012 − فى ثمة أعمال برلمانية داخل البرلمان حتى اليوم، وإنما وجهتُ وجهى شطر البحث والدراسة والتأمل فقمتُ بدور الباحث والمراقب والمحلل للمشهد البرلمانى من خلال كتاباتى ؛ فأصدرتُ عام 2014 كتاب الوعى البرلمانى فى ثلاث طبعات بالهيئة العامة للكتاب وقصور الثقافة ودار النهضة، وكتاب الانتخابات البرلمانية مصر 2020 قبل شهور قليلة، فضلا عن عشرات المقالات، والدراسات التى شاركت بها فى مؤتمرات وندوات متنوعة.

إذن ما يحدث فى مجلس النواب الآن.. يعد تطبيقًا متميزًا وفريدًا للدور الرقابى للمجلس بهذه المنهجية الرائعة، والموضوعية الفاعلة، والإدارة الواعية، سيما أنه يأتى فى بداية عمل المجلس، والتى تابعناها نحن المواطنون عبر موجز الجلسات بالإعلام ومواقع التواصل، أو الموقع الالكترونى لمجلس النواب، فى مشهد حضارى ديمقراطى رفيع، يستحق الإشارة والإشادة.

دقيقة فقهية

أتابع −بشغف− تلك الدقيقة الفقهية التى أبدعها الصديق العزير − الفقيه المستنير، فضيلة الدكتور مجدى عاشور مستشار فضيلة العالم الجليل الأستاذ الدكتور شوقى علام مفتى الديار المصرية، والتى تُذاع على إذاعة القرآن الكريم، وهو برنامج مهم للغاية ومبتكر فى فكرته وأدائه، يتناول سؤالاً فقهيًا والإجابة عليه خلال دقيقة واحدة وذلك على مدار الساعة، وهى تعد أنموذجًا عصريًا لتجديد الخطاب الدينى الذى يؤكد عليه دومًا فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى.

وحين التقيتُ فضيلة المفتى الأسبوع الماضى بمكتبه لتسليمه نُسخًا من كتابه الأحدث الصادر عن موسوعة الثقافة القانونية والتى أتولى الإشراف العلمى عليها بالهيئة المصرية العامة للكتاب، فوجئت بهذه الدقيقة الفقهية بين دفتى كتاب أهداه لى مؤلِّفه فضيلة الدكتور مجدى عاشور والذى حضر اللقاء.

وأخبرنى فضيلته أن هذا الكتاب هو الجزء الأول من خمسة أجزاء عبارة عن سِفْر موسوعى مُدَقق ومُبسَّط، ويتناول هذا الجزء الأقضيةَ الفقهية التى تعالج أدران المجتمع وشواغل الناس المتعلقة بالعبادات، وذلك فى يسر وسهولة وفهم عميق لصحيح الدين، وغايات الشريعة الإسلامية السمحة، وإدراكًا لمقاصد الشرع الإسلامى الحنيف، وهو ما يطلق عليه "فقه المقاصد".

وفى اتصال هاتفى قبيل كتابة يومياتى تلك بالأخبار الغراء، زفّ إليَّ المؤلف خبر قرب صدور الجزء الثانى من الكتاب ويتعلق بالمعاملات المالية والبنوك..

وقد طالبتُه بنشر الكتاب على التوالى بأجزائه الخمسة على مواقع التواصل الاجتماعى مجانًا لجميع المستخدمين، زكاة عن علمه.. وتحقيقًا للاستفادة القصوى من توثيقها ونشرها.. فقابل طلبى بكل ترحاب وسعادة.. اللهم اجعله فى ميزان حسناته واجزه عن كل سامعٍ لبرنامجه، أو قارئ لكتابه خير الجزاء..إنه سميع مجيب.

تساؤلات حائرة

- متى يتفرغ المجتمع للعمل فقط.. ويُقَدِّس قيمة الجدية والمثابرة.. ويبتعد عن السلبية والتواكل والهدم؟

- هل يدرك الشباب أن مصريتهم هى مصدر فخرهم وعزهم وشرفهم.. وأنهم هدف للخونة والمتآمرين؟

- أين يكمن سر المعبد، فى كتاب ثروت الخرباوى؟ وما هو الطريق لوعى المجتمع لمواجهة الفكر المتطرف؟

- كيف نتفق على آداب الحوار − رغم الاختلاف − ونحترم كافة الآراء متى بُنيت على حيثيات مقنعة، وأدلة موثقة؟

- لماذا يعيش العالم حالة من الهلع والفزع والرعب لفيروس نعلم جميعًا أنه لا مناص من تجَنُبِه.. سوى بالتضرع إلى الله؟

تهنئة واجبة لجريدة الأخبار

أُهنئ جريدة الأخبار الغراء برئاسة الصحفى الفذ الأستاذ خالد ميرى وأسرة التحرير لاستحداث صفحات مبتكرة وفريدة وفى إخراج فنى بديع، بما يُعيد إلى ذهن القارئ أيام الزمن الجميل ممزوجة بمواكبة الحداثة واهتمامات الناس فى أبهى صورها.

ويبقى القانون..

تنص المادة )136( من الدستور: "لرئيس مجلس الوزراء، ونوابه، والوزراء، ونوابهم حضور جلسات مجلس النواب، أو إحدى لجانه، ويكون حضورهم وجوبياً بناء على طلب المجلس".