حريات

الكرباج

رفعت رشاد
رفعت رشاد

الكرباج الذى أعنيه ليس − السوط − بالمعنى الحرفى للكلمة إنما تعبير مجازى يطلق على زعيم الأغلبية فى البرلمان. الكرباج صاحب الدور الأكبر فى تسيير أعمال البرلمان وضبط الأداء ولابد أن يكون لديه الرؤية والخبرة للتحكم فى قيادة دفة المناقشات. كما لابد أن يملك من مقومات الزعامة ما يسمح له بالسيطرة على النواب ما يجعلهم يستجيبون لتعليماته وأوامره.

خلال وجودى كمحرر لجريدة الأخبار داخل مجلس الشعب عاصرت عددا من "الكرابيج" أشهرهم كمال الشاذلى الذى بنى مجده السياسى من قدرته الفائقة على التحكم فى التيارات الحزبية داخل القاعة. عرفه الناس بشكل عام من خلال متابعة أدائه على شاشة التلفزيون وقت أن كانت الجلسات تذاع كاملة. كان يحرك مشاعر وأصوات النواب بالتحكم فى نبرات صوته وأحيانا بإشارات من يديه أو من خلال كلمات متفق عليها بينه وبين نواب حزب الأغلبية ومرات كان يدير القاعة بحاجبه وكثيرا ما كان يقاطع المتحدثين لو لم يكن هو المتكلم أو ينهر الذين يريدون التشويش على حديثه. كان الشاذلى قادرا على توزيع أدوار نوابه بحيث لا يجرؤ من يعارضه على مقاطعته أو الاجتراء عليه.

كان كمال الشاذلى يضفى نوعا من الاستمتاع بمتابعة المناقشات داخل البرلمان لما لديه من حرفية الخطابة وخبرة طويلة داخل المجلس على مدى 12 فصلا تشريعيا و47 عاما منتخبا لم تفُته دورة واحدة. بعد أن تم تعيين الشاذلى وزيرا لشئون مجلس الشعب وقع الحزب الوطنى الحاكم فى حيرة بشأن اختيار خليفة له ، فمن الذى سيملأ فراغا تركه الشاذلى !! لذلك تم اختيار أربعة يمثلون الأغلبية ويتحدثون باسمها ، وربما كان ذلك نوعا من الاختبار لهؤلاء الأربعة وكان منهم المخضرم أحمد أبو زيد نائب الإسماعيلية العتيد والخلوق المهندس محمد محمود على حسن والكادر السياسى د. عبد الأحد جمال الدين وفى نهايات عصر الحزب الوطنى جاء آخرون ، لكن لم يفلح أحدهم فى ملء الفراغ الذى تركه الشاذلى الذى صار وزيرا.

لابد للكرباج أن يكون قياديا متميزا وصاحب خبرة ورؤية خاصة لو كانت سفينة البرلمان تعبر منطقة رياح عاتية.